Author

تفكيك الابتكار .. العودة من الممارسة إلى المفهوم

|

هناك مشكلة حقيقية تقع عند التعامل مع ممارسة مهمة مثل الابتكار، ألا وهي مشكلة التعميم. يحدث التعميم عند الحديث عن احتياجات الابتكار أو تحدياته بين أصحاب المصلحة المختلفين، بما في ذلك قادة الأعمال وصناع السياسات والمعلمين والباحثين والمستثمرين والمخترعين. يؤدي هذا التبسيط إلى الابتعاد عن فهم واقع الابتكار وبالتالي البعد عن الحلول الحقيقية لتحديات الابتكار ويعوق التقدم نحو مستقبل أفضل.
أول من يقع في هذه الأخطاء الذي يقلل من قيمة الابتكار، لأن تفكيره يحصره في فكرة محدودة ملموسة يتكرر بها اختراع جديد مثل السيارة أو جهاز التكيف أو الحاسب، وآخر قد يقع في النقيض تماما وهو من يريد ترويج القيم الابتكارية، ولكنه يقع في مطب التضخيم والتعقيد فيعجز عن ضبط المصطلح والممارسة. يشمل مصطلح "الابتكار" مجموعة واسعة من التطبيقات في سياقات ومستويات مختلفة. يتضمن مجالات مثل إدارة البراءات، تحقيق الجدوى البيعية لهذه البراءات، تعزيز ثقافات الابتكار داخل المؤسسات، تحفيز الابتكار على مستوى الدولة، المنافسة في مجال الابتكارات، الابتكارات المزعزعة للأعمال، تعزيز مراكز الابتكار في بيئات الشركات الناشئة، وما إلى ذلك من أمثلة تسلط الضوء على المشكلة، هي تعزيز ثقافات الابتكار داخل المؤسسات. على الرغم من أن عديدا من الشركات تدرك أهمية تعزيز التفكير الابتكاري وتشجيع الموظفين على توليد أفكار جديدة، إلا أن أسلوب تعزيز الابتكار يمكن أن يكون مبسطا ومتحفظا. قد تفترض الإدارة أن توفير صندوق اقتراحات أو تنظيم جلسات عصف ذهنية من حين لآخر يكفي للحصول على الحد الأدنى المطلوب من ممارسات الابتكار. يتجاهل هذا التبسيط متطلبات إيجاد ثقافة حقيقية للابتكار، التي تشمل عوامل مثل الأمان النفسي، والتعاون، والتنوع، والتجربة، وأسلوب القيادة الداعم. ولأن الابتكار قد يتشكل في فكر القادة بأنه موضوع صعب ولا يناسبنا -حسب تصوره- تجده لا يهتم بتعزيز ثقافة الابتكار مع أنها قد تكون الملجأ الوحيد لاستدامة منظمته.
وحين الحديث عن مشكلة صنع الممارسات الابتكارية المؤدية إلى صنع حلول جديدة مختلفة ومتقدمة تكون قائمة على أسس علمية، أي اختراعات مؤثرة، تجد الحديث يقوقع تحديات التفكير وتحديات البنية التحتية المساندة وتحديات المنافسة العالمية وتحديات التسويق والانتشار في قالب واحد صغير، يجعل الأمر يبدو بالغ السهولة في مرة، وبالغ الصعوبة في أخرى. وربما جعل النقاش متساويا بغض النظر عن القطاع أو المجال الذي يراد النظر فيه. وهذا تبسيط مبالغ فيه وأمر محبط جدا لمن يريد تفاعل الجهود المشتركة نحو حل هذه المعضلات.
بالمثل، على مستوى الدولة، قد يركز صناع السياسات على تنفيذ حوافز عامة للابتكار، مثل المنح، دون أخذ الاحتياجات الفريدة والتحديات التي يواجهها القطاعات أو المناطق المختلفة في الحسبان. هذا النهج العام لا يعالج بشكل فعال الظروف والعوائق الفريدة التي تعيق الابتكار في قطاعات محددة. على سبيل المثال، تعزيز الابتكار في قطاع الرعاية الصحية يتطلب اعتبارات متميزة عن تلك في قطاع التصنيع.
لمعالجة هذه التحديات، من الضروري الاعتراف بتعقيدات الابتكار وطبيعته المرتبطة بالسياقات الفردية. يجب على القائمين على تداول موضوعات الابتكار التقدم في مستوى الحوار وأخذ الاحتياجات الفريدة والتحديات والحلول لكل مجال أو صناعة في الحسبان بشكل مستقل ومركز. الاتجاه إلى تعميم احتياجات وتحديات الابتكار يعوق التقدم نحو مستقبل أفضل. وهذا يحدث من خلال الاعتراف بتعقيد الابتكار وفهم طبيعته المعتمدة على السياقات المحددة وتبني نهج تحليلي متقدم. التعاون ومشاركة المعرفة والحوار المتقدم والواضح بين أصحاب المصلحة من الأمور الحاسمة لتحسين الممارسات وصنع نتائج مختلفة.
 

إنشرها