نقص المساكن يسحق النمو الذي تغذيه الهجرة في العالم الغربي

نقص المساكن يسحق النمو الذي تغذيه الهجرة في العالم الغربي
مهاجرون، ليس لديهم مكان للإقامة يبحثون عن مأوى آمن داخل مركز المنطقة 12 التابع لقسم شرطة شيكاغو في الولايات المتحدة. رويترز

أحد أكثر محركات النمو الاقتصادي موثوقية يشهد تعثرا في معظم أنحاء العالم المتقدم.
على مدار عقود، ساعد التدفق السريع للمهاجرين دولا، من ضمنها كندا وأستراليا والمملكة المتحدة، على تجنب تراجع ديموغرافي ناجم عن شيخوخة السكان وانخفاض معدلات المواليد. هذا الاتجاه يتهاوى الآن لأن عددا كبيرا من الوافدين، الذين جاءوا بعد إعادة فتح الحدود عقب الجائحة، اصطدموا بنقص مزمن في المنازل التي يمكن أن تأويهم.
نجت كندا وأستراليا من الركود منذ انكماشهما بسبب كورونا، لكن شعبيهما لم ينجوا من تراجع عميق في دخل الفرد أضعف مستويات المعيشة. وبدأ الركود الذي شهدته المملكة المتحدة العام الماضي معتدلا بالأرقام الأولية، لكنه كان أعمق وأطول عند قياسه على أساس الفرد.
إجمالا، كان 13 اقتصادا في جميع أنحاء العالم المتقدم تواجه ركودا في دخل الفرد نهاية العام الماضي، وفقا لتحليل حصري أجرته "بلومبرغ إيكونوميكس". وفي حين تحضر عوامل أخرى، مثل التحول إلى وظائف أقل إنتاجية في قطاع الخدمات وحقيقة أن الوافدين الجدد يكسبون عادة أقل، فإن نقص المساكن وما يرتبط به من ضغوط تكاليف المعيشة يشكلان قاسما مشتركا. فهل نموذج النمو الاقتصادي الذي تغذيه الهجرة مصيره الفشل؟ ليس تماما.
في أستراليا، مثلا، ساعد تدفق نحو مليون شخص 3.7 % من السكان، منذ يونيو 2022 على سد النقص المزمن في العاملين في صناعات مختلفة. وفي المملكة المتحدة، سد وافدون من أوكرانيا وأماكن أخرى نقص العاملين بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
نقص المهارات في معظم أنحاء العالم المتقدم يعني أن هناك حاجة إلى عدد أكبر من العاملين. في الواقع سوق الوظائف والاقتصاد في الولايات المتحدة أصبحا محمومين أكثر مما تصوره كثيرون، مع تسبب تدفق الناس عبر الحدود الجنوبية في توسيع القاعدة العمالية.
على مدى العامين الماضيين، وصل 2.4 مليون شخص إلى كندا، مع ذلك لم تضف كندا ما يكفي من المساكن. تظهر التجربة الكندية أن هناك حدودا للنمو الذي تغذيه الهجرة، فبمجرد أن يتجاوز الوافدون الجدد قدرة البلد على استيعابهم تتراجع مستويات المعيشة.
ارتفع عدد السكان في سن العمل في كندا بواقع مليون نسمة خلال العام الماضي، لكن سوق العمل لم تستحدث سوى 324 ألف وظيفة. والنتيجة ارتفاع معدل البطالة أكثر من نقطة مئوية كاملة، وكان الشباب والوافدون الجدد هم الأكثر تضررا.
ملايين الأمريكيين يواجهون أيضا أزمة بسبب تكاليف السكن، لكن نمو دخلهم الحقيقي المتاح ظل أعلى من الارتفاع في أسعار المساكن على مدى جزء كبير من العقدين الماضيين. لم يحدث ذلك في كندا.
تواجه أستراليا أسوأ أزمة إسكان. تقترب تراخيص بناء الشقق والمنازل من أدنى مستوياتها منذ 12 عاما، ولا يزال هناك تراكم كبير في أعمال البناء، يرجع إلى حد كبير إلى نقص العمال المهارة. حاولت الحكومة سد الفجوة في معروض العمالة من خلال زيادة عدد المهاجرين، لتجد أن ذلك يزيد المشكلة سوءا.
أوروبيا، شهدت ألمانيا، ركودا أيضا في نصيب الفرد، على خلفية توترات سياسية متصاعدة بشأن عدد كبير من طالبي اللجوء، ونقص المساكن، واضطراب الاقتصاد. ويظهر تحليل "بلومبرغ إيكونوميكس" أن فرنسا والنمسا والسويد ضمن الدول التي عانت ركودا في نصيب الفرد.
وفي بريطانيا أيضا، بدأت مستويات الهجرة القياسية تؤثر في الاقتصاد. أدى ركود فني (انكماش الناتج المحلي الإجمالي لربعين متتاليين) في النصف الثاني من العام الماضي إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي الرئيس 0.4 %. وكان الانخفاض أطول وأعمق عند تعديله حسب عدد السكان. وانكمش نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 1.7 % منذ بداية 2022، وانخفض في ستة من الأرباع السبعة وظل راكدا في الربع الآخر.

الأكثر قراءة