Author

التضخم وضعف الاقتصاد يكبح الطلب على البتروكيماويات

|

تتميز الدورة الهبوطية الحالية في صناعة البتروكيماويات بتضافر العوامل. فقد اصطدم التوسع الكبير بالطاقات بضعف الطلب. وحتى المرونة التي أظهرها الطلب على المواد البتروكيماوية بعد الموجة الأولى من جائحة كورونا قد تضاءلت، وانخفض بشكل كبير عن توقعات ما قبل الوباء. وتسببت الأزمة الأوكرانية في ارتفاع أسعار الطاقة والتضخم، وبالتالي ضعف الاقتصاد وكبح الطلب.

بالفعل، سوق البتروكيماويات العالمي تمر حاليا بلحظة صعبة، حيث العرض الزائد دفع معدلات الاستخدام وهوامش الربح إلى مستويات قياسية متدنية. إن حقيقة أن الصناعة تمر بدورة ركود ليست مفاجئة، فقد كان حجم بناء الطاقات واضحا منذ أعوام. والأمر الفريد في الوضع اليوم هو أن تأثير توسع الطاقات قد تفاقم بسبب التضخم الاقتصادي وبالتالي ضعف الطلب، وهناك موجة أخرى من المشاريع من المقرر أن تبدأ خلال الأعوام الخمسة المقبلة.

من المتوقع أن يكون الطلب العالمي على الإيثيلين في 2024 أقل بنسبة تزيد عن 6% عن توقعات ما قبل الوباء. وقد أدى ذلك إلى انخفاض معدلات التشغيل وهوامش الربح في جميع المناطق، حتى منتجي البتروكمياويات في الولايات المتحدة والشرق الأوسط شهدوا ارتفاع تكلفة الإنتاج.

وقد أدى توسع إنتاج الصين من الأوليفين والعطريات (aromatics) بين عامي 2020 و2023 (75%) إلى إعادة تشكيل اقتصاد السوق، ما أثر على المنتجين الآسيويين الآخرين بشكل كبير. إلى جانب ضعف الاقتصاد الصيني، أدى التوسع إلى انخفاض واردات مشتقات الإيثيلين إلى الصين بنحو 20% في الأشهر التسعة الأولى من 2023 مقارنة بالفترة نفسها من 2020. وكانت هوامش الأرباح في آسيا سلبية منذ أواخر 2021، مع توقف عدد قياسي من المصانع لفترات طويلة وانخفاض صادرات آسيا إلى الصين بأكثر من الثلث. والجدير بالذكر أن صادرات الشرق الأوسط إلى الصين أظهرت أيضا انخفاضا مطردا منذ 2021، حيث انخفضت بنحو 30%.

ولعل الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن إجمالي صادرات السعودية انخفض أيضا بأكثر من 20%. وفي تناقض ملحوظ، زادت الصادرات الأمريكية خلال هذه الفترة. وتضاعف حجم صادرات أمريكا الشمالية إلى الصين في الأشهر التسعة الأولى من 2023 مقارنة بالفترة نفسها من 2020.

على الرغم من أن الشرق الأوسط شهد زيادة في صادرات النفط، النافتا وغاز البترول المسال (LPG)، إلا أن هذا لم يعوض خسارة حصة السوق للمواد البتروكيماوية. وحتى هنا يوجد منافسة من الولايات المتحدة، التي تفوقت على الإمارات كأكبر مصدر لغاز البترول المسال إلى الصين بدءا من 2020. كما انخفضت صادرات الشرق الأوسط إلى أوروبا خلال العامين الماضيين نتيجة المنافسة الشرسة مع الولايات المتحدة. في حين أن الصادرات إلى إفريقيا قد زادت وقد توفر فرصة طويلة الأجل.

التحدي الذي يواجه منتجي الشرق الأوسط هو كيفية تنمية حصتها السوقية في الأعوام المقبلة في سوق يعاني فائضا في العرض، حيث يخطط عدد من دول الخليج العربي لاستثمارات واسعة النطاق في مجال البتروكيماويات في النصف الثاني من هذا العقد. هذه الاستثمارات عبارة عن مزيج من المشروعات التي تهدف إلى ضمان الطلب على النفط والمنتجات المكررة، والسماح بمزيد من الصادرات ذات القيمة الاقتصادية المضافة. وستشكل هذه الاستثمارات مصدر قلق كبير للمنتجين الأوروبيين والآسيويين ذوي التكلفة العالية، الذين ليس لديهم أي أسباب جدية لتوقع نشوء بيئة اقتصادية مواتية لمشاريعهم في المستقبل المنظور.

إنشرها