السياحة .. قوة النمو بصناعة الرؤية

 يعد قطاع السياحة من أهم القطاعات الاستثمارية الواعدة في المملكة، حيث يوفر فرصا هائلة ومزايا كثيرة. فهو من أهم ركائز تحقيق "رؤية المملكة 2030"، للإسهام في تنويع قاعدة الاقتصاد الوطني وخفض الاعتماد على النفط. وتضم منظومة السياحة كلا من وزارة السياحة، صندوق التنمية السياحي، الهيئة السعودية للسياحة، الهيئة السعودية للبحر الأحمر، برنامج الربط الجوي، ومجلس التنمية السياحي، التي أسس كل منها وفق أفضل المعايير العالمية، لتتكامل أدوارها لتحقيق طموحات ومستهدفات هذا القطاع المهم، ومساندته في النمو والازدهار. 
ومن هنا يشهد نشاط القطاع السياحي في السعودية انتعاشا كبيرا، وتمكن قطاع السياحة عموما من تحقيق قفزات نوعية منذ إطلاق "رؤية المملكة 2030"، حيث يعد محورا رئيسا فيها، ضمن المحاور التي تشكل في النهاية الاستدامة الاقتصادية. واللافت أن هذا القطاع حقق تعافيا سريعا من تداعيات جائحة كورونا، ما يعزز حقيقة أنه يستند إلى أسس قوية، وإلى مخططات تعمق دوره في الناتج المحلي الإجمالي، حيث بلغت حصته حدود 4 في المائة في العام الماضي، مقارنة بنمو وصل إلى 3 في المائة في 2019. فالمستهدف أن تصل مساهمة السياحة في هذا الناتج إلى 10 في المائة بحلول 2030، علما بأن الإنجازات التي تحققت في هذا القطاع، تؤكد تحقيق هذا المستهدف، وفق الوتيرة الراهنة للنشاط العام.
 وعلى هذا الأساس يمكن النظر إلى النتائج الأخيرة التي أعلنت، حيث سجلت ارتفاعا كبيرا للغاية في الإنفاق من السياحة الوافدة للمملكة، إلى جانب طبعا نمو إنفاق السياح المحليين، استنادا إلى أرقام يونيو الماضي. ولأن الأمر يمضي بوتيرة سريعة وقوية، فهذا الحجم من الإنفاق هو الأعلى على الإطلاق منذ 2015، العام الذي بدأ فيه توافر البيانات الشهرية الرسمية. 
وفي تقرير نشرته صحيفة "الاقتصادية"، فقد بلغ هذا الإنفاق أكثر من 46 مليار ريال، ليكسر الرقم القياسي الذي تحقق في الشهر الثامن من 2019 وهو 42.9 مليار ريال. ولا بد من الإشارة هنا، إلى أن أرقام 2019 في هذا المجال جاءت قبل تفشي كورونا، الذي قيد الحراك الاقتصادي بصورة عامة، وفي مقدمته السياحة ليس في المملكة فقط، بل على الساحة العالمية كلها.
 كل هذا يصب في السياق العام لـ"رؤية المملكة 2030"، التي تستهدف رفع مساهمة القطاع السياحي لضخ ما بين 70 و80 مليار دولار في الاقتصاد المحلي بحلول نهاية العقد الحالي على أبعد تقدير. وفي ظل هذا التوجه، حققت السعودية فائضا كبيرا في ميزان المدفوعات لبند السفر في الربع الأول من العام الحالي، حيث بلغ الفائض 22.8 مليار دولار. أي إن كل الآليات حاضرة من أجل تحقيق المستهدفات في قطاع يتوسع بقوة وبسرعة، ويتطور وفق الاستحقاقات اللازمة لتعميق حال الاقتصاد المستدام، بما في ذلك بالطبع تنويع مصادر الدخل المحلي. ومن أهم العوائد على تطوير القطاع السياحي وزيادة تنويع المصادر ضمنه، أنها لا تختص بالإنفاق فقط، بل بالتشغيل، حيث بات هذا القطاع مولدا للوظائف المباشرة وغير المباشرة، وهذا أيضا أحد أهم مستهدفات خطة البناء الاستراتيجية الراهنة.
 القفزة الكبيرة التي تحققت على صعيد إنفاق السياحة الوافدة في الشهر السادس من العام الجاري، أنها تجاوزت حجم إنفاق السياحة المحلية، ما يعزز التوجهات الراهنة لجعل المملكة مقصدا سياحيا دوليا، يتمتع بكل المقومات اللازمة ليكون في صدارة قائمة الوجهات السياحية العالمية. فقد سجل حجم إنفاق السياحة الوافدة في شهر واحد 58.8 في المائة بنمو سنوي بلغ 630 في المائة. هذا معدل كبير للغاية قلما يتحقق على ساحات أخرى حول العالم في فترة زمنية تعد قصيرة جدا. مع ضرورة الإشارة هنا إلى أن النمو الذي تحقق على صعيد السياح المحليين وصل إلى 217 في المائة، بحصة بلغت أكثر من 42 في المائة.
وبالطبع أسهمت التشريعات المرنة من الجهات المختصة في دفع نمو الإنفاق السياحي ولا سيما من الجانب الأجنبي، بما في ذلك إطلاق المنصة الوطنية الموحدة للتأشيرات: فهذه المنصة سهلت إجراءات الحصول على هذه التأشيرات، وهو أمر يصب في مصلحة أي نشاط سياحي مستهدف. مسار السياحة السعودية يمضي قدما، خصوصا في ظل التسهيلات والآليات التي تفتح الآفاق أمام هذا القطاع الذي لا يتسع فحسب، بل يتنوع بأشكال مختلفة تلائم متطلبات المستقبل.          

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي