سرديات «أعداء النجاح»

ليس من النادر أن نرى الصراعات بين الأفراد، خاصة في أماكن العمل. تفسر أطراف هذه الصراعات الاحتدام و"الاستقعاد" والمشاكلة بالحسد والغيرة والمنافسة على السلطة، باختصار يتم تفسير هذه الصراعات بأن سببها هم "أعداء النجاح"، هؤلاء الذين يتخصصون - ومع سبق الإصرار والترصد - في تدمير الناجحين ومحاربتهم، ويتفرغون لذلك بكل ما يملكون من قوة وتأثير.

تسطح هذه النظرة الضيقة أسباب الصراعات، ولا تعتبر بتعقيدات التفاعلات البشرية وديناميكيات المنظمات وأساليب التأثير والقيادة. أسباب الصراعات المباشرة وغير المباشرة تشمل سوء الفهم الذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى الفشل المكرر، وضعف التواصل الفعال والقيادة المؤثرة، الذي يصنع هدرا كبيرا يزيد مع زيادة الجهود.

هناك قائمة طويلة أخرى من الأسباب المختلفة التي تحفز التعارضات والمواجهات وخسائر العمل كمنظومة وفريق. يطلق المثل المعروف "الشجر المثمر يرمى بالحجارة" لتفسير كثير من الظواهر الشائعة، عندما يواجه الأفراد مقاومة أثناء أعمال التغيير أو يواجهون تحديات لتطبيق أمر جديد، يلجأون إلى إلقاء اللوم على الآخرين. التفاعلات البشرية متعددة الجوانب ومتنوعة التأثيرات، وما يواجهه النشطاء في أماكن عملهم يتأثر بعوامل مختلفة مثل الطموحات الشخصية وديناميكيات السلطة والآراء المتباينة.

من الطبيعي أن يتنافس الناس على السلطة أو المكاسب داخل المنظمة. ومع ذلك، فمن الضروري أن ندرك أن الصراعات لا تنشأ فقط من وجود أشخاص "سيئين".

غالبا ما تنشأ الصراعات بسبب اختلافات حقيقية في الرأي ناتجة عن الخلفيات المتباينة، أو مقاومة طبيعية للتغيير أو بسبب الاعتقادات والتحيزات. تنشأ عادة اللوم هذه لضعف التواصل الفعال والعجز عن التأثير، هذا التفسير مرض ومريح لكثير من الذين يعجزون عن حل المشكلات ومجابهة التحديات.

تلعب القيادة دورا حاسما في تعزيز ثقافة تنظيمية إيجابية وشاملة. يدرك القادة الحقيقيون أن الصراعات يجب أن ينظر إليها كفرص للنمو والتعاون والابتكار، بدلا من سردها كعوائق أمام النجاح. هم يفهمون أن إلقاء اللوم على الآخرين غير مجد ويركزون بدلا من ذلك على إقامة خطوط اتصال مفتوحة وتعزيز الظهور الشخصي المناسب والتأثير من خلاله.

وبذلك، يصنع القادة بيئة يمكن فيها مشاركة الأفكار وفهمها وتطويرها بشكل جماعي. أحد العوامل الرئيسة للصراعات داخل المؤسسات هو عدم وجود فهم مشترك وأهداف ودوافع مشتركة. عندما يفشل الأفراد في إقامة فهم مشترك، يصبح من الصعب توحيد المصالح والعمل نحو رؤية مشتركة. يجب على القادة أن يستثمروا الوقت والجهد في تعزيز بيئة تشجع الحوار والاستماع الفاعل والتعاطف. من خلال التركيز على الفهم المشترك، يمكن للقادة تقليل الفجوات وحل الصراعات وبناء أساس من الثقة والتعاون.

على الرغم من أنه من المثالي أن يكون الجميع متفقا ومؤيدا للأهداف المشتركة، إلا أنه من غير الواقعي أن نتوقع الاتفاق الموحد والشامل. ليس على الجميع أن يتقبلوا التغيير بسرور وبهجة وحماس، لكن، ليس من الضروري أيضا أن يعتبر كل من يقاوم النجاح أعداء. تتكون المنظمات من أفراد متنوعين يمتلكون وجهات نظر وتجارب ودوافع مختلفة.

يدرك القادة الفعالون ذلك ويقدرون وجهات النظر المختلفة، ويركزون بدلا من ذلك على إيجاد أرضية مشتركة وبناء تحالفات لدفع التغيير الإيجابي.

الاعتقاد بأن الصراع ينشأ فقط من الحسد والغيرة ووجود أعداء للنجاح هو فهم مسطح وخاطئ. ينطلق الفشل في المنظمات من الثغرات في التواصل وضعف القيادة وعدم وجود فهم مشترك وأهداف وثقة مشتركة. وباعتماد منظور أكثر تقدما وتنوعا للفهم والتأثير، يمكن للقادة أن يتجاوزوا الصراعات بفاعلية، ويعززوا الشمولية ويروجوا لثقافة التعاون والنجاح. تبني التنوع والاعتراف بالقوى الفردية، مع التركيز على المصالح المشتركة، يسهم في نمو المنظمة وصمودها.

 

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي