أسعار النفط تقاوم ضغوط ارتفاع الدولار ومخاوف انتعاش الطلب

أسعار النفط تقاوم ضغوط ارتفاع الدولار ومخاوف انتعاش الطلب
التنسيق المستمر بين أعضاء أوبك + يعطي زخما للسوق ويحول دون اختلالات العرض والطلب.

ارتفعت أسعار النفط الخام خلال تعاملات أمس رغم الضغوط الهبوطية التي خيمت على التعاملات بسبب ارتفاع الدولار الأمريكي، واستمرار مخاوف انتعاش الطلب، وتوقعات تعثر النمو الصيني إلا أن دعم الأسعار جاء من تقييد المعروض النفطي.
وتضاعفت صادرات الديزل الصينية أربع مرات في أيار (مايو)، ما يعكس الطلب العالمي القوي على الوقود المقطر على الرغم من ضعف الطلب المحلي، وهو ما يعزز شهية قوية بين التجار لشراء الوقود رغم مخاوف التباطؤ العالمي وتوقعات العودة إلى رفع الفائدة قريبا.
ويقول لـ «الاقتصادية» محللون نفطيون إنه على الرغم من التباطؤ الاقتصادي والمخاوف بشأن الركود لا تزال مخزونات الوقود المقطر منخفضة، كما لا يزال الطلب مرتفعا، مشيرين إلى أن التشديد المستمر على مخزونات نواتج التقطير المتوسطة على مستوى العالم يعمل على موازنة مخاوف الركود بين تجار السلع ما يدفعهم إلى المراهنة على العقود الآجلة للوقود حتى مع خروجهم من النفط الخام.
وأوضحوا أن أعضاء "أوبك+" سيركزون في محادثاتهم المستقبلية على استراتيجيات تعزز الوحدة والعمل المشترك، مؤكدين أن المجموعة قادرة على احتواء أي تباين في وجهات النظر حول الحصص الإنتاجية مثلما حدث مع المجموعة الإفريقية أخيرا.
ونوه المختصون إلى أن المعنويات الخاصة بعديد من الشركات الدولية ترى أن السوق صعودية للغاية عند المستويات الحالية مع وجود 75 في المائة من المستثمرين يتخذون صفقات شراء صافية في النفط الخام الأمريكي.
وفي هذا الإطار، يقول مارتن جراف مدير شركة إنرجي شتايرمارك النمساوية للطاقة، إن التنسيق المستمر بين أعضاء "أوبك+" يعطي زخما للسوق ويحول دون تفاقم أي اختلالات بين العرض والطلب، وإن أعضاء التحالف ينسقون مواقفهم عادة قبل المفاوضات النهائية من خلال المشاورات التي تسبق الاجتماعات الدورية وهو ما حدث أخيرا مع أعضاء "أوبك" في إفريقيا جنوب الصحراء وهم نيجيريا وأنجولا والجابون وغينيا الاستوائية والكونغو.
وأضاف أن الأعضاء الأفارقة يواجهون تحديات إنتاجية وتشغيلية تمنعهم عن الوصول إلى المستويات الإنتاجية المأمولة وقد انخفض إنتاج النفط الخام لديهم إلى ما دون حصصهم وهو ما يعمل التحالف بقيادة السعودية وروسيا على علاجه.
ويرى، سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون الطاقة والمصارف أن أسعار النفط تلقت دعما نسبيا بعد خفض سعر الفائدة في الصين لكن الحجم المتواضع للعمل النقدي خيب آمال السوق بعد تزايد الأدلة على أن معركة البلاد بعد كوفيد تتعثر.
ولفت إلى بيانات صادرة عن بنك جولدمان ساكس ترجح أن الانتعاش في الصين يبدو أنه "تلاشى" حيث تتطلع البلاد إلى نمو بنسبة 5.4 في المائة هذا العام، وليس 6 في المائة كما كان من قبل وذلك يبرر تزايد المخاوف بشأن الطلب على الطاقة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
أما جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد أيه إف" فيرى أن أسعار النفط الخام تستمر تحت ضغط واسع هذا العام حتى مع تحرك كبار المنتجين في "أوبك+" وخارجها لخفض إنتاجهم، موضحا أن بيانات رسمية أظهرت أن الصادرات الصينية انخفضت بنسبة 7.5 في المائة في أيار (مايو) مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.
وأشار إلى أن عديدا من الاقتصادات الغربية لا تزال غارقة بالفعل في مزيج سيئ من التضخم وضعف النمو، معتبرا أن علامات الضعف المستمرة في الطلب ستستمر في التأثير في أسعار النفط وأنه على صعيد العرض وردت تقارير عن زيادة المعروض في السوق من كل من إيران وروسيا على الرغم من العقوبات الغربية.
وتضيف ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام، أن توقعات أسعار النفط الخام تمت مراجعتها أخيرا هبوطيا مع استمرار مخاوف الركود الاقتصادي، مشيرة إلى أن بنك "جي بي مورجان" خفض توقعاته لخام برنت لـ2023 إلى 81 دولارا للبرميل منخفضا من توقعات سابقة عند 90 دولارا.
وأوضحت أن سوق النفط الخام تترقب نتائج اجتماعات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي حيث تم مؤقتا إيقاف سلسلة طويلة من زيادات أسعار الفائدة ولكن من المتوقع العودة إلى إقرار مزيد من الرفع ما لم يظهر التضخم علامات واضحة على التراجع، معتبرة أن هناك بالفعل ضبابية في تقديرات الطلب المحتمل على الطاقة.
من ناحية أخرى، ارتفعت أسعار النفط دولارا للبرميل خلال تعاملات أمس، بعد توقع بعض المحللين انخفاض مخزونات الخام والوقود الأمريكية وتأكيد جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) استمرار المعركة لخفض التضخم إلى المعدل المستهدف عند 2 في المائة. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 1.29 دولار، أو 1.7 في المائة، إلى 77.19 دولار للبرميل. وصعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.46 دولار، أو 2.1 في المائة، إلى 72.65 دولار للبرميل.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 76.85 دولار للبرميل، أمس الأول، مقابل 76.45 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق ثالث ارتفاع على التوالي، وإن السلة كسبت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 73.06 دولار للبرميل.

سمات

الأكثر قراءة