الطاقة في ميزان التنسيق السعودي والتناقض الغربي

تاريخيا هناك تناقض واضح بين مواقف الاقتصاديات الغربية حيال النفط، واحدة من المظاهر البارزة تكمن في الاعتماد الكبير على النفط كمصدر أساس للطاقة والاقتصاد وتستهلك كميات هائلة من النفط سنويا، وتعتمد على واردات النفط من الدول المنتجة. ومع ذلك هناك تناقض آخر وهو القلق المتزايد بشأن تأثيرات النفط على البيئة وتغير المناخ، فالنفط يعد مصدرا لانبعاث غازات الاحتباس الحراري وهذا يتعارض مع الجهود التي يبذلها الغرب للتحول إلى مصادر طاقة نظيفة ومستدامة.
لذلك الغرب يجد نفسه في موقف متناقض، حيث يعتمد على النفط في الوقت نفسه، ويسعى للحد من استخدامه والبحث عن بدائل أقل تأثيرا على البيئة، التناقض يعكس تحديات في مواجهة تغيرات المناخ والاعتماد على مصادر طاقة مستدامة. فند الأستاذ: عادل الجبير وزير الدولة للشؤون الخارجية والمبعوث لشؤون المناخ، عددا من الادعاءات المزعومة في المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" وشكوك البعض فيما يخص تحول الاقتصاد السعودي إلى الاقتصاد الأخضر، أي الطاقة النظيفة، ولعل الرد الاقتصادي السياسي الذي قدمه الجبير تلخص في حقائق تاريخية، قامت السعودية بتحذير العالم على مدى 40 عاما بأهمية العثور على مصادر بديلة للطاقة، فالنفط مصدر غير متجدد في مقابل أن شهية العالم للطاقة ليس لها نهاية، والسعودية من أوائل الدول التي قامت بتجربة الطاقة الشمسية من خلال تأسيس مدينين، لأكثر من 40 عاما والمملكة من كبار المستثمرين في الرياح والهيدروجين مع التزام كبير وبأن هذا هو مستقبل الطاقة، ومن أهم ما تطرق له الجبير، أن السعودية تريد نقل طاقة السعودية الخضراء للأسواق الأوروبية وغيرها من خلال الاستثمار في خطوط نقل الطاقة وتمريرها للأسواق الدولية. النظرة الواقعية التي استعرضها الجبير، تؤكد أن النفط سيستمر الاعتماد عليه لعقود قادمة، وبين أنه لا يمكنكم طلب الاستغناء عن النفط ثم تتذمرون من خفض الإنتاج.
اللغة المستخدمة في الاقتصاد السياسي التي تحدث بها الجبير تحمل في طياتها مستوى عال من التنسيق والمسؤولية مع التزامات ضمنية في معرض طرحه بشأن أهمية القدرات الإنتاجية ذات الكفاءة وفق معايير الامتثال البيئي لضمان المساهمة في المحافظة على البيئة.
على أية حال: خبراء الاقتصاد الأكثر توازنا البعدين عن الانقسام المتحيز يمكنهم الوثوق بما تقدمه السعودية ونظرتها المتوازنة بين المحافظة على كفتي أمن الطاقة العالمية والمناخ - ثم إن سرعة انتهاء زمن النفط الرخيص قادمة وخفض الإنتاج يسهم في دعم معتقدات أنصار البيئة الشعوبيين وفق الجمهور الأوسع في بعض المجتمعات الغربية، تاريخيا الطاقة محفوفة بالتناقضات ولكن احتياجات العالم من الطاقة لا يمكن التهاون بها والنهج السعودي يسعى لتحقيق التنسيق التوازن من ازدهار الكوكب اقتصاديا وحمايته، ويعد النهج السعودي الأكثر تنبها في ظل وجود تناقضات أيديولوجية وسياسية واقتصادية ومخاوف وهمية حيال النفط.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي