بعد شراكة 47 عاما .. 5 أيام تفصل بريطانيا والاتحاد الأوروبي عن الوداع الأخير

بعد شراكة 47 عاما .. 5 أيام تفصل بريطانيا والاتحاد الأوروبي عن الوداع الأخير

في أسبوع حاسم وتاريخي ستصبح المملكة المتحدة الجمعة المقبل أول بلد يغادر الاتحاد الأوروبي بعد ثلاثة أعوام ونصف العام من مساع مضنية للانفصال.
وبحسب "الفرنسية"، فإن بعضهم يحتفل، فيما ينتظر آخرون بحزن يوم 31 كانون الثاني (يناير)، موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، الذي أرجئ ثلاث مرات، وكان مصدر انقسام داخلي كبير في المملكة المتحدة.
لكن الانفصال بعد خمسة أيام لا يعني نهاية تامة للمتاعب بين لندن والدول الـ27 المتبقية في الاتحاد الأوروبي، بل هو يشكل انطلاقة لمفاوضات صعبة ستحدد أسس العلاقة بين الطرفين.
ولن تدق أجراس ساعة بيج بن، التي تخضع لتصليحات عند موعد الخروج، رغم محاولات أكثر المؤيدين حماسة لـ"بريكست" تحقيق ذلك، في المقابل، سيجري عد تنازلي عبر ساعة مضيئة أمام مقر رئاسة الحكومة في داونينج ستريت.
وبهذه المناسبة، ستدخل قطعة نقدية من فئة 50 بنس قيد التداول، وستطرح قيد التداول بداية ثلاثة ملايين قطعة، ثم سبعة ملايين.
ويلقي رئيس الوزراء بوريس جونسون المؤيد القوي لـ"بريكست" الذي يطرح نفسه كشخصية جامعة في البلاد منذ فوزه في الانتخابات التشريعية، خلال الليلة كلمة للأمة.
وكتب جونسون في رسالة نشرها حزب المحافظين أن الوقت "حان لنترك الماضي خلفنا ولنوحد البلاد"، في إشارة إلى الانقسام بين مؤيدي ومعارضي "بريكست"، الذي صوت 52 في المائة من البريطانيين لمصلحته في استفتاء 2016.
لكن مهمة توحيد البلاد لن تكون سهلة أمام جونسون، إذ رفضت مجالس نواب المحلية في اسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية قانونه حول "بريكست".
ونجح بوريس جونسون، الذي وصل السلطة في تموز (يوليو)، حيث فشلت رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي، التي غادرت داونينج ستريت دامعة العينين بعدما أخفقت ثلاث مرات في الحصول على موافقة البرلمان على اتفاق "بريكست".
وبعدما أعاد التفاوض على النص مرتين مع بروكسل وحصل على حل جديد يمنع إعادة حدود فعلية بين جمهورية إيرلندا وإيرلندا الشمالية، انتزع رئيس بلدية لندن السابق تأييد البرلمان لقانون يتيح تنفيذ الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويعود الفضل بذلك للأغلبية البرلمانية الساحقة، التي حققها في كانون الأول (ديسمبر)، وهي أغلبية غير مسبوقة لحزب المحافظين منذ عهد مارجريت تاتشر.
ووقعت الملكة إليزابيث الثانية في 23 كانون الثاني (يناير) النص المؤلف 535 صفحة، الذي تم التوصل إليه في تشرين الأول (أكتوبر) وحول اتفاق الخروج إلى قانون بريطاني.
وتبقى هناك خطوة أخيرة قبل النهاية الرسمية لعلاقة دامت 47 عاما بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، وتتمثل في اعتماد البرلمان الأوروبي الأربعاء المقبل اتفاق "بريكست"، الذي وقع الجمعة في كل من بروكسل ولندن.
وعلى ممثلي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن يعلنوا موافقتهم كتابيا على النص غداة ذلك، وهي الخطوة الأخيرة الرسمية.
غير أن 31 كانون الثاني (يناير) موعد رمزي فقط، فلا شيء كثير سيتغير فعليا ومباشرة بعد هذا التاريخ، وينص اتفاق الخروج على مرحلة انتقالية تمتد حتى الجمعة المقبلة، على المملكة المتحدة خلالها أن تطبق قواعد الاتحاد الأوروبي، لكن دون حق التصويت على قراراته.
في هذه الأثناء، عين الاتحاد الأوروبي سفيره السابق في الولايات المتحدة البرتغالي جواو فاليه دي ألمييدا، سفيرا في لندن، يتولى مهامه في الأول من شباط (فبراير).
وتهدف المرحلة الانتقالية، خصوصا إلى أن تعمل لندن وبروكسل على البحث في طبيعة علاقتهما المستقبلية، خصوصا في مجال التجارة.
ويريد جونسون أن ينهي هذه المفاوضات الانتقالية خلال وقت قياسي، مستبعدا أي إرجاء لموعدها إلى ما بعد نهاية العام، لكن الأوروبيين يعدون أن هذا الوقت لا يكفي وأنه يجب تحديد الأولويات.
وأعلن جونسون بوضوح أنه يرغب في اتفاق مشابه لاتفاق بلاده التجاري مع كندا، مع عدم الالتزام بقواعد التكتل الأوروبي.
وفي موازاة ذلك، تريد المملكة المتحدة التفاوض على اتفاقاتها الخاصة للتبادل التجاري الحر مع دول أخرى، خصوصا الولايات المتحدة في ظل إدارة دونالد ترمب، التي توقع اتفاقا تجاريا "مذهلا" مع لندن.
ولن تكون المفاوضات البريطانية الأمريكية سهلة، ولا سيما مع إعلان لندن أنها ستفرض ضريبة رقمية على الشركات التكنولوجية الكبرى في نيسان (أبريل)، رغم تهديد الأمريكيين بتدابير مقابلة.
ومن المقرر أن يصل مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، إلى لندن في 29 كانون الثاني (يناير) للقاء جونسون، "وإعادة التأكيد على العلاقة المميزة بين الحليفين ومناقشة السبل إلى توسعة وتعميق العلاقات التجارية بينهما بعد بريكست".
من جهته، ذكر ستيفن باركلي، وزير شؤون الخروج من الاتحاد الأوروبي "بريكست" أمس أن بلاده ستحدد مزيدا من التفاصيل فيما يتعلق بأهدافها في اتفاق للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي في الشهر المقبل بعد أن يكتمل خروجها من الاتحاد الجمعة المقبل.
وذكر باركلي: "سننشر أهدافنا في المفاوضات.. في الوقت المناسب بعد الـ31.. لكن المسألة الرئيسة هي أننا سنملك التحكم في قواعدنا. لن نكون مستقبلين للقواعد".
وأضاف باركلي: "لكن الفرصة الرئيسة هي أننا سنتمكن من تحديد معاييرنا، المعايير العالية في حقوق العمال والبيئة ودعم الدولة في إطار تلك السياسة التجارية".

الأكثر قراءة