الاستثمار الرياضي .. المخاطر والفرص

بحكم تجربتي في حوكمة تسعة أندية رياضية، منها ثلاثة في الدوري الممتاز، أتناول في هذه المقالة بعض النقاط التي أرى أهمية تبنيها من قبل المعنيين بالأندية والاستثمار الرياضي في المرحلة المقبلة، سعيا إلى تحقيق الرؤية الوطنية، والمستهدفات ذات العلاقة بمشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية السعودية، الذي يهدف إلى تحقيق اقتصاد رياضي مستدام، ورفع مستوى الاحترافية والحوكمة في الأندية الرياضية. عملت وزارة الرياضة خلال الأعوام الماضية على تغيير الثقافة الإدارية، ورفع مستوى الحوكمة في الأندية الرياضية، وركزت جهودها على خمسة معايير لتقييم الحوكمة، وهي: "الاستراتيجية والقيادة، الإدارة والتشغيل، الالتزام والتحكم والرقابة، الإدارة المالية، والأنشطة التسويقية والفعاليات". ومن خلال تجربتي، فإنه يمكن تلخيص أهم التحديات التي تواجهها الأندية في طريقها نحو الحوكمة في التالي:
أولا، عشوائية اتخاذ القرار وضعف التخطيط وعدم دراسة المخاطر المرتبطة بالقرار، وأحد أسباب هذه العشوائية هو التداخل بين صلاحيات مجلس الإدارة، خاصة رئيس المجلس والإدارة التنفيذية، فالمجلس في الأصل دوره هو التخطيط الاستراتيجي والرقابة على التنفيذ، بينما دور الإدارة التنفيذية هو تنفيذ الخطط وفق الموارد المخصصة وتفعيل آليات الرقابة الداخلية، وتداخل هذه الأدوار أدى إلى ضعف فاعلية المجلس والإدارة التنفيذية وعشوائية القرارات، وبالتالي ضعف نسبة الإنجاز في الخطط والمبادرات الاستراتيجية وضعف في الرقابة على الموارد المالية وعدم وضوح المسؤولية والمساءلة.
ثانيا، ضعف التخطيط المالي وكفاءة الإنفاق والموازنات التقديرية، تقلل مخاطر الاعتماد على إيرادات إعانة الوزارة والنقل التلفزيوني من المرونة المالية للأندية، وتعد المخاطر التشغيلية الخاصة بالعمل في الأندية الرياضية، مثل مخاطر إصابة اللاعبين أو انخفاض أدائهم أو أداء الطاقم الفني، سبب رئيس في تكبد تكاليف غير متوقعة على النادي، وهذا يستدعي النظر في تفعيل نظام الرقابة الداخلية بمكوناته المعروفة من فاعلية المراجعة الداخلية وإدارة المخاطر ووجود ضوابط رقابية فاعلة وآليات للإبلاغ ورفع التقارير وغيرها.
ثالثا، محدودية الاستثمارات، وتتمثل معظم استثمارات الأندية -إن وجدت- في استثمارات عقارية تقليدية، ولم تستغل معظم الأندية الاستثمار في شعار النادي ومرافقه وجماهيريته.
رابعا، ضعف المنظومة التقنية في الأندية، وهناك حاجة إلى تفعيل التقنية بشكل أكبر سواء في عمل المجلس واللجان أو في إدارة المرافق أو في العمليات الإدارية والمالية، وقد يستلزم ذلك تطوير الكادر الوظيفي في الأندية، والاستثمار في التدريب والتطوير المتخصص.
خامسا، هناك حاجة إلى تطوير استراتيجية النادي في التواصل والتفاعل مع أصحاب المصلحة من الداعمين والموظفين والجهات الرقابية والمجتمع، والدخول في شراكات حقيقية مع القطاع الخاص والقطاع غير الربحي، لتقديم مبادرات مستدامة تبني اسم النادي وشعارة وتزيد من جماهيريته وتفاعله مع أصحاب المصلحة ومساهمته في تحقيق مستهدفات رؤية 2030.
سادسا، هناك حاجة إلى تطوير آليات الإفصاح والشفافية من خلال وجود موقع إلكتروني تفاعلي يتيح التسجيل في أنشطة النادي، ويحتوي على جميع المعلومات التي تهم أصحاب المصلحة وكذلك حسابات تواصل اجتماعي إبداعية تخاطب الفئات السنية المستهدفة، وكذلك وجود آليات واضحة للتقارير الربعية والسنوية واجتماع الجمعية العمومية السنوية.
لا شك أن مشروع تخصيص الأندية سيتيح فرصا متنوعة لقطاع الأعمال لعقد الشراكات والاتفاقيات والرعايات في مختلف الرياضات بما يعزز من إمكاناتها، وبما يسهم في توفير فرص تنموية، وتعزيز مساهمة القطاع في الناتج المحلي، ورفع حجم المحتوى المحلي.
أخيرا، لنجاح المرحلة المقبلة هناك حاجة إلى بناء الإطار العام للحوكمة في القطاع الرياضي من خلال تطوير لائحة حوكمة شاملة ومراجعة اللوائح الحالية لتكييفها مع الوضع المستقبلي لهذه المؤسسات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي