فرص البنوك لاستدامة النمو مع تحديات خفض الفائدة

 يظهر تقرير لصحيفة "الاقتصادية" تسجيل البنوك السعودية أرباحا تاريخية تصل بمجموعها إلى 70 مليار ريال خلال 2023، نتيجة لارتفاع معدلات الفائدة على التمويل الذي وصل إلى أكثر من 6 % للسايبور بين البنوك، وهذا مؤشر على ارتفاع كبير في أسعار الفائدة ينعكس بصورة واضحة على تكلفة التمويل في البنوك، وهنا ونحن في  هذا العام أقرب إلى خفض محتمل لأسعار الفائدة يظهر أن الصورة قد تكون مغايرة للمشهد الذي كان في العامين الماضيين، حيث يتوقع أن يتم تخفيض الفائدة ثلاث مرات بمعدل ثلاثة أرباع النقطة، وهذا يمثل تحديا للبنوك السعودية لاستدامة النمو في الأرباح خلال الفترة القادمة، خصوصا أن أسعار الفائدة قد تشهد مسارات منخفضة خلال الفترة المقبلة، ما يعني عوائد محتملة أقل لمحفظة التمويل، خصوصا أن الودائع في البنوك السعودية عادة ما تكون في الحسابات الجارية التي لا يتقاضى المودعون فيها عوائد، وبالتالي تعد هذه الأموال أشبه بالقروض المجانية في البنوك التي تحصل من خلالها على عوائد كبيرة.

لكن في المقابل فإن استراتيجيات البنوك السعودية أصبحت تميل بصورة كبيرة إلى الاستفادة من هذه العوائد التي يمكن أن تعد استثنائية بالعمل على التوسع في أنشطتها، حيث نلاحظ خلال العامين الماضيين أن بعض البنوك السعودية رفعت رؤوس أموالها بصورة ملحوظة في مؤشر على التوسع في أنشطتها، كما أن البنوك السعودية أصبحت تتوسع في خيارات الاستثمار المختلفة، وبدأت تنشط من خلال مجموعة من الصناديق التي يتوقع أن تحقق عوائد في ظل النمو الاقتصادي الذي تشهده السعودية والمشاريع العملاقة التي يمكن أن تغير شكل الاقتصاد الذي كان يعتمد على النفط إلى اقتصاد متنوع من خلال الاستثمار في أنشطة اقتصادية متعددة ومتجددة من حيث الأنشطة والمعارض والاحداث التي أصبحت أمرا دوريا لا يتوقف، وهذا يمكن أن يولد فرصا كبيرة في سوق التمويل والخدمات البنكية.

من الملاحظ أن البنوك تنشط في استثمارات متنوعة من خلال المشاركة والاستثمار في شركات تمويل من خلال الخدمات المصرفية الرقمية، وهذا قد يفتح الآفاق للتوسع في أنشطتها حول العالم، خصوصا أن السعودية تعد الآن وجهة عالمية للاستثمار، كما أنها تتوسع بصورة كبيرة في قطاع السياحة، إضافة إلى أنها تستهدف الوصول إلى ما يزيد على 30 مليون زائر وحاج لبيت الله الحرام في 2030، وهذه زيادة كبيرة عطفا على الرقم الحالي الذي وصل إلى عشرة ملايين.

والفرص كبيرة أمام القطاع المالي في السعودية، فزيادة رؤوس أموال البنوك كانت خطوة جيدة، والمرحلة الحالية هي في التنوع في الأنشطة والاستثمار بصورة أكبر في التقنية بما يعزز فرص الوصول لشريحة أكبر من العملاء وتقديم خدمات أكثر لعملائها، كما أن الخدمات الخاصة بالادخار لدى البنوك ما زالت ضعيفة، وتستهدف شريحة أقل من أفراد المجتمع، والتوسع فيه حاليا يمكن أن يزيد من الحصول على حجم أكبر من السيولة التي أصبح الطلب عليها هائلا خلال الفترة الحالية، وسيزيد في ظل استمرار المشاريع العملاقة في السعودية.
فالخلاصة أن رغم التحديات التي يمكن أن تواجه المؤسسات المالية بسبب الخفض المحتمل لأسعار الفائدة إلا أن توسع بعض البنوك من خلال زيادة رؤوس أموالها قد يزيد من فرص استدامة النمو في العوائد مع أهمية الاستثمار في التقنية لزيادة عدد العملاء والتوسع في خيارات البرامج الادخارية للحصول على حجم أكبر من السيولة.   

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي