إعلانات المشاهير

لا أدري من أين أبدأ في موضوع اليوم، فالتطور الحاصل في التواصل البشري عن طريق الحواسب والأجهزة الذكية مذهل ومتابعته تكاد تكون شبه مستحيلة، لهذا سأخصص مقالي للحديث عن مشاهير وسائل التواصل. ما يحدث اليوم هو معالجة لاحتياج الناس بطريقة مختلفة وقد تكون بالنسبة للبعض شاذة. البحث العام اليوم هو عن السعادة وإن كانت محصورة في موقف أو نكتة أو شخصية كاريكاتورية تجذب هواة المتعة والمرح الذين يزورون مواقع التواصل.
لم يعد الناس يهتمون بمتابعة العلماء أو الوعاظ أو المثقفين أو الناجحين في أي مجال، هم يتبعون يوميا مجموعة أشخاص يمنحونهم الابتسامة بأي ثمن والضحكة أكثر تأثيرا وضمانا للحصول على أكبر متابعين، لدرجة أن كثيرا ممن يبحثون عن زيادة أعداد المتابعين يضعون أنفسهم في مواقف لا تتوافق مع العرف الاجتماعي الذي كان سائدا أو السمعة المعلومة عنهم.
شخصيات كاريكاتورية تسيطر على المشهد اليوم، ولا يدري أحد عن أثرهم في مستقبل المجتمع وأفراده. المشكلة أن المتابعين يتحولون تدريجيا لأدوات تمكن هؤلاء المشاهير من الثروة والسيطرة وتوجيه الرأي العام. لعل أكبر مشاهد هذه السيطرة هو المبالغ الخيالية التي يفرضها هؤلاء على إعلاناتهم حتى إن كانت "خيرية"، فليس بعيدا عنا الاتهام الذي وجهه أحد مشاهير التواصل لزملائه بالحصول على مليون ريال مقابل الإعلان عن خدمات أو صناديق تبرعات خيرية.
هذا يعني أن سيطرة الإعلان المشاهيري وصلت إلى توجيه الناس إلى أعمال خيرية محددة، قد تكون غير مصرحة أو مراقبة من الجهات المختصة. إعلانات المشاهير في أغلبها تطول منتجات مختلفة لكن المعلومات التي تقدم من قبل هؤلاء ومن يتبعونهم في مجموعة الحساب الخاص بالمشهور تكون في بعض الأحيان مغلوطة، ولا يبدو أن أحدا يعاتب أو يعاقب من نشر معلومة تسويقية مغلوطة أو ضارة، ولا أعلم من هي الجهة المسؤولة عن السيطرة على الإعلان التجاري في وسائل التواصل والمتحكمة في تجار هذه الوسائل والمشاهير الذين يروجون لتجارتهم.
شاهدت كثيرا من الإعلانات وكثيرا من الضمانات التي يقدمها هؤلاء للبضائع التي يوردونها أو يعلنونها، ولي تجربتان كلاهما سيئ في المنتجات التي كان أكثر المشاهير يحلفون بأنها الأفضل والأرقى والأكثر حماية، لأجد نفسي أرمي المنتجين بلا عودة. لن يغير كلامي شيئا، لكنه دعوة لأن يكتفي المشاهد بالضحك مع أو على هؤلاء ويتجنب نصائحهم الشرائية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي