لأول مرة .. إصدارات أدوات الدين الخليجية تلامس 100 مليار دولار بارتفاع 25.3 %

لأول مرة .. إصدارات أدوات الدين الخليجية تلامس 100 مليار دولار بارتفاع 25.3 %

ارتفعت قيمة إصدارات أدوات الدين الخليجية خلال العام الماضي 2019 بنسبة 25.3 في المائة على أساس سنوي، إذ بلغت 99 مليار دولار مقارنة بعام 2018 البالغة حينها 79 مليار دولار.
وبحسب تحليل وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، استند إلى بيانات مصرفية وصفت ملامسة حاجز الـ100 مليار دولار بالحدث التاريخي الذي يحدث لأول مرة مع الإصدارات الخليجية، أسهمت فورة الإصدارات السيادية قبل أربعة أعوام في تمكين الإصدارات الخليجية من تحقيق حجم إصدارات بلغ 99 مليار دولار في ظرف عام واحد، وهو رقم لم تشهده المنطقة طوال تاريخها.
واستندت البيانات إلى إصدارات الدول الخليجية بالعملة الصعبة، بعد استثناء ما تم إصداره بالعملات المحلية وكذلك استثناء الإصدارات التي تقل آجال استحقاقها عن عام أو يقل مبلغ الإصدار عن مائة مليون دولار.
في حين يبلغ إجمالي إصدارات المنطقة خلال 2019 نحو 100.5 مليار دولار، حال تضمين آجال الاستحقاق لأقل من 12 شهرا، وتلك التي تكون أحجام إصداراتها أقل من مائة مليون دولار.

تقنين إصدارات 2020

في الوقت الذي ينتظر فيه مستثمرو الأسواق الناشئة إصدار السعودية من السندات الدولارية في أي وقت من الشهر الجاري، أشار مصرفيون متخصصون في أبحاث الدخل الثابت أن عزم المملكة تقنين قيمة إصداراتها بالعملة الصعبة ولا سيما المقومة بالدولار لهذا العام، من شأنه أن ينعكس إيجابيا على تسعير تلك الإصدارات، ويكثر طلب صناديق المؤشرات على الإصدارات القائمة للسعودية والمدرجة في البورصات العالمية.
وذكر مصرفيو "مورجان ستانلي" في ورقة بحثية اطلعت "الاقتصادية" عليها، أن إصدارات السعودية من أدوات الدين بالعملة الصعبة ستكون "أقل بنسبة 35 في المائة عما سبق إصداره في العام السابق".
في حين ترى دراسة بحثية أخرى عن إدارة الدخل الثابت لبنك أبوظبي الأول، أن المملكة تنوي جمع ما بين ثمانية إلى تسعة مليارات دولار من الأسواق الدولية للعام الجاري، وهو ما يشكل انخفاضا بمقدار أربعة إلى خمسة مليارات دولار عن المعدل المتوسط وهو 13 مليار دولار المتبع في العامين الماضيين.
وخرجت تلك الآراء بعدما ذكر القائمون على "المركز الوطني لإدارة الدين" في وقت سابق، أنه من المتوقع أن يراوح الجزء الدولي من الإصدار للعام الجاري بين 30 و35 مليار ريال دون تحديد للعملات الأجنبية المستهدفة إضافة إلى الدولار.
وترى وحدة التقارير في "الاقتصادية"، أن توقعات الاستدانة الدولارية لبيوت الخبرة تلك أخذت في الحسبان إمكانية استدانة المملكة بعملة أجنبية غير الدولار كاليورو أو غيره من العملات الآسيوية.

إيجابيات تلك المنهجية

أجمع المصرفيون على أن تلك المنهجية ستنعكس إيجابيا على تسعير الإصدارات المستقبلية وكذلك على الهوامش الائتمانية لأدوات الدين المدرجة، حيث إن إصدارات الدين المرتقبة للسعودية أي المعروض ستكون أقل مما تتوقعه السوق سابقا أي الطلب.
وهذا الأمر سيعزز أداء أدوات الدخل الثابت سواء المدرجة منها أو ما سيتم إصداره مستقبلا، ويرجع ذلك لكون المستثمرين الذين يديرون صناديق مع شركات إدارة الأصول ويتبعون مؤشرات سندات الأسواق الناشئة التابعة لـ"جي بي مورجان"، سيجب عليهم إغلاق مراكزهم الخاصة بالانكشاف على أدوات الدين السعودية وفقا للوزن المحدد مسبقا للسعودية مع المؤشر، بعدما يتم ضم تلك الإصدارات المستقبلية للسعودية إلى تلك المؤشرات، وهذا ما يعني أن أولئك المستثمرين سيضطرون إلى شراء جزء من الإصدارات القديمة المدرجة، من أجل تعويض نسبة التخصيص التي ينتظر أن تكون متدنية مع الإصدارات الجديدة، بحكم انخفاض القيمة الإجمالية لتلك الإصدارات عما عهده مستثمرو الدخل الثابت في العامين الماضيين.

حجم الطلب يفوق المعروض

يقدر "مورجان ستانلي"، أن إجمالي حجم طلبات المستثمرين على أدوات الدين الدولارية لهذا العام يصل الى 10.5 مليار دولار، بخلاف الطلبات الأخرى من شركات التأمين الأجنبية والمستثمرين المحليين من السعودية.
وهذا الرقم لا يتوافق مع الرقم الذي تنوي السعوديه الاستدانه به بالعملة الدولارية الذي قد يراوح ما بين سبعة وثمانية مليار دولار بحسب المصرف الأمريكي الذي يتخذ من نيو يورك مقرا له.
ومن المرجح أن تقلل شركات التأمين الآسيوية من حجم انكشافاتها على أدوات الدين الصادرة من بعض الحكومات الآسيوية لمصلحة السعودية التي تتميز بجاذبية العائد ومتانة التصنيف الائتماني.

قص شريط الإصدارات الخليجية

من ناحية أخرى، من المنتظر لجهات الإصدار الخليجية أن تقص شريط مشاركاتها لهذا العام في الساعات المقبلة مع انحسار المخاوف الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، وباتت معنويات المستثمرين مستعدة للنظر في إصدارات المنطقة.
وينقل عن المصرفيين العاملين في البنوك الاستثمارية أن الشهر الحالي سيكون لافتا من حيث حجم إصداراته التي كان من المفترض أن تنهمر خلال الأيام العشرة الماضية لولا حدوث التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة وإيران.
واضطرت جهات الإصدار إلى أن تبقى على جانب الطريق وهي ترى سيولة المستثمرين تتراكم مع بداية العام بغرض توظيفها مع إصدارات الدخل الثابت، لكن بعد اطمئنان أسواق الدين في الأسواق الناشئة إلى توجه "عدم التصعيد" بين أطراف التوترات الجيوسياسية، باتت البيئة مهيأة أكثر من أي وقت مضى لطرق باب أسواق الدخل الثابت العالمية.
يذكر أن بعض دول الأسواق الناشئة التي فضلت الإصدار في الأسبوع الماضي وسط التوترات الجيوسياسية في المنطقة، اضطرت إلى ترك خمس نقاط أساس على الطاولة كتعويض للمستثمرين عن المخاطر الجيوسياسية.

تعزيز كفاءات إدارات الخزانة

مع انضمام مُصدرين خليجيين جدد لأسواق الدين، بات ظاهرا استعانة تلك الشركات العملاقة بمصرفيين سابقين في أسواق الدخل الثابت من أجل تعزيز إدارات الخزانة التي تتولى في العادة ملف الاستدانة.
ومن المنتظر أن تسهم تلك الظاهرة الحديثة في إحداث وفرة في تكلفة الإصدار والاقتراض بحكم خبرة تلك الكفاءات في تسعير تلك الأوراق المالية، ولا سيما تلك الكيانات التي لديها احتياجات تمويلية ضخمة.
والبنوك المرتبة للإصدار تتنوع تخصصاتها، فمنها من يمتلك فريق أسواق دين متمكنا يعرف كيف يغلق مثل هذه الإصدارات، إلا أن هذه البنوك الاستثمارية تفتقر إلى الودائع المليارية الفائضة التي يمكن تسخيرها لمصلحة شراء جزء من الإصدار، وهنا يأتي دور البنوك التجارية الخليجية التي تمتلك هذه الميزة، لكن تفتقد إلى خبرة أسواق الدين.
ولا يعني بالضرورة تفويض عديد من البنوك لترتيب إصدار سندات، حيث إن رسوم الإصدار ستكون مرتفعة على جهة الإصدار ورسوم ترتيب الإصدار ستكون هي نفسها، لكن حصص البنوك ستكون منخفضة، علما بأن معدل عدد البنوك المرتبة لإصدارات السندات الدولارية يراوح ما بين 6.5 و4.6 في المائة.
يذكر أن بعض البنوك مستعد لتقديم التنازلات مع الرسوم من أجل تصدر جدول ترتيب البنوك الأكثر طلبا من حيث ترتيب إصدارات أدوات الدين "وهذه الاستراتيجية تجلب عملاء جددا".
ويصل معدل رسوم ترتيب إصدار أدوات الدين في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 0.7 في المائة للسندات ذات الدرجة الاستثمارية العالية، أي إذا كانت قيمة الإصدار مليار دولار، فإن جهة الإصدار تدفع سبعة ملايين دولار للبنوك، في حين يصل معدل هذه الرسوم لسندات "الخردة" إلى 1.2 في المائة من إجمالي قيمة الإصدار.

أهمية المؤشرات

انضمت السعودية بنهاية سبتمبر من العام الماضي إلى مؤشرات "جي بي مورجان" لسندات الأسواق الناشئة التي كان انضمامها لها تدريجيا على مدى أول تسعة أشهر من 2019، وبذلك أصبحت ديون المملكة جزءا لا يتجزأ من محافظ شركات إدارة الأصول العالمية سواء الخاملة منها أو النشطة.
وأهم تلك المؤشرات هو مؤشر سندات الأسواق الناشئة العالمي المتنوع EMBI GD الذي تندرج تحته أدوات دين بقيمة اسمية تصل لأكثر من 300.2 مليار دولار ويصل فيه وزن أدوات الدين السعودية إلى 3.30 في المائة وتحتل فيه المملكة المرتبة الخامسة من بين 72 دولة من الأسواق الصاعدة.
وبحسب البيانات غير المحدثة في أوائل 2019، تصل حصة أدوات الدين السيادية للمملكة ما بين 3.30 إلى 8.66 في المائة من إجمالي أوزان الدول الأخرى في تك المؤشرات، في حين تصل حصة منطقة الخليج في مؤشرات السندات الأربعة، وفقا لحسابات الصحيفة، ما بين 13.88 في المائة الى 17.94 في المائة.
ويتضح من الوثيقة الثقل الواضح للسعودية في مؤشرات الأسواق الناشئة لأدوات الدخل الثابت، إذ تصدرت السعودية ما بين رابع الى خامس أضخم جهة إصدار تم تضمين أدوات الدين الصادرة منها ضمن المؤشرات الأربعة التي تتبع أدوات الدخل الثابت القادمة من الأسواق الصاعدة، لتأتي بعدها روسيا في بعض الحالات، فيما تصدر المراتب الثلاث الأولى المكسيك والصين وإندونيسيا.
ومن المرجح أن تكون أوزان أدوات الدين للسعودية والخليج أعلى من تلك الأرقام، وذلك لكون دول المنطقة إضافة إلى الشركات الحكومية المؤهلة للانضمام لتلك المؤشرات أصدرت أدوات دين جديدة منذ أوائل عام 2019، وتعذر الحصول على آخر تحديد صادر من الجهة المشغلة لمؤشرات "جي بي مورجان" ذلك لكون تلك التحديثات توجه لمديري الأصول الذين يستخدمون مؤشراتها.

الانضمام لم يكن سهلا

تاريخيا، دائما ما عانت أدوات الدخل الثابت عدم حصولها على التقدير اللازم كأصول متميزة عن غيرها من الأسواق الصاعدة، ونتج عن ذلك عدم وجود نوعية الأصول تلك في معظم محافظ شركات إدارة الأصول المتخصصة بالاستثمار في الأسواق الناشئة.
إلا أن الأمر برمته بدأ في التغير تدريجيا مع نهاية يناير 2019 عندما شرعت مؤشرات "جي بي مورجان" في إضافة الديون الخليجية إلى مؤشراتها الرئيسة التي تتبع أداءها الصناديق المتخصصة في أدوات الدخل الثابت.
وتأخرت عملية الانضمام لهذا المؤشر بشكل كبير، ويعود ذلك إلى وجود معيار صارم يفيد بأن دول الخليج تقع في مرتبة عالية جدا على مؤشر البنك الدولي لتصنيف الدخول المرتفعة تتجاوز المعايير العادية التي تؤهل للإدراج في مؤشر الأسواق الناشئة، وهو أن يكون دخل الفرد أقل من 20 ألف دولار، حيث إن دخل الفرد في الإمارات يصل إلى 40 ألف دولار مقارنة بعشرة آلاف دولار للبرازيل.
بيد أنه تم إيجاد منهجية أخرى تسمح لدول الخليج بأن تكون ضمن تصنيف الأسواق الناشئة مثل "نسب تعادل القوة الشرائية" التي يستخدمها صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للمقارنة بين ثروات مختلف الدول.
وهذا المؤشر يمكن استخدامه في بعض الأحيان لمقارنة مستويات المعيشة بين دولتين أو أكثر، وهذا المعيار يستخدم أيضا لقياس تكلفة شراء سلة سلع مماثلة لعملات دول أخرى في الأسواق الناشئة.
وبالنسبة إلى الصكوك، فإن الأنظمة الداخلية للمؤشرات تسمح باختيار الصكوك الصادرة من جهات الإصدار المؤهلة، شريطة أن تكون الصكوك حاصلة على تصنيف ائتماني من إحدى وكالات التصنيف الائتماني العالمية، وتاريخيا تمت إضافة الصكوك إلى المؤشر منذ أواخر 2016.

* وحدة التقارير الاقتصادية

سمات

الأكثر قراءة