رؤية السعودية في 8 أعوام.. إطلاق القوى الكامنة

كان العام 2016 نقطة تحول في مسيرة الاقتصاد السعودي، فبتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وضع الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية؛ رؤية السعودية 2030، لتصبح نهجا ملهما وطريقا جديدا للاقتصاد السعودي بعيدا عن خطط التنمية الخمسية، فالاعتماد على النفط جعل الاقتصاد رهينة تقلبات أسعار النفط، فتعثرت الخطط التي كانت غارقة في العموميات وفاقدة لإطار حوكمة فعال. لقد كانت رؤية السعودية 2030 تحديا في ذاتها، في فلسفتها، في المهارات المطلوبة لإنجازها والسياقات الضرورية لتنفيذها، ولذلك كانت السنوات الأولى من عمر الرؤية تتطلب إصلاحات واسعة في حوكمة القطاع العام، وهيكلته مع إصلاحات كثيرة في الأنظمة والتشريعات، لدرجة توهن أي حماس، ولهذا كان النجاح مرهونا بوجود قيادة حازمة مؤمنة بما تقوم به وقد تمثل ذلك كله في شخصية الأمير محمد بن سلمان. كان برنامج التحول الوطني، أكثر البرامج إثارة ودقة، ليس لأنه تطوير للعمل الحكومي وتأسيسا للبنية التحتية اللازمة لتحقيق رؤية السعودية 2030، بل لحجم المفاهيم الجديدة التي تمت إضافتها للعمل الحكومي في السعودية مثل رفع كفاءة الإنفاق وتنمية الإيرادات غير النفطية وتحقيق التوازن المالي، وتمكين المرأة وتعزيز مشاركتها في القطاعين الخاص والعام، وما يرتبط بذلك من تطوير مهارات جديدة ومبادرات تشريعية وخطط تنفيذية، مع تعزيز الشفافية وصولاً إلى المراجعة والتحسين المستمر، وكل ذلك تطلب تشريعات جديدة، مراكز عمل نوعية وهيئات مستقلة مثل هيئة كفاءة الإنفاق ومركز تنمية الإيرادات غير النفطية، ومركز قياس الأداء، كما تطلب إعادة هيكلة الوزارة ودمج عدد منها، مثل دمج وزارة الإسكان مع وزارة الشؤون البلدية، ودمج وزارتي الخدمة المدنية والعمل التنمية الاجتماعية. اليوم وبعد ثمانية أعوام بلغت الإيرادات غير النفطية أرقاما قياسية في 2023 بأكثر من 457.728 مليار ريال بارتفاع سنوي 11%، بعد أن كانت لا تتجاوز 180مليارا في 2016، مع تنامي الإنفاق من 825 مليارا عام 2016 لتبلغ 1.275 تريليون ريال في 2023، وتم تحقيق مستهدفات الرؤية في قطاع الإسكان مع وصول نسبه تملك الأسر السعودية للمساكن نحو61 %، بعد أن كانت أقل من 47 %، وانخفض معدل البطالة لإجمالي السعوديين حيث بلغ 7.7 % للربع الرابع من 2023، وانخفض كذلك معدل البطالة للسعوديات 13.7 % وهي ارقام مذهلة، حيث كان معدل البطالة يتجاوز للسعوديين أكثر من 12.3 % ومعدل بطالة الإناث 34.5 %، ولاشك أن هذا من آثار الرؤية التي تضمنت تعديلات جوهرية في نظام المنافسات والمشتريات، تزامنا مع إطلاق استراتيجيات النقل والخدمات اللوجستية وكذلك استراتيجية التصنيع، واستراتيجية التنمية البشرية، وإطلاق هيئات المحتوى المحلي وهيئة للتصنيع العسكري، وهذا التزامن لم يأت من فراغ ولا صدفة بل يعكس العمل والجهد الكبير والإدارة الحكيمة لتحقيق مستهدفات الرؤية، ولهذا كانت الأرقام تشهد على الإنجاز مع بلوغ نسبة المحتوى المحلي في المشتريات الحكومية الى 40.14 %، كما بلغت نسبة التضمين الصحيح لمتطلبات المحتوى المحلي في المنافسات الحكومية أكثر من 83%، كما ارتفع عدد المنشآت إلى 78,297 منشأة في عام 2022 بنسبة ارتفاع بلغت 42.4 % مقارنة بالعام 2021، وقد حقق قطاع الصناعة التحويلية ارتفاعًا قدره 42.4 %، وبلغ عدد المنشآت متسارعة النمو 1640 شركة من بينها 105 تصنف من بين الشركات الكبيرة، وهو نمو ملحوظ يبرز الدور الجديد الذي يلعبه القطاع الخاص والتشجيع الذي يجده مع بروز هيئات جديدة مثل هيئة تطوير العلا وهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ومركز الأعمال السعودي، كل ذلك ولازلنا في منتصف الطريق لتتكامل مشاريع العلا والقدية والبحر الأحمر ونيوم، والمشاريع الاستراتيجية الأخرى في كل منطقة، التي تنقل الاقتصاد إلى مقاييس جديدة تماما.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي