عالم المرآة .. ملامح الواقع الافتراضي في العقد الجديد
سيبقى العقد الثاني من هذا القرن راسخا في الأذهان، باعتباره العقد الذي اجتاحت فيه الشاشات كل جزء من حياتنا.
في الأعوام العشرة المقبلة، سنرى أن كل جزء من حياتنا، قد تم تجسيده مرة أخرى من على الشاشة.
الواقع الافتراضي - والمدمج - المدعوم بكاميرات الهواتف الذكية الأكثر تطورا ورسومات الكمبيوتر فائقة الواقعية، يعني أننا سنكون قادرين قريبا على الدخول في عالم رقمي، يستنسخ شخصياتنا والبيئة المحيطة بنا خارج الإنترنت بتفاصيل دقيقة.
أولئك الذين يشعرون بالقلق من قبل بشأن إدمان الهاتف الذكي، سيجدون هذا الاحتمال مخيفا.
الملايين منا بدأوا بالفعل هذه الرحلة. أي شخص صمم صورته الرمزية الكرتونية في تطبيق "بتموجي" من "سناب شات"، أو "ميموجي" من "آبل"، وضع قدمه في الواقع الافتراضي الجديد.
كانت الدمى الرقمية في السابق حكرا على شخصيات هوليوود.
عندما تم إنتاج سلسلة أفلام "سيد الخواتم" الثلاثية في أوائل العقد الأول من القرن العشرين، تم تخصيص جزء كبير من ميزانيتها البالغة 281 مليون دولار، لتحويل الممثل آندي سيركس إلى "جولم"، وهذا يعد إنجازا كبيرا بالنسبة إلى تقنية التقاط الحركة. الآن، يمكن أن تصبح كاميرا الصور الشخصية لكل هاتف ذكي جهازا لالتقاط الحركة، لترسم بالتفصيل التغيرات الدقيقة في تعابير وجوهنا لنقلها إلينا بنسختنا الرقمية.
خلال العقدين الماضيين، أحرزت استوديوهات ويتا النيوزلندية، تقدما في مجال التأثيرات المرئية، وهي التي وراء شخصية "جولم"، بداية من الوحوش إلى ابتكار شخصيات رقمية واقعية بدرجة مقنعة، مثل استنساخ ويل سميث الأصغر سنا في فيلم رجل الجوزاء Gemini Man.
باستخدام التكنولوجيا نفسها، يعيد صانعو الأفلام إحياء جيمس دين، الذي توفي قبل 60 عاما. تم تصوير نسخة من الممثل دين بواسطة الكمبيوتر في فيلم جديد، من المقرر عرضه في وقت لاحق من هذا العام.
بصرف النظر عن الدعم المقدم من ممتلكات دين، إلا أن نجوم هوليوود، مثل كريس إيفانز وإيليا وود، اعترضوا على استعادة الممثلين إلى الحياة من الموت. أحداث مسلسل المرآة السوداء Black Mirror تأتي بسرعة في الحياة الواقعية. قال سيان بانيستر، الذي يملك رأس مال مغامر في شركة فاوندرز فند، في قمة الشخصيات الافتراضية في سان فرانسيسكو العام الماضي: "بعض الناس يرون أن جزءا كبيرا من هذا مخيف. عندما بدأت الاستثمار في هذا المجال، ظن الناس أنني أصبت بالجنون، بيد أنني أعتقد أن هذا هو المستقبل الذي سنعيش فيه - وهو ليس ببعيد".
ليست أشكالنا فحسب التي سيتم استنساخها رقميا، بل حتى البيئة المحيطة بنا أيضا. تتيح تطبيقات من شركات عدة، إمكانية مسح الأجسام في العالم الواقعي ضوئيا وإدخالها في العالم الافتراضي، في صورة شبه حقيقية ثلاثية الأبعاد، ببساطة، عن طريق التجول حولها باستخدام كاميرا الهاتف الذكي.
استثمرت شركة إبيك جيمز لألعاب الفيديو، التي أنتجت لعبة فورتنايت Fortnite، في مجموعة من التكنولوجيات التي ستجعل من السهل على شركات التطوير الأخرى، بإدراج أشخاص وأماكن مشابهة للواقع في تطبيقاتهم وألعابهم.
في قمة الشخصيات الافتراضية نفسها، توقع كيم ليبريري، وهو كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة إبيك: أنه "في الأعوام العشرة المقبلة سيندمج العالم الافتراضي والعالم الحقيقي في عالم واحد. ولن تستطيع بالفعل معرفة الفرق بينهما".
لم تحظ سماعات الواقع الافتراضي بعدد كبير من المعجبين حتى الآن، لكن بحلول نهاية العقد، فإن الأجهزة الجديدة التي يمكن ارتداؤها، بما في ذلك النظارات الذكية، قد تجعل تكنولوجيات محاكاة الواقع "المغمورة" متاحة على نطاق واسع.
في غضون ذلك، تمنحنا سماعات الرأس، مثل أوكولوس كويست، نظرة خاطفة على "العالم المرآة".
في أحدث تطبيق من شركة تندر كلاوز لتطوير الواقع الافتراضي يسمى The Under Presents، هناك جزء من ألعاب الفيديو متعددة اللاعبين، وجزء من المسرح الواقعي، مستوحى من المنتجات الفنية التي يختلط فيها الممثلون بالجمهور، مثل مسرحية سليب نو من إنتاج شركة بنش درنك، أو أحد العروض المسرحية لـ"سيكرت سينما".
في فترة محدودة وليس عبر "برامج الذكاء الاصطناعي" المتبلدة، التي تكون عادة في ألعاب الفيديو، يتم لعب دور كثير من الشخصيات بواسطة ممثلين حقيقيين.
تعاقدت شركة التطوير مع فنانين ومحركي دمى وراقصين ارتجاليين. لم يتم تجريب هذا المفهوم من قبل – يرجع ذلك جزئيا إلى أن تكاليف تجهيز الاستوديو وتشغيله من أجل التقاط حركات كل شخصية عدة أشهر متتالية، ستكون مكلفة للغاية.
في The Under Presents يستخدم كل ممثل سماعة واقع افتراضي تماما مثل اللاعبين. سماعة الرأس المستشعرة للحركة وأجهزة التحكم تلتقط السلوكيات والإيماءات، لبث الروح في شخصياتها المتنكرة الغامضة. يقول داني كانيزارو، المؤسس المشارك لشركة تندر كلاوز: "من خلال تتبع الأيدي والرؤوس فقط، يمكنك أن تكون معبر للغاية".
إذا كان الخبراء على حق، سيكون "الواقع الافتراضي" على مدى الأعوام القليلة المقبلة أكثر من مجرد زوج من النظارات غير العملية.
بدلا من السؤال عما إذا كنا نستخدم شاشاتنا أكثر من اللازم، قد يكون السؤال المهم في عقد آخر – ربما هو الراهن - عن أي نسخة نفضلها من الواقع الافتراضي؟