الثروة والأمن يجتذبان شركات صناعة السيارات إلى باكستان

الثروة والأمن يجتذبان شركات صناعة السيارات إلى باكستان

عندما ذهب نعيم خان إلى وكيل السيارات المحلي الموجود في كراتشي لاستبدال سيارة الأجرة الخاصة به التي بلغت من العمر خمس سنوات، لم يكن يتوقع أن يغادر المكان بسيارة جديدة مكيفة بدلا من تلك.
بعد الحصول على حزمة تمويل كانت السيارة الجديدة أرخص مما توقع. أصبح خان واحدا من عدد متزايد من الباكستانيين الذين اشتروا في الآونة الأخيرة مركبات لم يكونوا يتخيلون أن بمقدورهم اقتناءها إلا في الأحلام.
ارتفاع المبيعات في البلاد دفع ثلاثا من شركات صناعة السيارات العالمية إلى الالتزام خلال الأشهر القليلة الماضية ببدء إنتاج السيارات في باكستان، ما يحتمل أن يضاعف عدد شركات صناعة السيارات الأجنبية في البلاد. يقول خان: "أخبرني الوكيل بأن ذلك هو الوقت المناسب للحصول على قرض من أجل شراء السيارة. لو جئت إليه قبل خمس سنوات لكان طلب مني شراء سيارة مستعملة أو ركشة، لكن اليوم يمكنني تحمل مصاريف شراء سيارة جديدة".
لا تزال سوق السيارات في باكستان صغيرة، وتقع تحت سيطرة ثلاث علامات تجارية يابانية لديها مصانع محلية، هي تويوتا وهوندا وسوزوكي. ووفقا لاتحاد شركات تصنيع السيارات في باكستان، أنتجت الشركات الثلاث جميع السيارات المصنعة محليا عام 2015/2016، باستثناء سبع، على الرغم من أن الأرقام تشكل فقط جزءا من إجمالي مبيعاتها العالمية.
يقول محللون إن الشركات المصنعة في الماضي كانت مترددة في دخول باكستان بسبب حالة الفقر النسبي التي كانت تعانيها البلاد، إضافة إلى عدم الاستقرار السياسي والمخاوف المتعلقة بالأمن. لكن في الأشهر القليلة الماضية أعلنت شركة رينو الفرنسية وكل من "هيونداي" الكورية الجنوبية وشركة كيا التابعة لها، أنها ستبدأ قريبا أعمال تجميع السيارات في باكستان، بالشراكة مع شركات محلية. ويمثل هذا عودة لكل من شركة كيا وهيونداي، اللتين غادرتا البلاد في العقد الماضي عندما عانى الشريك المحلي مشاكل مالية. ويجري اجتذاب الوافدين الجدد والعائدين إلى البلاد بسبب عوامل عدة. العامل الأول هو حجم السوق المحتمل في بلد يبلغ عدد سكانه 200 مليون شخص، إضافة إلى معدل النمو الفعلي. ففي عام 2012/2013 باعت شركات صناعة السيارات 118830 مركبة في باكستان. وبحلول عام 2015/2016 ارتفع الرقم 52 في المائة إلى 181145 مركبة. وبحسب المحللين، هذا الارتفاع جعل كلا من تويوتا وهوندا وسوزوكي تعاني في سبيل تلبية الطلب، واضطر الزبائن في بعض الأحيان إلى الانتظار فترة يمكن أن تصل إلى خمسة أشهر قبل أن يتسلموا سياراتهم.
يقول يونج سون، المدير العام في مجموعة هيونداي: "بسبب عدد السكان والنمو الجيد، باكستان تبشر بالخير إلى حد كبير". وامتنعت شركة رينو عن الحديث حول خططها، في الوقت الذي تجري فيه مفاوضات مع شركاء محليين.
جزئيا، يعزى ارتفاع مبيعات السيارات إلى تحسن الوضع المالي لدى الباكستانيين. ففي الفترة بين عامي 2010 و2015 ارتفع الدخل السنوي للفرد من 4370 دولارا إلى 5320 دولارا، مقيسا بحصة الفرد من الدخل القومي الإجمالي بحسب معادل القوة الشرائية. ويتوقع أن يستمر هذا الاتجاه الذي يستفيد جزئيا من خطط الصين لاستثمار ما يزيد على 52 مليار دولار في البنية التحتية لباكستان، في إطار مشروع "حزام واحد، طريق واحدة". ونتيجة لذلك تتوقع شركة هيونداي أن تصل مبيعات السيارات في باكستان إلى 300 ألف مركبة سنويا بحلول عام 2020. ويرى المحللون أن الأمر المهم بالقدر نفسه هو الانخفاض المقابل في أسعار الفائدة. فمنذ أيلول (سبتمبر) 2000 انخفض المعدل الذي تستطيع المصارف بموجبه الاقتراض من البنك المركزي في باكستان من 13 في المائة إلى 6.25 في المائة.
يقول سليم ميمون، الذي يبيع صفقات تمويل لشراء السيارات في وسط كراتشي: "قبل بضع سنوات كان الزبائن يدفعون أحيانا 16 أو 17 في المائة من أسعار الفائدة السنوية. الآن، إذا حالفهم الحظ، يمكنهم الحصول على صفقة جيدة بنسبة 11 في المائة تقريبا".
وثمة عامل آخر يجتذب شركات صناعة السيارات إلى باكستان هو أن الأمن بدأ في التحسن بفضل حملة يشنها الجيش منذ عامين. يتذكر خان الأيام التي كان يتم فيها توقيفه هو وغيره من سائقي سيارات الأجرة بشكل روتيني تحت تهديد السلاح من قبل المبتزين المسلحين. ويقول: "الشوارع الآن آمنة ويشعر الناس بالارتياح عند القيادة حتى وقت متأخر من الليل". ثالثا، وضعت الحكومة سياسات تهدف إلى اجتذاب شركات صناعة السيارات، مثل خفض الرسوم الجمركية المفروضة على قطع السيارات المستوردة، كما سهلت أكثر من قبل إجراءات محاولة العثور على مكان لبناء مصنع.
يقول زاراك خان، المحلل لدى شركة إلكسير للأوراق المالية: "منحت سياسة السيارات الكثير من الحوافز للاعبين جدد من الخارج، ولا سيما فتح المجال لفرص جديدة للتأسيس".
لكن بالرغم من هذا التفاؤل، يحض بعض المحللين الناس على اتخاذ الحيطة والحذر في بلد يتعرض في بعض الأحيان إلى هجمات إرهابية.
ويشير آخرون إلى أن الشركات الأجنبية ستبقى عرضة لحظوظ الشركات المحلية، إذ يفرض القانون الباكستاني على الشركات الأجنبية أن تعقد شراكات مع الشركات المحلية. يقول سون: "السبب وراء عدم عودتنا في وقت أبكر هو أننا كنا نحاول العثور على الشريك الصحيح للعمل معه، وهو أمر مهم تماما في هذا البلد".

الأكثر قراءة