بنوك ومؤسسات مالية تعدل توقعاتها لأسعار النفط بعد صفقة "أوبك+".. 70 دولارا للبرميل

بنوك ومؤسسات مالية تعدل توقعاتها لأسعار النفط بعد صفقة "أوبك+".. 70 دولارا للبرميل

مالت أسعار النفط إلى الانخفاض، بسبب تداعيات حرب التجارة وتوقعات تباطؤ الطلب العالمي على الخام.
وتترقب السوق مدى امتثال المنتجين لحصص خفض الإنتاج الجديدة، التي تتحمل السعودية العبء الأكبر منها بنحو 400 ألف برميل إضافية، لامتصاص وفرة المعروض في الأسواق في الربع الأول، والتي تتزامن مع ضعف موسمي في مستويات الطلب على النفط الخام.
ويتوقع مختصون ومحللون نفطيون، أن تكون صفقة "أوبك +" الأخيرة سببا رئيسا في استعادة التوازن بين العرض والطلب وتحفيز الأسعار على مزيد من التماسك والتعافي، واستئناف مسيرة صعودية قد تدفع أسعار النفط إلى 70 دولارا للبرميل في العام المقبل بشرط تراجع تأثير الحرب التجارية، وعدم وقوع مزيد من الصراعات والتوترات السياسية، خاصة في الشرق الأوسط.
وأكدوا لـ"الاقتصادية"، أنه في ضوء الصفقة الجديدة لمنتجي النفط الخام في "أوبك" وخارجها عدل كثير من البنوك والمؤسسات المالية توقعاتها لمتوسط أسعار النفط.
وأوضحت أن اتساع تخفيضات الإنتاج إلى مستوى 1.7 مليون برميل يوميا، التي ترتفع إلى 2.1 مليون برميل يوميا بعد إضافة التخفيضات الطوعية السعودية، سيكون لها تأثير واسع في امتصاص وفرة المعروض النفطي المقبل والتعامل مع مشكلات الركود والتباطؤ الاقتصادي، وضعف الطلب على النفط الخام موسميا.
وأشاروا إلى دور السعودية المؤثر في حث بقية المنتجين على الوصول إلى أعلى مستوى ممكن من الامتثال والمطابقة لحصص خفض الإنتاج بعد تعديلها.
وقال سيفين شيميل مدير شركة "في. جي. إندستري" الألمانية، إن التخفيضات الإضافية بعد تعديل صفقة خفض الإنتاج ظهر مردودها فورا على الأسعار، التي حققت مكاسب جيدة تقاومها من ناحية أخرى استمرار مخاوف تعثر المفاوضات التجارية والشكوك المحيطة بالاقتصاد العالمي وضعف بيانات الصين.
وأوضح أن أحدث التقارير الدولية لـ"أويل برايس"، تشير إلى أن السعودية ستخفض المستوى الحالي 167 ألف برميل يوميا ضمن الاتفاق الجديد، إضافة إلى 400 ألف برميل يوميا طوعيا، بينما ستخفض الإمارات 60 ألف برميل يوميا، والكويت 55 ألف برميل يوميا، والعراق 50 ألف برميل يوميا وروسيا 70 ألف برميل يوميا، إضافة إلى مساهمات أخرى أصغر من بقية المنتجين.
وذكر أن التخفيضات جيدة، متوقعا أن يكون الامتثال أفضل من الفترات السابقة، خاصة بالنسبة للعراق وروسيا.
من جانبه، أكد ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، أن وضع السوق لا تزال تتسم بعدم اليقين وخطة المنتجين القادمة لخفض المعروض محفوفة بكثير من التحديات والصعوبات، خاصة ما يتعلق بالامتثال الكامل للخفض، للمساعدة بشكل جدي في التعجيل باستعادة التوازن والاستقرار في السوق خلال الفترة المقبلة.
وأشار إلى أنه بحسب بيانات بنك "أوف أمريكا ميريل لينش" فإن الربع الأول سيشهد فائضا قدره 700 ألف برميل يوميا، وأن نجاح صفقة منتجي "أوبك +" الجديدة ستهبط بهذا الفائض إلى 200 ألف برميل يوميا بشرط الالتزام الصارم من المنتجين كافة، وعدم الاعتماد فقط على مرونة الإنتاج السعودي وقدرته السريعة على تقليص المعروض واحتواء حالة الوفرة في الأسواق.
من ناحيتها، قالت ناجندا كومندانتوفا كبير محللي المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة، إن الصفقة الجديدة رسمت إطارا جيدا للنجاح في الفترة المقبلة، والجميع يتحملون مسؤولية مشتركة عن تصحيح مسار السوق وعلاج أوجه الضعف والقصور.
وذكرت أن الشهور الثلاثة المقبلة هي بالفعل اختبار لمدى التعاون والتنسيق في السوق بين كبار المنتجين، خاصة فيما يتعلق بتنفيذ حصص الخفض بشكل يتسم بالشفافية والصرامة.
وأوضحت أن خفض الإنتاج سيساعد كثيرا في التغلب على ارتفاع مستوى المخزونات في السوق، التي شهدت تناميا ملحوظا في الشهور الأخيرة، كما أن التطورات الاقتصادية الإيجابية سوف تدعم خطة المنتجين، خاصة إذا تم التوصل إلى اتفاق جزئي بين الولايات المتحدة والصين يحد من تصاعد حرب التعريفات، ومن تنامي النزاعات التجارية ما يكفل صعود الأسعار إلى مستوى 70 دولارا للبرميل أو أكثر قبل نهاية الربع الأول.
بدوره، أكد ديفيد لديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" الدولية، أنه في ضوء الصفقة الجديدة لمنتجي النفط الخام في "أوبك" وخارجها عدل كثير من البنوك والمؤسسات المالية توقعاتها لمتوسط أسعار النفط الخام خلال الأسبوع المقبل، مدللا على ذلك ببنك "جولدمان ساكس"، الذي رفع توقع متوسط سعر خام برنت لعام 2020، ليصل إلى 63 دولارا فقط للبرميل بدلا من 60 دولارا للبرميل في السابق، بسبب ثقته بأن الصفقة الجديدة ستسهم جديا في توازن العرض والطلب إلى حد كبير.
وأشار إلى أنه رغم عودة التقلبات السعرية على الفور، إلا أن أغلب البنوك ترجح الاتجاه الصعودي لأسعار النفط الخام، ولكن يبقى التخوف من رد فعل الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري، الذي سينتهز فرصة تعافي الأسعار للعودة إلى أنشطة الحفر والاستثمار بطاقة أعلى وبوتيرة سريعة، ما يجذب السوق مرة أخرى إلى فخ وفرة المعروض النفطي، ويدفع "أوبك" لقرارات جديدة تعمق تخفيضات الإنتاج وتجيء على حساب حصصها السوقية.
وفيما يخص الأسعار، انخفضت أسعار النفط ، للجلسة الثانية على التوالي إذ طغت الآثار السلبية لآفاق تباطؤ الطلب العالمي على مزايا اتفاق "أوبك" مع منتجين شركاء في نهاية الأسبوع الماضي علي زيادة تخفيضات إنتاج الخام في أوائل 2020.
وبحسب "رويترز"، نزلت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 11 سنتا أو 0.2 في المائة إلى 64.14 دولار للبرميل بحلول الساعة 07:38 بتوقيت جرينتش.
وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي عشرة سنتات أو 0.2 في المائة إلى 58.92 دولار للبرميل. ونزل الخامان القياسيان 0.2 و0.3 على الترتيب أمس.
وقال بنك "أيه. إن. زد" في مذكرة، "حالة النشوة (بسبب تخفيضات "أوبك") لم تدم طويلا والهبوط المفاجئ لصادرات الصين يبرز تأثير الصراع التجاري".
وأظهرت بيانات يوم الأحد الماضي هبوط صادرات الصين في تشرين الثاني (نوفمبر) 1.1 في المائة على عكس توقعات استطلاع لـ"رويترز" بزيادة 1 في المائة.
ويقول محللون، إن تحرك "أوبك+"، التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" ومنتجين شركاء مثل روسيا، لزيادة تخفيضات الإنتاج لتصل إلى 1.7 مليون برميل يوميا من 1.2 مليون برميل يوميا حاليا سيظل عامل دعم على المدى المتوسط.
لكن زيادة الإنتاج من خارج "أوبك" تهدد بإلحاق الضرر بجهود الحد من إمدادات الخام العالمية.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 65.57 دولار للبرميل أمس، مقابل 65.24 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة، حقق خامس ارتفاع له على التوالي، كما أن السلة كسبت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي بلغ 62.50 دولار للبرميل.

الأكثر قراءة