السياحة الصينية تعطي قبلة الحياة لقطاع السفر في العالم

السياحة الصينية تعطي قبلة الحياة لقطاع السفر في العالم
يتوقع وصول قيمة المساهمة الاقتصادية العالمية للقطاع السياحي في 2024 إلى 11.1 تريليون دولار.

رغم مرور أكثر من ثلاثة أعوام على جائحة فيروس كورونا المستجد، لم تتعاف صناعة السياحة والسفر في أغلب مناطق العالم من الضربة المؤلمة التي وجهتها هذه الجائحة لها. في المقابل شكلت الصين نقطة مضيئة في هذه الصورة القاتمة، بعد أن عادت أعداد السائحين الصينيين الذين سافروا إلى الخارج خلال عطلة عيد العمال التي ارتبطت بالعطلة الأسبوعية إلى مستويات ما قبل الجائحة، وهو ما يشير إلى ازدهار ما توصف بأنه أكبر سوق للسياحة في العالم.
في الوقت نفسه يتوقع المجلس العالمي للسفر والسياحة عاما قياسيا للسفر والسياحة في 2024، وصول قيمة المساهمة الاقتصادية العالمية للقطاع إلى 11.1 تريليون دولار.
وخلال العطلة الأسبوعية الممتدة منذ 27 أبريل الماضي وحتى 5 مايو الحالي اقترب عدد الرحلات الخارجية من الصين بشدة إلى مستويات 2019 حيث سجلت نحو 93 % من هذه المستويات بحسب بيانات مؤسسة فوروارد كيز للاستشارات وتحليل بيانات السفر التي أشارت إلى أن الإقبال على حجز الرحلات السياحية الخارجية في اللحظة الأخيرة جاء أسرع من التوقعات بناء على مبيعات تذاكر السفر في بداية أبريل الماضي.
وتشير هذه البيانات إلى جانب بيانات مسح قطاع السياحة الصيني الذي أجرته خدمة بلومبرغ إنتليجانس للتحليلات الاقتصادية، إلى ازدهار الطلب الصيني على السفر، رغم المخاوف من آثار ضعف أداء الاقتصاد الصيني في ثقة المستهلكين وإنفاقهم.
وتقول المحللة الاقتصادية كيه. أوانه ها في تحليل نشرته "بلومبرغ" أن العودة السريعة للسياح الصينيين، الذين أنفقوا في الخارج عام 2019 قبل الجائحة نحو 248 مليار دولار، سيملأون فجوة كبيرة في قطاع السفر العالمي.
ويقول تيم باكوس كبير محللي سوق السفر في بلومبرغ إنتليجانس "نرى تسارعا وزيادة في التوقعات بشأن ازدهار حركة السفر الصينية. إنها تتعافى بوتيرة أسرع ما توقعته الصناعة في بداية العام".
وبحسب بيانات المجلس العالمي للسفر والسياحة قام المسافرون الصينيون في 2019 بنحو 170 مليون رحلة خارجية وأنفقوا ما يعادل 14 % من إجمالي إيرادات حركة السياحة العالمية. كان المحللون يتوقعون استقرار معدل نمو السياحة في الصين خلال العام الحالي، في حين يتوقع البعض عودتها إلى مستويات ما قبل الجائحة بحلول 2025. وهناك مؤشرات عديدة على تزايد قوة تعافي السياحة الصينية. وتتوقع خدمة بلومبرغ إنتليجانس وصول عدد رحلات الطيران الدولية من بر الصين الرئيس إلى نحو 90 % من مستويات ما قبل الجائحة بنهاية العام الحالي، بعد البداية القوية للربع الأول من العام.

كما ازدهرت حركة السفر المحلية، ووصل عدد المسافرين بالقطارات يوم أول مايو الحالي في بداية عطلة عيد العمال إلى ذروته وظهرت الصور وقد تكدس المسافرون في محطات القطارات. وخلال الربع الأول وصل عدد الرحلات الداخلية إلى أكثر من 1.4 مليار رحلة بزيادة نسبتها 17 % عن الفترة نفسها من العام الماضي بحسب تلفزيون الصين المركزي.
ويقول نان داي محلل السوق الصينية في شركة فوروارد كيز: إن "ازدهار حركة السفر الدولي مع ازدهار الطلب على الرحلات الداخلية، يرسم صورة واعدة لصناعة السفر في الصين... كما أن انتعاش الطلب من السوق الصينية يقود تعافي السياحة العالمية ويحافظ على الوظائف والأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالسياحة".
ورغم ذلك فالصورة ليست مشرقة تماما، وهناك مخاطر كامنة يمكن أن تهدد التعافي الكامل لحركة الطيران الدولية من السوق الصينية وعودتها إلى مستويات 2019 . تتمثل هذه المخاطر في تدهور العلاقات بين الصين والولايات المتحدة ما يعرقل حركة السفر إلى الصين. كما أن أعداد السائحين الأوروبيين في الصين لم تزدد بالمعدلات المطلوبة رغم تخفيف بكين لقواعد الحصول على تأشيرة دخول لمواطني بعض الدول الأوروبية بهدف زيادة حركة السياحة الوافدة.
وتعد دول آسيا ومنها ماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا في مقدمة المستفيدين من ارتفاع عدد السائحين الصينيين. كما أن هونغ كونغ وماكاو التابعتين سياسيا للصين مستفيدتان بشدة من ازدهار السياحة الصينية بحسب بيانات فوروارد كيز.
كما يفضل السائحون الصينيون أيضا اليابان بفضل انخفاض قيمة الين أمام اليوان، حيث سافر أكثرمن 452 ألف صيني إلى اليابان خلال مارس الماضي. واحتل السائحون الصينيون المركز الثالث في قائمة أكثر الجنسيات زيارة لليابان خلال مارس، رغم أن العدد ما زال أقل بنسبة 35 % تقريبا عن مستويات ما قبل الجائحة.
وخارج آسيا، جاءت أوروبا في مقدمة أبرز مقاصد السائحين الصينيين أثناء عطلة العمال الممتدة بحسب فوروارد كيز. وزاد عدد السائحين إلى إيطاليا بنسبة 19 % عن مستويات ما قبل 2019، في حين زاد العدد إلى بريطانيا بنسبة 12 %. كما نجحت جهود الصين لتعزيز العلاقات السياحية مع دول الشرق الأوسط التي تعد جزءا من مبادرة الحزام والطريق. جاءت الإمارات كأول مقصد للسياحة الصينية خارج آسيا.

الأكثر قراءة