تحقيق أحلام إفريقيا .. الطموحات والمستقبل «2 من 2»

 في حين كثف المجتمع الدولي جهوده أثناء أزمة «الإيبولا»، تراجعت المعونة في الأعوام الأخيرة عن المستوى الذي حققته الجهود السابقة. فعلى سبيل المثال، حصلت رواندا وموزمبيق على معونة في شكل منح تعادل نحو 8 - 9 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في العقود التي أعقبت نهاية الصراعات الأهلية فيها. لكن في حالة سيراليون، تراجعت المساعدات الحالية إلى 2 - 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.

 تواجه النيجر تحديات كبيرة يمكن معالجتها باتباع خطوات حثيثة واقتصادية بحتة، كما تواجه تحديات جسيمة أيضا. فقد حققت نموا قويا في الأعوام الأخيرة، ومن المقرر أن تبدأ تصدير النفط الخام عام 2022. لكن نظرا لمعدل نموها السكاني الذي يعد الأعلى عالميا (3,8 في المائة، وأكثر من سبعة أطفال لكل أم، ومعدل وفيات مرتفع للأطفال)، فإن تطوير القطاع الخاص الوليد وإيجاد الوظائف يشكلان أولوية قصوى.
والأسوأ من ذلك أن النيجر تواجه تهديدين وجوديين: الصراع العسكري وتغير المناخ، وهما قضيتان تشترك فيهما مع دول الجوار في الساحل الإفريقي.
ويواصل الصراع المسلح تعديه على النيجر من خلال جماعات إرهابية تأتي إليها من حدودها مع مالي وبوركينا فاسو ونيجيريا. ومن الناحية الاقتصادية، بالنسبة لبلد موارده مستنزفة إلى حد كبير بالفعل، فإن الحاجة إلى نفقات عسكرية كبيرة تجعل إدارة المالية العامة أكثر تعقيدا، حيث يضع قيدا على الأموال التي كان يمكن استخدامها لأغراض التنمية.
وكاقتصاد تهيمن عليه الزراعة ويعتمد على سقوط كم محدود من الأمطار سنويا، يشكل تغير المناخ واقعا حاضرا في كل الأوقات بالنسبة للنيجر. ويلاحظ تزايد درجات الحرارة في الساحل الإفريقي بسرعة تعادل مرة ونصف المرة لمتوسط ارتفاع درجات الحرارة العالمية، ما يجعل سقوط الأمطار متذبذبا والمواسم المطيرة أقصر. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى تدهور جودة 80 في المائة من الأراضي الزراعية في منطقة الساحل الإفريقي.
ويمثل الصراع المسلح وتغير المناخ قضيتين ينبغي أن تستحوذا على اهتمام الحكومات في الاقتصادات المتقدمة، التي يشغلها صعود الإرهاب في شمال إفريقيا، وتدفق المهاجرين من المنطقة. وهناك مصالح مشتركة تربط التنمية الاقتصادية بالأوضاع الأمنية، خاصة في أوروبا.
من الطموحات إلى الواقع، يجب على دول مثل النيجر وسيراليون لا يمكن أن نتوقع منها ببساطة أن تعمل منفردة لإنجاز هذه المهام. وتعتمد أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة على تعبئة الموارد المحلية والدولية لتحقيق الأهداف العليا التي حددها المجتمع الدولي. إن كل المطلوب هو زيارة للقواعد الشعبية حتى نفهم مدى قوة طموحاتها، ومدى أهمية كل تقدم يمكن تحقيقه. ومع توفير موارد إضافية، يمكن لهذه الدول أن تحقق أكثر من ذلك، وتحول طموحاتها إلى حقيقة واقعة.           

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي