Author

الاكتئاب

|


في ظل تسارع وتيرة الحياة والتحديات التي يتعرض لها الإنسان، سواء أ كانت فردية أو مجتمعية، فإنه من الطبيعي أن يعاني الشخص اختلالا في مزاجه الطبيعي وفي انفعالاته العاطفية، وذلك نتيجة متوقعة لمصاعب الحياة اليومية. فالحق - سبحانه - يقرر خلق الإنسان في كبد، أي في شدة وعناء من مكابدة الدنيا. من هنا، فإن ما سنتناوله اليوم ليس الحزن أو مشاعر الأسى، فهذه من الأحاسيس العادية ولا علاقة لها مباشرة بموضوعنا، إنما الذي نقصده بالاكتئاب تلك الحالة النفسية التي تشتد فيها الأحاسيس وتؤثر بدورها بشكل واضح في النشاط اليومي للمصاب لفترة طويلة. إذن، هو اضطراب نفسي مزاجي ينتج عادة من تفاعل معقد بين العوامل الاجتماعية والنفسية والبيولوجية قد يطول أمده وليس حالة طارئة. تشير مصادر منظمة الصحة العالمية إلى أن الاكتئاب من أكثر العلل شيوعا على مستوى العالم، حيث يؤثر في أكثر من 300 مليون شخص، مصيبا النساء أكثر من الرجال. وتختلف مسببات الاكتئاب بين شخص وآخر، فقد تكون بسبب عوامل وراثية، وهذا أمر شائع، وقد تكون أسبابا خارجية، كالظروف الاجتماعية والخلافات الزوجية والأسرية والمادية أو الأحداث المفاجئة المحزنة، وقد تكون أسبابا داخلية قادت إلى خلل في وظائف الدماغ والنواقل الكيميائية فيه. وتختلف أعراض الاكتئاب وطول مدته من شخص إلى آخر، فقد يعاني البعض أعراضا قليلة، في حين يعاني آخرون شدة الأعراض المصاحبة. ومن أبرز هذه الأعراض، الشعور بالحزن وعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية وحب العزلة واختلال الشهية وصعوبة التفكير وكثرة النوم، وفقدان الاهتمام بالأشياء التي اعتاد المصاب الاستمتاع بها. وكلما شخصت الحالة مبكرا، كان ذلك أدعى للشفاء. وليست هناك سن معينة للإصابة بالاكتئاب، إلا أنه لوحظ أن الإصابة به تزداد في مرحلتين، الأولى بين الـ40 والـ50، والثانية بين الـ60 والـ70. وقد ثبت أن البرامج الوقائية لها دور مهم في الحد من الاكتئاب، وتشمل تلك البرامج تعزيز نمط التفكير الإيجابي وزرعه منذ الصغر في الأطفال والمراهقين وتقوية الوازع الديني لديهم، وأن يحرص الإنسان على ممارسة الرياضة أيا كان نوعها، والمشي في الهواء الطلق، والتعرض للشمس بين حين وآخر، والابتعاد عن المحرمات، والمحافظة على شبكة اجتماعية داعمة من العائلة والأصدقاء، خاصة في أوقات الأزمات، وعدم كبت المشاعر والأحاسيس، وإشغال النفس بالمفيد من العمل والقراءة.

إنشرها