قراءة في رمزية العلم السعودي

 تعد الجغرافيا السياسية مجالا يدرس تفاعلات الجغرافيا والسياسة في نشوء الدول، وتحول المساحات الجغرافية إلى كيانات ذات قوى اقتصادية وحضارية. سنحاول استعراض تاريخ علمنا الوطني السعودي، المتأصل في عمق قرون ماضية، وما القيم التي يرمز إليها العلم الوطني حتى اليوم، على الرغم من التحولات السياسية والاقتصادية الكبرى التي مرت بها المنطقة والعالم.
علم أي دولة يتأثر بالمكونات المختلفة للذات الوطنية، التي تتشكل، أي الذات الوطنية من الثقافة واللغة والأرض والاقتصاد والتاريخ ونظام الحكم، ومن خلالها تولد الهوية الوطنية، ويعبر عنها برموز وقيم، وفي ضوئها يمكن استقراء الخصائص المشتركة التي تشكل الهوية الوطنية.
عند تحليل الرموز والطيف اللوني التاريخي - إن صح التعبير - للعلم السعودي، نكتشف أن ثبات اللونين الأخضر والأبيض والشهادة كانت جميعها عناصر ثابته منذ 300 عام، مع بعض التغيرات البسيطة، ولكن ما دلالات قوة ذلك الثبات؟
تاريخ العلم السعودي مر بثلاث مراحل متتالية، المرحلة الأولي كانت من 1727 إلى 1818 وتمثل الدولة السعودية الأولى، والمرحلة الثانية كانت من 1824 إلى 1891 فترة الدولة السعودية الثانية، والمرحلة الثالثة كانت من عام 1902 حتى الآن، وعليه فإن ذلك الثبات يعكس لنا حالة الالتزام والنضال المتواصل منذ 1727 وفق نسق تاريخي يمتاز بمرجعية واحدة مشتركة منذ ثلاثة قرون، فاللون الأخضر يرمز إلى الترابط والتكاتف والكرم والعطاء من الناحيتين السياسية والاجتماعية، كما يرمز إلى الرخاء من المنظور الاقتصادي، وشهادة التوحيد تعكس رسالة للسلام والإسلام، والسيف القوة وعلو المكانة، وقد أقر الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - في يوم 11 من مارس 1937 العلم بشكله الحالي، ولحفظ ذكرى علم السعودية صدر الأمر الملكي من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بتحديد ذلك اليوم من كل عام يوما للاحتفال بالعلم السعودي، وتم إدراجه في رزنامة المناسبات الوطنية التي تحتفل بها السعودية سنويا.
خلاصة القول: الملك عبدالعزيز - غفر الله له - ارتكز على أجداده السابقين شكلا وروحا، إضافة إلى البعد التاريخي المتجذر والقيم السامية، بدليل أن طيف الألوان والرموز للعلم لم يتغير، وحملت الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة نفس السمات والخصائص الجوهرية. ومن يتأمل كل ما سبق يراها واقعا معيشا في هويتنا واقتصادنا وفي وحدتنا وتعاضدنا وفي الرخاء والازدهار والتنمية والرفاهية والقوة والمكانة. وفي نهاية المطاف الصورة الذهنية للعلم السعودي هي مزيج بين أصالة وتطور وقيم وقوة ضمن أكبر مجموعة اقتصادية في العصر الحديث، والعلم السعودي شاهد على بناء الدولة وتكوين الهوية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي