Author

طرق عرض تكلفة التمويل ووعي المستفيد

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية

لا شك أن هذه الفترة تعد فترة صعبة فيما يتعلق بتكلفة التمويل. وكثير ممن يحتاج إلى التمويل بغرض شراء منزل أو لأي سبب آخر يجد أن التكلفة عالية جدا، وبالتالي قد يواجه صعوبات في عملية الحصول على التمويل، وذلك لارتفاع التكلفة التي تزيد من الأعباء على الفرد، كما أنه قد يواجه صعوبة في الحصول على التمويل الذي يكفي احتياجه، فكلما ارتفعت تكلفة التمويل، قل حجم التمويل المقدم إذا ما كان يعتمد على معايير محددة مثل الراتب، فمثلا إذا كان العميل يحتاج تمويلا لشراء منزل وكان حجم التمويل الذي يمكن أن يقدمه المصرف له مليون ريال في ظل تكلفة منخفضة لأرباح التمويل فإن الأمر مختلف عندما ترتفع تكلفة التمويل، حيث قد لا يتجاوز المبلغ 800 أو 900 ألف ريال، وذلك لأن مجموعة الأرباح ستكون أعلى، وبالتالي فإن ذلك سيؤثر في تكلفة التمويل.
هذه الارتفاعات في تكلفة التمويل كان لها أثر كبير في الأسواق خصوصا أنها أصبحت اتجاها عاما لمعظم الاقتصادات الكبرى في العالم، ما يعني أن قطاع التمويل سيؤثر في مختلف الأنشطة الاقتصادية باعتبار أن السيولة سيخف تداولها، وهذا ما يعرض الأسواق في العالم إلى مزيد من التذبذبات.
في الفترة الماضية كان لبعض المصارف مبادرات أو ما يوصف بأنه عروض للتمويل سواء الشخصي أو العقاري، وذلك بتقديم نسب للتمويل منخفضة التكلفة أقل في ظاهر هذه العروض من أسعار الفائدة التي وضعها الاحتياطي الفيدرالي الذي تجاوز 5 في المائة، في حين أن هذه العروض كانت أقل من هذه النسب بصورة ملحوظة وهذا أمر مستغرب، إذ إن المتوقع أن السيولة تبحث عن العائد الأعلى، وإذا ما كان هناك جهة تقدم عائدا أفضل وهو البنوك المركزية، فلماذا تقوم بعض البنوك بتقديم التمويل بتكلفة منخفضة، قد يقدم البعض هذه الأسعار المنخفضة بغرض جذب مزيد من العملاء وارتباطهم بصورة أكبر بالمصرف، فما يكون من نقص في الأرباح يقابله مكاسب لعملاء جدد يستفيد المصرف من الودائع الخاصة برواتبهم والبطاقات التي في الأغلب سيحصلون عليها من البنك نفسه أو المصرف، وهذه مغامرة، ولكن يمكن أن تكون رابحة ونتائجها قد تظهر بعد فترة خصوصا مع وجود المنافسة الكبيرة في القطاع المصرفي الذي أصبح يبحث عن الفرص.
حساب العائد يمكن أن تتم بأكثر من طريقة، ومن ذلك حساب العائد من خلال القيمة الكاملة للتمويل، وهذه الطريقة دقيقة في حال كان موعد السداد لكامل المبلغ في وقت محدد مستقبلا، وهذا يمكن أن يكون من أنواع التمويل الذي يقدم للشركات والمؤسسات وليس للأفراد، حيث إن السداد لمثل هذه الأنواع من التمويلات لا يتم بشكل شهري، بل قد يكون على دفعة واحدة أو دفعات على أساس سنوي على سبيل المثال، وتكون معالجتها كل تمويل على حدة، وليس الأمر مشابها لما هو مقدم للأفراد الذي يتم بشكل تلقائي.
الطريقة الثانية في حساب العائد تتم على أساس المبلغ المتبقي، حيث إن المبلغ المتبقي في العام الأول ليس مثله في العام الثاني، إذ إن العميل قد سدد جزءا من قيمة التمويل فعلى سبيل المثال لو كان حجم التمويل 500 ألف على مدى خمسة أعوام سيكون في العام الثاني 400 ألف وهنا ستختلف طريقة عرض نسبة الأرباح، والطريقة المناسبة هي حساب معدل العائد السنوي APR Annual percentage rate وهذه الطريقة معمول بها حتى لدى البنوك في المملكة، وهي تحدد نسبة الربح الحقيقي للتمويل وتظهر بشكل أعلى من النسبة التي تكون على عائد كامل التمويل، فعلى سبيل المثال في حال كانت نسبة العائد 3 في المائة لكامل التمويل فإنه بحساب العائد الذي يحسب على تكلفة العائد المتبقي قد تصل إلى 5.75 في المائة وهذا فارق قد يصل إلى قريب من الضعف، وهذا ما يفسر أن بعض البنوك تعلن بأنها تقدم عرض التمويل بنسبة 3 في المائة مثلا رغم أن تكلفة التمويل لدى البنوك المركزية أكبر بكثير، والسبب في ذلك أنها فعليا تتماشى مع تكلفة التمويل في سوق التمويل الذي يصل حاليا إلى قريب من 6 في المائة.
الخلاصة، من المهم أن العميل عند الإقدام على التمويل أن يعرف التكلفة الفعلية للتمويل الذي تقدم بطلبه، حيث إن البنوك تعرض للأفراد طريقتين لحساب التمويل الأولى تعتمد كامل المبلغ والأخرى على أساس المعدل السنوي باعتبار أن التمويل يتم سداده بشكل جزئي شهريا، أي حساب التمويل على أساس المتبقي -معدل النسبة السنوي- APR والفارق بينها واضح، وقد يؤدي عدم وضع العميل حساباته لذلك إلى حصول تكلفة غير متوقعة للتمويل الذي حصل عليه.

إنشرها