عوائد الصكوك هل بلغت ذروتها؟

في تقرير لصحيفة "الاقتصادية" يتحدث عن آخر إصدارات الصكوك السعودية التي بلغ العائد فيها إلى أكثر من 5 في المائة، لأول مرة، وذلك بعد التغيرات التي طرأت على أسعار الفائدة وارتفاع تكلفة الديون بمختلف صورها، حيث جاء في التقرير: "حصل المستثمرون السعوديون على أعلى عائد تم تسجيله في تاريخ فئة الصكوك الثمانية و12 عاما معا، إذ وصل العائد لأول مرة في فئتيهما إلى 5.03 في المائة مع ثمانية أعوام، وإلى 5.08 في المائة مع 12 عاما. وبحسب الرصد، فلثاني مرة على التوالي مع الإصدارات السيادية للسعودية في السوق السعودية، يتم طرح شريحتين مزدوجتين في مزاد بعائد تجاوز 5 في المائة، حيث تكرر هذا الأمر مع مزاد شهري أكتوبر ونوفمبر من عام 2023. وكانت آخر مرة تم فيها إصدار صكوك ذات ثمانية أعوام في أغسطس خلال العام الجاري بعائد 4.68 في المائة، في حين كانت آخر مرة تمت فيها إعادة فتح إصدار تبقى عليه 12 عاما في نوفمبر من العام الماضي بعائد 4.66 في المائة، الأمر الذي يوضح القفزات السريعة للعائد.
عوائد الصكوك تتباين وفقا لمعايير وعوامل مختلفة أبرزها أسعار الفائدة في الأسواق وحجم الطلب على السيولة يمكن أن يكون عاملا إضافيا، إذ قد تزيد التكلفة بسبب شح السيولة حتى لو بقيت أسعار الفائدة ثابتة كما أن إقبال المستثمرين وثقتهم بالجهة المصدرة أحد أهم العوامل، وهذا ما يفسر تقارب سعر العائد على الصكوك السيادية السعودية مع معدل الفائدة للاحتياطي الفيدرالي وللبنك المركزي السعودي، ما يعني ثقة عالية جدا في هذه الإصدارات التي تعد فرصة فريدة للمهتمين بالاستثمار في الأدوات منخفضة الأخطار خصوصا أن الأسواق ما زالت في مرحلة يغلب عليها التخوف من أثر الارتفاع في أسعار الفائدة، ولذلك فإن الاستثمارات منخفضة الأخطار ذات العائد الجيد ستكون في أفضل أحوالها حاليا، وهنا يمكن أن يكون هناك سؤال عن ذروة العوائد منخفضة الأخطار، حيث يظهر أن كثيرا من المستثمرين يعتقد أن أسعار الفائدة لن تتجاوز المستويات الحالية، خصوصا أن المؤشرات التي دعمت رفع أسعار الفائدة بدأت تنخفض إلى المستويات التي يستهدفها الاحتياطي الفيدرالي، وهناك قلق من أن الرفع الإضافي قد ينشأ عنه ركود اقتصادي قد يضر بالأسواق ويؤثر في مستويات النمو التي تتطلع لها الاقتصادات الكبرى، وفي المقابل ما زالت النسبة التي يستهدفها الاحتياطي الفيدرالي للتضخم، وهي 2 في المائة ليست قريبة.
المؤشرات تظهر الإقبال الكبير على الأدوات منخفضة الأخطار، ما يشير إلى انتقالها من الأصول الأخرى مثل الأسهم والأصول الاستثمارية عالية الأخطار، ولكن ما زالت هذه الأصول متماسكة نسبيا بوصف أن موجة رفع الفائدة الكبير ما زال بعيدا جدا ما يعني أن عودة السيولة إلى هذه الأصول قريبة، حيث يتوقع أن تبدأ موجة معاكسة، وذلك بخفض تدريجي للفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، وبالتالي ستتدفق السيولة على الأصول عالية الأخطار مرة أخرى وقد تشهد ارتفاعات كبيرة خلال الأعوام القليلة المقبلة.
عوائد الصكوك السيادية السعودية لمدد ثمانية و12 عاما تعد جيدة وفرصة قد تكون استثنائية لصكوك بأخطار منخفضة جدا وهذه ستكون من الفرص القليلة التي ستشهدها السوق في ظل أن ذروة رفع الفائدة انتهت أو في آخر مراحلها، ما يعني أنها ستكون من أفضل الفرص للفترة الحالية وقد لا تتكرر قريبا، حيث إن فترة الارتفاعات في أسعار الفائدة قد تنتهي قريبا، ويبقى أن ذلك قد يفتح شهية المستثمرين للإقبال على الأصول عالية الأخطار، ولكن هذا قد يأخذ وقتا لأن مستويات الفائدة العالية ستبقى فترة قد تطول، وبالتالي قد تعاني بعض الشركات والاستثمارات كما أن تكلفة التمويل ستبقى عالية، ما يحد تدفق الاستثمارات على الأصول العقارية من خلال الحصول على تمويل وبالتالي فإن هذا قد يجعل التحول من الاستثمارات منخفضة الأخطار إلى الأصول الاستثمارية قد يأخذ وقتا طويلا نسبيا.
الخلاصة: إن الصكوك السيادية التي تم طرحها أخيرا تعد من الفرص القليلة التي تجمع بين عائد جيد ومستوى أخطار منخفض وقد يكون هذا الطرح الأعلى، حيث إن وتيرة رفع أسعار الفائدة أصبحت أقل حسب توقعات مجموعة من المحللين ولو تم رفعها فلن تتجاوز في الأغلب ربع نقطة وقد يبدأ الفيدرالي في خفض الفائدة قبل نهاية العام المقبل 2024. ويبقى التحدي للاستثمارات والأصول عالية الأخطار أن تبقى قادرة على تحمل مستويات الفائدة الحالية لمدة قد تطول دون أن تتأثر بذلك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي