اتهام وسائل التواصل الاجتماعي بتبديد موارد المجتمعات

اتهام وسائل التواصل الاجتماعي بتبديد موارد المجتمعات
اتهام وسائل التواصل الاجتماعي بتبديد موارد المجتمعات

وسائل التواصل الاجتماعي غيرت الحياة العملية للقابلة كليمي هوبر، المعروفة على تطبيق إنستجرام باسم أم البنات، ثم تبين أنها السبب في دمارها.
تلقت السيدة هوبر موافقات العلامة التجارية، من خلال عملها كمدونة لأسلوب حياة الأبوة والأمومة.
بعد اعترافها بترك رسائل مسيئة مجهولة على حسابات منافسة على تطبيق إنستجرام، أغلقت حسابها، وطولب مجلس التمريض والقابلات في بريطانيا، بأن تتوقف عن ممارسة العمل. قال المجلس "إنه مرر كل الرسائل إلى الفرق المعنية".
في حين إن السيدة هوبر زرعت بذور صعوبتها بنفسها، إلا أن هناك مؤثرين آخرين وجدوا حياتهم المهنية تتعرض لانتقادات عبر الإنترنت، فضلا عن المضايقة والإرهاق.

عوامل غير مباشرة
جينا درينتين، الأستاذة المساعدة للتسويق في كلية كوينلان للإدارة في جامعة لويولا في شيكاغو، تقول "إنه في حين إن المنصات، مثل تطبيق إنستجرام، قد لا تشجع المستخدمين مباشرة على التفاعل مع المضايقين، إلا أن بصريات المشاركة والقدرة على اختراق اقتصاد الاهتمام للتسييل المحتمل، تشجع بالفطرة مثل هذه التفاعلات".
أظهرت إحدى الدراسات أن بعض المؤثرات من الإناث على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، يتفاعلن مع المضايقين عن طريق نشر الرموز التعبيرية أو المختصرات مثل lol، بدلا من حذف منشوراتهم يدويا، لأن هذه التعليقات السلبية أو العدائية تزيد من معدلات المشاركة، التي بدورها تزيد القدرة على رؤيتها لدى الآخرين وإمكانات الاستفادة المالية.
مع ذلك، حتى الذين ليسوا مؤثرين رقميين تبين لهم أن حياتهم المهنية تتضرر من وسائل التواصل الاجتماعي.
في عام 2013 خسرت جاستين ساكو، مديرة العلاقات العامة الأمريكية وظيفتها بعد نشر تغريدة مسيئة.
في عام 2016، طُردت أنجيلا جيبينز من المجلس البريطاني بسبب سوء سلوك فظيع بعد نشر منشور مسيء على منصة فيسبوك عن الأمير جورج، الذي يأتي ترتيبه الثالث لتولي عرش بريطانيا.
على الرغم من وجود أعلى إعدادات الخصوصية الممكنة على ملفها الشخصي، إلا أن المنشور تسرب إلى الصحافة.
محكمة مختصة بالتوظيف أيدت الطرد، حيث وجدت أنها انتهكت نصيحة صاحب عملها بشأن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي: في شأن "الموظفين ينبغي أن يكونوا حذرين مما يقولون، حتى لو اعتقدوا أن تعليقهم سري".

مقالة أكاديمية لافتة
في مقالة أكاديمية نشرت هذا العام، بعنوان "خسرت وظيفتي بسبب منشور على موقع فيسبوك، أكان ذلك عدلا؟" كتبت فيرجينيا مانتوفالو، أستاذة حقوق الإنسان والعمل في كلية لندن الجامعية، إن أصحاب العمل البريطانيين لديهم أسباب وجيهة للرغبة في كبح جماح منشورات الموظفين على وسائل التواصل الاجتماعي، لأنها على سبيل المثال، يمكن أن تلحق ضررا محتملا "بالأداء في مكان العمل، والعلاقات المتناغمة في العمل، وسمعة الشركة".
تقول مانتوفالو "إن الحجج القائلة إن الشركات تدافع عن سمعتها من خلال مراقبة منشورات وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن تتداخل مع حقوق الموظفين في الخصوصية وقد تخفي وجهات نظر أخلاقية حول الطريقة التي ينبغي أن يعيش بها الموظفون حياتهم".
وقد توفر انتهاكات وسائل التواصل الاجتماعي المفترضة ذريعة مثالية لإقالة شخص ما بسبب ضعف الأداء الذي لا علاقة له بالموضوع.
وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أيضا أن تعوق العمل. قالت مغنية الراب نيكي ميناج -لديها عدد متابعين على "إنستجرام" يزيد على 108 ملايين"، "إنها لن تنشر على الموقع، لأنه كان يجرب نظاما جديدا لإزالة "الإعجابات" من المشاهدة العامة، وتحدثت مع كثيرين ممن يعانون محاولات التشتيت عندما كتبت التغريدة التالية: "ممممم، ماذا ينبغي أن أفعل الآن؟ فكروا في كل الوقت الذي سأحظى به في حياتي الجديدة".

استراحة محارب على "تويتر"
مارك هادون، مؤلف كتاب The Curious Incident of the Dog in the Night-Time، كتب في "فاينانشيال تايمز" هذا العام أنه أخذ استراحة من منصة تويتر، بعد أن أدرك أنه كان يقضي كثيرا من وقته يؤلف ردودا تتسم بالفكاهة، أو يصبح منشغلا بالتعليقات.
"باختصار، كنت أضيع وقتي وطاقتي وعواطفي، كنت أتفاعل مع الأشخاص والأشياء حولي بشكل أضيق، وكنت أفكر بحرية أقل".
اشتكى آخرون من أنهم أصبحوا قلقين جدا من إثارة الغضب في منتديات وسائل التواصل الاجتماعي، بحيث انتهى بهم الأمر إلى مراقبة أنفسهم، الأمر الذي يؤثر أيضا في طريقة تفكيرهم.
لورينزو بيزي، الأستاذ المساعد للإدارة في جامعة كاليفورنيا الحكومية، فولرتون، يقول "إننا نميل إلى أن تكون لدينا وجهة نظر بسيطة حول وسائل التواصل الاجتماعي عندما يتعلق الأمر بالعمل، وبالتالي عدم التمييز بين الاستخدام السلبي، مثل تصفح المنشورات، أو الاستخدام الفعال عندما ننشر المحتوى. سلوكيات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة لها ردود فعل مختلفة".
كما يشير أيضا إلى أن الأدوار الوظيفية المختلفة قد تستخدم بشكل متباين لوسائل التواصل الاجتماعي. في وظيفة إبداعية، مثــــــــــلا، في إحدى وكالات الإعلان، قد توفر استراحة مرحبا بها لمدة خمس دقائق، أو تعزز الشعور بالراحة، ما يؤدي إلى العمل المنتج.
بينما بالنسبة إلى الذين في وظائف مكررة مملة، قد تكون لها آثار مختلفة: تصفح سريع على منصة تويتر، يمكن أن يتحول إلى استخدام الإنترنت في العمل لأغراض شخصية.
العمل، وليس وسائل التواصل الاجتماعي، قد يكون هو المخطئ. إذا كانت وظيفتك غير مُرضية، فإن إغراء تطبيق إنستجرام يتبين بسرعة أنه أكثر جاذبية من جداول البيانات.

ماهية العمالة الفارغة
رولاند بولسين، الأستاذ المساعد للدراسات التنظيمية في قسم إدارة الأعمال في جامعة لوند، أجرى أبحاثا عن العمالة الفارغة، التي يعرّفها بأنها "الأنشطة الخاصة في العمل".
في ورقة البحث، يجادل "على الرغم من الكمية الهائلة من الأبحاث الاجتماعية، التي توضح كيف تؤدي المنافسة القوية للعولمة إلى التحريض المسبق وزيادة الأمراض الاجتماعية مثل "الإرهاق"، إلا أن عددا من الدراسات يفيد بأن الموظفين بشكل عام يقضون ما بين 1.5 إلى ثلاث ساعات من ساعات عملهم اليومية في أنشطة غير مرتبطة بالعمل"، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي.
يجد آخرون وسائل التواصل الاجتماعي مفيدة لحياتهم المهنية، على سبيل المثال، حيث يلجأ العاملون لحسابهم الخاص إليها، لمحاربة العزلة وتوفير التفاعل الاجتماعي والثرثرة التي يفتقدونها بسبب عدم وجودهم في مكتب.
استجابة لدعوة على "تويتر" نشرتها "فاينانشيال تايمز" عن هذا الموضوع، أجاب عدد من الأشخاص بالإعراب عن تقديرهم لمزايا وسائل التواصل الاجتماعي في سياق العمل.
يقول أحد مستشاري خدمة الصحة الوطنية في بريطانيا، "إنه يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لتثقيف جمهور عالمي".
"بدلا من عرض دراسة حالة طبية على أكثر من عشرة أشخاص في غرفة واحدة، أستطيع نشر المعرفة إلى عشرات الآلاف أكثر، عبر الحدود، والمناطق الزمنية، والتسلسلات الهرمية المهنية والاجتماعية".
نتيجة لذلك، التقى زملاء جددا في دول أخرى تعاون معهم بشكل مهني، كما تفاعل مع مهنيين طبيين آخرين حول موضوعات متعلقة بالعمل تراوح بين القضايا الصغيرة – أخطاء التعرف على الكلام – إلى قضايا فرض الضرائب على المعاشات التقاعدية.
كما يمكن أن توفر منصة للذين تم تجاهل أصواتهم في السابق.

معاناة الملونين
تانو سريجاين، الأستاذة المساعدة في المسؤولية الاجتماعية المؤسسية والأخلاق في كلية ترينيتي في دبلن، كتبت "بصفتي امرأة ملونة، أعرف معنى التصيد الذي يمكن أن يتعرض له المرء، على وسائل التواصل الاجتماعي".
مع ذلك، تشير إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تساعد على تضخيم الأصوات والآراء التي من المحزن أن نقول إنها لا تُسمع على المنصات الرئيسة"، وأنها وفرت نماذج يحتذى بها، حيث لم يكن هناك سوى القليل منها من قبل. هذا يدفعنا إلى تمريرها إلى المجتمع على الصعيد العالمي".
وهناك امرأة تعمل في صناعة الطيران استجابت على "تويتر"، بالقول "إنها تجد وسائل التواصل الاجتماعي أداة مفيدة لإحضار العاملين المختلفين من دول عديدة عبر النشاط الجماعي".
وقد تبدى ذلك في مجالات أخرى، خصوصا في صناعة التكنولوجيا.
العاملون في جوجل كانوا يستخدمون هاشتاق #Googlewalkout للمساعدة على تنسيق الاحتجاجات في العام الماضي.
إلا أن العاملة في الطيران قالت "إنه مع الزمن أصبحت المجموعات على موقع فيسبوك تتلقى طوفانا من الأخبار المزيفة والاعتراض".
وتقول "أصبحت وسائط التواصل الاجتماعي جزءا مكثفا من الحياة اليومية، ويمكن أن تقدم أشياء إيجابية على شكل صداقات ورفقة ومعلومات، خصوصا بالنسبة إلى القوى العاملة.
كما يمكن أيضا أن تستهلك رفاهيتنا العاطفية ووقتنا، الذي بدوره يمكن أن يؤثر سلبا في مشاعرنا في العمل نحو شركاتنا وزملائنا".

التواصل الاجتماعي .. نجاحات وإخفاقات
يتحدث مستخدمون بارزون عن تجربتهم على مدى أكثر من عقد على الإنترنت:
ميشيل فان: باعتبارها مدونة فيديوهات التجميل الرائدة، بدأت السيدة فان النشر على موقع يوتيوب في عام 2007.
الآن لديها نحو تسعة ملايين مشترك في قناتها. قبل عامين، أخذت استراحة لمدة عامين من موقع يوتيوب، وقللت أيضا من منشوراتها على وسائل التواصل الاجتماعي، ثم عادت في أيلول (سبتمبر) الماضي، فضلا عن التأثير التجميلي، أصبحت داعية لعملة "بيتكوين".
تقول السيدة فان "إنه قبل أن تأخذ "استراحة" كانت توجد المحتوى، وموجودة باستمرار على وسائل التواصل الاجتماعي. أصبحت مرهقة للغاية. بدأت أفتقد الدافع، لم أجد المتعة فيما كنت أفعله. عندما تكون مبتكرا على الإنترنت، يكون هناك هرمون الإندورفين الذي يتم إطلاقه عندما تحصل على إعجابات وتعليقات. أن تكون على الإنترنت وتحصل على كثير من المصادقة يشبه المخدرات".
في بعض الأوقات، تسببت في الإجهاد البدني. "كان صدري ضيقا وكان لدي ضيق في التنفس"، على حد قولها.
عندما توقفت عن إنشاء مقاطع الفيديو، سمح لها هذا بتقليل الوقت الذي تقضيه على منصتي تويتر وإنستجرام. "لم أكن أفكر في كيفية التنافس مع الخوارزمية. ركزت على الحياة خارج عالم وسائل التواصل الاجتماعي".
أرادت استعادة "الوضع الطبيعي" في حياتها مرة أخرى. بعد عام، شعرت بالحيوية.
"تعرضت للنسيان. كان لدي هدوء في حياتي للتفكير. هناك كثير من الضجيج على وسائل التواصل الاجتماعي. كان علي إسكات هذا الضجيج. كنت بحاجة إلى أفكاري الداخلية".
باعتبارها رائدة في مدونات الفيديوهات، لم تكن لديها أدنى فكرة عما ينبغي أن يكون المسار الوظيفي. "لم أرغب في الانتظار ورؤية زوالي. حتى النجم سيحترق ويتقلص. كان ذلك بمنزلة زر إعادة التشغيل لذاتي. عليك السيطرة على ذاتك، فأنت محاط بكثير من الأشخاص الإيجابيين الذين يمكنهم تمكينك. كان علي وضع حدود تخصني، وإعادة تقييم المكان الذي أردت الذهاب إليه".

الأكثر قراءة