نجاح الحج .. فخر واعتزاز

تتشرف المملكة بخدمة حجاج بيت الله الحرام، فعلى مر العقود التي عشتها شخصيا لا أتذكر عاما واحدا مر دون جهود دائمة لاستقطاب الأفكار النوعية، والتطوير المستمر للمرافق والخدمات باستخدام أحدث ما توصل إليه العقل البشري من تقنيات وذكاء اصطناعي، إضافة إلى عقد الندوات وتنظيم المؤتمرات لاستقطاب المبدعين والأفكار والمخترعات التي من شأنها تحسين الخدمات لتوفير الراحة والسلامة للحجاج. من دون أدنى تحفظ أو مبالغة، أصبح موضوع الحرمين الشريفين، وتطوير الخدمات لزائريهما جزءا من ثقافة المجتمع السعودي وأحد أهدافه الاستراتيجية، وهذا ما تعكسه وتهدف إليه رؤية المملكة 2030، وهذا ما يترجمه قادة هذه البلاد منذ عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين -حفظهما الله-.
تنطلق المملكة في خدمتها لحجاج بيت الله الحرام، وزوار مدينة الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وفي سعيها الحثيث للإبداع في تطوير المشاعر والخدمات المرتبطة بها من واجبها الديني، وطمع كل العاملين في الأجر والثواب من الله تعالى، وهذا ما دعا ملوك السعودية، إلى التخلي عن لقب صاحب الجلالة، واستبداله بلقب "خادم الحرمين الشريفين"، وعلاوة على ذلك يتشرف قادة المملكة كل عام في المشاركة في غسل الكعبة المشرفة وتجديد كسوتها.
مواقف إنسانية رائعة وعديدة سطرها العاملون في خدمة الحجاج على جميع فئاتهم ما بين رجال الأمن والأطباء والعاملين في قطاعات الصحة والخدمات البلدية والغذاء، جميعها مواقف تعكس سماحة الدين الحنيف، والطيبة الفطرية المغروسة في نفوس الشعب السعودي، بالفعل، فإنها مواقف تكتب بماء الذهب وتغني عن ألف كلمة، كما يقال. وعلاوة على ذلك، دأبت الأجهزة المسؤولة على الإبداع والابتكار في استخدام التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي في خدمات النقل، والاتصال، وإدارة الحشود، من خلال تصميم الطرق، وقطارات نقل الركاب، ومقار سكن الحجاج، ومن أبرز هذه الخدمات: تزويد الحجاج ببطاقات ذكية وأساور إلكترونية مصنوعة من الورق المغلف بالبلاستيك تحمل رمزا يمكن قراءته من هاتف ذكي، ويحتوي على هوية الحاج، وجنسيته، ومكان إقامته في مكة، ومسؤول المجموعة التي ينتمي إليها، إضافة إلى معلوماته الصحية التي تساعد على تقديم الخدمات الصحية له بسرعة وسهولة.
إضافة إلى ذلك، تم استخدام الروبوت الذكي الذي يعمل بنظام التحكم الآلي في التعقيم والوقاية البيئية وتوزيع عبوات ماء زمزم، لضمان بيئة آمنة صحيا، ويسهم في الحد من انتشار الأمراض والأوبئة. وكذلك استخدام طائرات الدرون في فحص شبكة الطرق في المشاعر المقدسة، بهدف التأكد من سلامة وجودة الطرق المؤدية إلى المشاعر المقدسة. كما تتوافر تطبيقات إلكترونية تسهل أداء مناسك الحج، ومنها: تطبيق "تنقل" لشراء التذاكر وحجز خدمة العربات الكهربائية لأداء مناسك الطواف والسعي في المسجد الحرام، وتطبيق "ترجمان" لترجمة لافتات التعليمات للحجاج غير الناطقين باللغة العربية من دون الحاجة إلى الاتصال بالإنترنت، وتطبيق "المقصد" لمساعدة الحجاج على تحديد أماكنهم في المسجد الحرام ومعرفة طريقهم إلى أي مكان يريدون الذهاب إليه من دون الحاجة إلى الاتصال بالإنترنت، وتطبيق "لوامع الأذكار" الذي يحتوي على الأذكار والأدعية من القرآن والسنة باللغتين العربية والإنجليزية، إضافة إلى تطبيق "المصحف الشريف".
وانطلاقا من حرص خادم الحرمين الشريفين لجعل صحة الإنسان أولا، عملت المنظومة الصحية بأكثر من 354 منشأة صحية، وأسهم أكثر من 36 ألفا من الكوادر الصحية، إضافة إلى أكثر من 7600 متطوع لتقديم الخدمات لضيوف الرحمن.
وبنحو مليوني حاج، بالتحديد مليون و800 ألف، حقق موسم حج هذا العام نجاحا مبهرا يستحق الإشادة، توج بإعلان وزير الصحة السعودي نجاح موسم الحج لهذا العام، وخلوه من أي أمراض تهدد الصحة العامة، وعلى أثر ذلك، لقي هذا الموسم إشادة وثناء من كثير من الحجاج الذين سمعنا أصواتهم ومداخلاتهم في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، علاوة على إشادة وإعجاب الإعلام الأجنبي بالخدمات المتميزة والتعامل الإنساني الراقي للمشاركين في خدمة الحجاج، وكذلك الخطط الدقيقة والمدروسة في إدارة الحشود الكبيرة في رقعة جغرافية صغيرة وفي مدة زمنية قصيرة جدا.
أخيرا، إن هذا النجاح فخر كبير وتاج على رؤوس السعوديين جميعا، وكل عام وأنتم بخير وصحة وسعادة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي