الصناديق الوقفية واستدامة الموارد للقطاع التعليمي

 في إعلان لهيئة سوق المال عن طرح صندوقي وقف الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة وجامعة الملك خالد في مدينة أبها يعد تطورا في مسار المشاريع الوقفية التي أصبحت جزءا من الاهتمام الحكومي باعتبار أنها أحد أهم ركائز القطاع غير الربحي الذي تسعى السعودية من خلال رؤية السعودية 2030 إلى رفع مساهمته في الناتج المحلي إلى نحو 5 % في 2030 مقارنة بالنسبة التي كان عليها قبل البدء في برامج الرؤية التي لم يكن يتجاوز 1 % علما بأن المتوسط العالمي لمساهمة القطاع غير الربحي في الناتج المحلي تصل إلى 6 %.
الأوقاف ومساهمتها في المشاريع التي تعد ركيزة للمجتمع مثل قطاع التعليم والصحة كانت متدنية، وقد يكون لذلك أسباب منها، أن اعتماد المجتمع بصورة رئيسة في الإنفاق على التعليم والصحة يكون من قبل الموارد الحكومية، وهي بلا شك لا زالت المصدر الذي يغطي جميع المصروفات الخاصة بالتعليم والصحة في القطاع العام بصورة كاملة، بل يقدم الدعم للقطاع الخاص، ما عزز النمو الذي تحقق خلال الفترة الماضية له، ولكن يبقى أن الدعم الحكومي بلا شك هو الأهم الذي سيستمر، إلا أن هناك أهمية لتنويع الموارد لتحقيق الاستدامة في البرامج المختلفة في قطاع التعليم والبحث باعتبار أن الأولويات الحكومية تركز على البرامج الوليدة التي تحتاج إلى التركيز بصورة أكبر لتكتمل، وتسهم بشكل فاعل في الاقتصاد الوطني ونموه، في حين أن المؤسسات المكتملة لديها القدرة بصورة أكبر على تنويع مصادر الدخل لديها وتعزيز كفاءة الإنفاق بما يحقق لها الاستدامة في برامجها القائمة والمبادرات التي تعمل عليها، ومن هنا تأتي أهمية بناء منظومة لتنويع هذه الموارد التي يمكن أن يكون أحد أهم تلك الخيارات الوقف، حيث يوفر قناة أسهل للوصول إلى مصادر الدعم، والصناديق الوقفية توفر للمؤسسات التعليمية قناة أكثر فاعلية لاستثمار الموارد التي يمكن أن تجنيها من خلال برامجها المختلفة التي تعد مصادر جيدة للدخل مثل تقديم الخدمات البحثية والاستشارية والخدمات التعليمية وغيرها، حيث يمكن الاستفادة من هذه الموارد في تنميتها على المدى المتوسط والبعيد.
تتميز الصناديق الوقفية بوجود إشراف عليها من جهات متعددة بما فيها هيئة السوق المالية بالحوكمة الجيدة التي تجعل من أدائها أكثر شفافية بحيث تصدر تقارير دورية بجميع العمليات الرئيسة التي تم العمل عليها خلال السنة المالية لتلك الصناديق، وهذا بدوره سيعزز من مصادر التمويل التي يمكن أن تحصل عليها وإدارة مصادر الدخل للمؤسسات التعليمية، وتبقى المسالة المهمة التي يمكن أن تعمل عليها المؤسسات التعليمية لتعزيز فرص الحصول على الدعم المالي، من خلال وضوح المسارات والبرامج التي ستستفيد من هذه الأوقاف والنتائج التي حققتها تلك المؤسسات التعليمية في هذا المسار خلال الفترة الماضية من خلال عرض يركز بصورة أكبر على المخرجات وأثرها في المجتمع.
فالخلاصة أن التوسع في إنشاء الأوقاف لدى المؤسسات التعليمية مثل الجامعات سيكون له دور فاعل في استدامة البرامج والخدمات التي تقدمها من خلال قناة تعد أكثر شفافية وكفاءة في إدارة مصادر التمويل، ومن المهم في هذه المرحلة أن تعرض المؤسسات النتائج المتوقعة للدعم، ما يعزز من فرص الحصول على حصة أكبر من الدعم الذي بدوره سيزيد من إسهام القطاع غير الربحي في الناتج المحلي بما يحقق مستهدفات رؤية السعودية.    

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي