الأشجار تكافح الجريمة

مشاريع عديدة ودعوات وفرق تطوع وبلديات كلها تدعوك إلى غرس شجرة، حتى نبينا أمرنا بغرسها حتى ولو كانت عند قيام الساعة، فما السر وراء تلك الأشجار وزراعتها وعلاقة الإنسان بها؟
هل هو فقط منحنا الأكسجين والظل والثمار، أم أن هناك أمورا أعمق من ذلك؟!
كثير ممن يحبون الزراعة ويعتنون بالأشجار والنباتات تجد بينهم علاقة ود، يجلس جوارها أو تحتها يحدثها وقد يحتضنها أو يضع يده عليها طوال الوقت كأنها كائن بشري يشعر به، لذا تجد الأشجار والنبات قد تذبل وتموت بعد فقد صاحبها.
لقد أودع الله في الأشجار والنبات سرا عظيما وخفيا، فهي تشفي الروح قبل الجسد، أي أن بيننا وتلك الكائنات رابطا خفيا قل من يعرفه، صمتها حوار هامس تهديه لك.
أحد هذه الأسرار أن الأشجار تحسن من جودة الحياة، فهي تعمل ككاتم صوت، وتقلل من التلوث الصوتي والضوضاء بما مقداره 6 ـ 8 ديسيبل أي من 30 ـ 40 في المائة، كما تسمح للطيور بالسكن على أغصانها فيبعدك تغريدها عن الضجيج، وتؤدي رؤية الأشجار وزراعتها من حولك، إلى التخفيف من التوتر، وجعل الهدوء والسكينة يسريان في داخلك فتشفي جسدك وروحك.
إنها تحول المدن من أماكن ملوثة بصريا وسمعيا وصحيا، إلى أماكن أكثر جمالا وهدوءا، وتنقي الهواء من الملوثات.
عندما يشعر البشر بالراحة والهدوء مع تزايد المساحات الخضراء، فإن احتمالية الانخراط في النشاطات الإجرامية تقل، وحديثا أجرى الباحثون دراسة قارنوا فيها بين وجود المساحات الخضراء ونسبة الجريمة في شيكاغو، فوجدوا أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في غطاء الأشجار، انخفضت معدلات الجريمة في فئات عدة 11.3 في المائة للاعتداءات وجرائم المخدرات والسرقة، و10.3 في المائة للضرب. وخلص المؤلفون إلى أن "فهم العلاقة بين المساحات الخضراء والجريمة يمكن أن يفيد التخطيط الحضري لتحسين سلامة الإنسان ورفاهيته"، فوجود الحدائق داخل الأحياء في المدن يشجع الناس على الخروج والالتقاء ببعضهم وتوطيد الروابط، ما يعد رادعا لارتكاب الجرائم، إضافة إلى أن زيادة النشاط والحركة في الأحياء ترفع من نسبة الأمان.
اقتصاديا تسهم المساحات الخضراء في تحسين الاقتصاد المحلي بتوفير فرص العمل وزيادة الثروة في المجتمع، ما يقلل من الحاجة أو الرغبة في الانخراط في الجرائم الاقتصادية. كما توصلت بعض الدراسات إلى أن تحسين البيئة بزراعة الأشجار يؤدي إلى انخفاض معدلات الجريمة.
لذا سارعوا إلى غرس الأشجار من حولكم وفي منازلكم، تحقيقا لرؤية المملكة التي استشرفت المستقبل، وشجعت على التشجير وزيادة المساحات الخضراء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي