فرص النمو لسوق الصكوك

منذ أن بدأت الحكومة السعودية بالعمل بإصدار الصكوك الإسلامية توسعت هذه السوق بصورة كبيرة على المستوى العالمي، حيث بلغت محفظة الدين في السعودية 360 مليار دولار -بحسب ما جاء عن تقرير لشركة التصنيف الائتماني فيتش ونشره موقع الشرق "بلومبرغ" الإلكتروني- وأن أكثر من 62 في المائة لمحفظة الصكوك كما توقعت فيتش أن يصل سوق الدين على المدى المتوسط إلى 500 مليار دولار، وذلك لتغطية احتياجات التمويل وتغطية الديون المستحقة.

ولا شك أن منذ بدأت إصدارات الصكوك على المستوى الحكومي، أحدث ذلك نقلة كبيرة في خيارات منتجات المالية الإسلامية على المستوى المحلي والعالمي، حيث لدى السعودية أكبر حجم للاستثمارات والمنتجات والخدمات المالية الإسلامية كما أن كثيرا من رؤوس الأموال تتطلع إلى مزيد من الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة في ظل النمو الكبير الذي يشهده هذا القطاع.

الاستمرار في إصدارات الصكوك قد يتسارع في الفترة القادمة اعتمادا على حاجة المشاريع التنموية المتعددة إلى التمويل، إضافة إلى الانخفاضات المتوقعة في أسعار الفائدة قريبا في ظل الوصول إلى القمة فيما يتعلق بخطوات رفع الفائدة لدى الفيدرالي الأمريكي، والتوقعات تشير إلى خفض محتمل بنسبة ثلاثة أرباع النقطة، ما قد ينعش سوق الدين على المستوى العالمي.

سوق الدين في السعودية أصبحت سوقا نشطة في ظل العوائد الجيدة التي تقدمها هذه الأدوات خلال الفترة الحالية، كما أن التسهيلات والتطور في التشريعات التي بدأت منذ فترة في السوق المالية شجعت على مزيد من إصدارات الصكوك وتسهيل تداولها في السوق، ولا تقتصر إصدارات الصكوك على الإصدارات الحكومية، حيث يوجد إصدارات لمجموعة من الشركات. الصكوك الإسلامية هي واحدة من الاستثمارات التي تعد منخفضة الأخطار وتخدم قطاعات كثيرة تبحث عن مثل هذا النوع من الاستثمارات مثل الاستثمارات الخاصة بالأوقاف والاستثمارات الخاصة بشركات التأمين والمحافظ الاستثمارية سواء التي تقدم خيارات متنوعة أو تستثمر في الأدوات منخفضة الأخطار.

زيادة الإصدارات من الصكوك في ظل الأمان العالي للإصدارات الحالية في المملكة -بحسب ما جاء عن شركة التصنيف الائتماني فيتش- لم يحدث أي تخلف عن السداد كما أن لديها تصنيف ائتمان عال سيجعل سوق الصكوك الإسلامية أحد أبرز أسباب تدفق الاستثمارات للسوق المالية. التحول الذي تشهده السعودية حاليا سيعزز بالتأكيد الطلب على سوق الصكوك الإسلامية، حيث إنه رغم وجود أسباب متعلقة بالاستثمارات المتنوعة التي تقوم بها الحكومية خصوصا ذراعها الاستثماري صندوق الاستثمارات العامة، فإن جهات أخرى من التي سيتم تخصيصها ستحتاج إلى سوق الدين لدعم مشاريعها التنموية في ظل التوسع الكبير في الأنشطة الاقتصادية، فعلى سبيل المثال قطاع التعليم والصحة ونظرا لحجم الفرص في السوق فمن الممكن أن يكون هناك طلب على التمويل بغرض التوسع في إنشاء مشاريع جديدة، والتوسع في مشاريعها القائمة والتحسين في جودة الخدمات في ظل الفرص الكبيرة التي تقدمها السوق حاليا في هذين القطاعين وهذا على سبيل المثال، كما أن القطاع الخاص بحاجة إلى التمويل لمواكبة حجم النمو والطلب على المنتجات والخدمات والاستفادة من هذه المرحلة التي تقدم فيها فرصا فريدة من نوعها في ظل تحقيق السعودية نسب نمو جيدة خلال مسيرتها تجاه تحقيق الرؤية 2030.

لا شك أن بين الرقم للحجم الحالي وهو 360 مليار دولار والرقم المتوقع الوصول إليه وهو 500 مليار دولار، 140 مليار دولار، وهذا يتجاوز في حجمه ثلث حجم سوق الدين في المملكة، ما يعني أن هناك فرصا كبيرة لوصول حجم الصكوك الإسلامية إلى نحو أو أكثر من 300 دولار، وهذا يعزز من مركزها كأكبر دولة في حجم الأصول المتوافقة مع الشريعة دون منافس، كما أنه يعزز تدفق الاستثمارات التي تستهدف هذا النوع من الأصول، كما أنه يوجد فرصا كبيرة للمستثمرين في السعودية للاستثمار في مثل النوع من الاستثمارات، خصوصا أن الاستثمارات منخفضة الأخطار ستكون جاذبة لفترة لن تكون قصيرة في ظل ما يتوقع من بطء إجراءات خفض أسعار الفائدة في الفترة القادمة، نظرا لأن المؤشرات الخاصة بالتضخم ما زالت سلبية نسبيا لبعدها نسبيا عن النسب المستهدفة وهي 2 في المائة. الخلاصة، أن سوق الصكوك ستستمر في النمو في السعودية خلال الفترة المقبلة في ظل التوقعات باستمرار في نمو حجم سوق الدين في السعودية، وهذا بدوره قد يوجد فرصا أكبر لزيادة نشاط السوق المالية، كما يعزز فرص التمويل الذي يمكن أن تستفيد منه مختلف القطاعات في ظل التحول الكبير الذي يشهده القطاع بصورة عامة والسوق المالية بصورة خاصة، وهذا سيعزز من استمرارها كأكبر سوق للمنتجات المالية الإسلامية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي