«كورونا» يتراجع بالنفط 10 دولارات .. الطلب يتراجع لأول مرة منذ الأزمة العالمية

«كورونا» يتراجع بالنفط 10 دولارات .. الطلب يتراجع لأول مرة منذ الأزمة العالمية
«كورونا» يتراجع بالنفط 10 دولارات .. الطلب يتراجع لأول مرة منذ الأزمة العالمية

استمرت حالة التباين في أسواق النفط أمس جراء عواقب انتشار فيروس كورونا في الصين وعدد من دول العالم، وهو ما أضعف مستويات الطلب النفطي، وأضر بتوقعاته المستقبلية في الوقت، الذي خسر فيه خام مزيج برنت عشرة دولارات منذ اندلاع "كورونا".
وتلقت الأسعار دعما من إعلان تحالف "أوبك+" عن إجراء تخفيضات أوسع وأعمق في مستويات الإنتاج يتم بحثها في الاجتماع الوزراي الموسع في فيينا خلال آذار (مارس) المقبل.
وأشار لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون أن المتعاملين في السوق يشعرون ببعض القلق وامتدت موجة المعنويات السلبية مع تخفيض وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب النفطي في 2020 بنحو 500 ألف برميل يوميا، لافتين إلى أن تحديات الطلب تتسع، حيث يتقلص للمرة الأولى منذ عقد خلال الربع الأول، بسبب تأثير تفشي فيروس كورونا في الاقتصاد الصيني.
ونوهوا إلى أن وكالة الطاقة الدولية قدمت رؤية محبطة نسبيا خاصة مع توقعها أن يؤدي تفشي فيروس كورونا إلى خفض إنتاجية التكرير الصينية بمقدار 1.1 مليون برميل يوميا خلال الربع الأول، وهو ما يتسبب بدوره في تقلص الطلب العالمي بمقدار 435 ألف برميل يوميا، وهو أكبر انخفاض فصلي منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.
وفي هذا الإطار، يقول لـ"الاقتصادية" مفيد ماندرا، نائب رئيس شركة "إل إم إف" النمساوية للطاقة، إن حجم تأثير الفيروس اقتصاديا لم تتضح معالمه الكاملة بعد، ولكنه يمثل عبئا جسيما على الطلب النفطي في الصين، الذي يعد محورا رئيسا من محاور الطلب العالمي، مشيرا إلى أنه نتيجة للتأثير الحاد في الطلب في قطاع النقل والصناعة خفضت وكالة الطاقة توقعاتها لنمو الطلب في العام الجاري إلى أدنى مستوى منذ 2011.
ونوه ماندرا إلى أنه بحسب تقديرات الوكالة، فإن جهودا دولية حثيثة مطلوبة لتحفيز الطلب مرة أخرى بعد هذه الانتكاسة الكبيرة، التي جاءت بعد حدثين دوليين مهمين وهما حرب التجارة وانتشار "كورونا"، لافتا إلى أنه من المتوقع أن يخفض الفيروس الطلب العالمي بمقدار 1.1 مليون برميل يوميا في الربع الأول، و345 ألف برميل يوميا في الربع الثاني، مع خفض إجمالي توقعات الطلب العالمي لعام 2020 بمقدار 480 ألف برميل يوميا ليصل إلى 100.97 مليون برميل يوميا.
من جانبه، ذكر دان بوسكا، كبير محللي بنك "يوني كريديت" الدولي، أن استهلاك النفط تلقى ضربة مؤثرة في ضوء شلل النقل والأنشطة الاقتصادية في الصين، لافتا إلى أن بكين بحاجة إلى إجراءات تحفيزية مكثفة لاستعادة الأداء الاقتصادي الطبيعي، بعدما تتمكن من السيطرة على الفيروس منوها إلى أن أحدث البيانات تشير إلى أنه كان من المتوقع أن تقود الصين أكثر من ثلث نمو استهلاك النفط في عام 2020، لكن التوقعات تغيرت حاليا في ضوء الأزمة الأخيرة لتكون أقل من خمس الاستهلاك العالمي.
وأضاف بوسكا أنه جراء الأزمات الدولية المتلاحقة، سواء المخاطر الجيوسياسية أو الصحية أو حرب التجارة أصبح المنتجون تحت ضغط متواصل، خاصة في ضوء توقعات سابقة بحدوث فائض كبير في الإمدادات خلال النصف الأول من 2020، مدفوعا بارتفاع إمدادات النفط من خارج "أوبك".
من ناحيته، يعتقد بيل فارين برايس، مدير شركة "بتروليوم بوليسي إنتجلنس"، أن انتشار فيروس كورونا ضاعف من الأعباء على سوق النفط خلال العام الجاري، وهو ما يجعل المنتجين أمام خيارات محدودة في التعامل مع الأزمة، ويكاد لا يكون هناك مفر من إجراء خفض إنتاجي جديد، مشيرا إلى أنه كان من المتوقع – قبل تلك الأزمة - أن تتجه سوق النفط العالمية نحو التوازن في النصف الثاني، بسبب مزيج من تخفيضات الإنتاج الجديدة من "أوبك" منذ بداية العام، وزيادة الطلب وتراجع نمو المعروض من خارج "أوبك".
وذكر برايس أن سعر برميل النفط خسر نحو عشرة دولارات منذ اندلاع أزمة انتشار الفيروس الصيني، وهو ما يمثل خسارة جسيمة للمنتجين وتحد كثيرا من قدراتهم الإنتاجية والاستثمارية، ولكن رغم ذلك يستمر توقع نمو المعروض من خارج "أوبك" في العام الجاري، بمقدار نحو مليوني برميل يوميا، مدفوعا في الغالب بالإنتاج الأمريكي من النفط الصخري، علاوة على إنتاج البرازيل وجيانا.
بدورها، ترى فالكسا هاف مدير الإنتاج في إحدى شركات السيارات العالمية، أن منافسة المنتجين على الأسواق الآسيوية لم تعد كما كانت قبل انتشار الفيروس، خاصة مع استمرار المصافي الرئيسة في شمال شرق آسيا في خفض معدلات تشغيلها ومستويات إنتاجها، إضافة إلى توقف أنشطة البناء والتصنيع والنقل في مختلف الاقتصادات الإقليمية الرئيسة في آسيا.
وأوضحت أنه يكفي أن نعرف أن معدل النقل البري في الصين هبط 44.1 في المائة على أساس سنوي، كما أن الطلب على الإسفلت من أجل خدمة مشروعات إنشاء البنية التحتية توقف في جميع أنحاء البلاد في ضوء تفشي المرض، لافتة إلى تسجيل تباطؤ ملحوظ في أساسيات الطلب الآسيوي على النفط، إضافة إلى الانخفاض المتلاحق في هوامش التكرير.
على صعيد تداولات الأسواق، ارتفعت أسعار النفط أمس وسط مخاوف حيال تراجع الطلب بسبب قيود السفر المفروضة، فيما يتعلق بتفشي الفيروس التاجي في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، وهو ما ألقى بظلاله على توقعات خفض المعروض من كبار المنتجين.
وبحسب "رويترز"، ارتفع خام برنت 13 سنتا، ما يعادل 0.14 في المائة إلى 55.88 دولار للبرميل، فيما ارتفع الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط سبعة سنتات أو 0.1 في المائة، مسجلا 51.24 دولار للبرميل.
وهوى الطلب النفطي بالصين، ثاني أكبر مستهلك للخام في العالم، بسبب قيود السفر إلى البلاد ومنها الحجر الصحي في بعض مناطقها، وقالت شركة تكرير نفط صينية أخرى، مؤسسة الكيماويات الوطنية الصينية، إنها ستغلق مجمعا طاقته 100 ألف برميل يوميا وتقلص معدلات المعالجة بمجمعين آخرين وسط انخفاض الطلب على الطاقة.
ويرى إدوارد مويا، محلل السوق في أواندا، أن "موجة صعود النفط فقدت بعض الزخم بعد أن أعلنت الصين قفزة كبيرة في حالات الإصابة بالفيروس الجديدة".
لكنه أضاف أنه حتى مع تعرض الخام لضغوط بفعل زيادة حالات الإصابة، فإن "أسعار النفط تشهد بعض الدعم من التقدم المتمثل في أن الروس قد يوافقون أخيرا على تخفيضات إنتاج إضافية من أوبك+".
وارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 55.54 دولار للبرميل مقابل 54.16 دولار للبرميل في اليوم السابق، وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" إن سعر السلة، التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب عدة انخفاضات سابقة، حيث كسبت السلة نحو دولار واحد، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 54.97 دولار للبرميل.

سمات

الأكثر قراءة