default Author

الإعلام العلمي ضرورة

|

تدهشك زيادة معدلات التضليل العلمي في شتى فروعه وبالأخص في مجال الصحة، التي ترتبط مباشرة بحياة البشر وتطورهم وتنتقل للأجيال القادمة. تجد من يعالج أخطر الأمراض العصبية والعقلية بتحريك اللسان ومن يعالج السكري بكثرة تناول السكريات، ومن يعالج السرطان بالخزعبلات ومن يأمر بالتوقف عن أخذ اللقاحات بجهل عميق، ومن يعالج الصداع النصفي بضغطه على اليد أو إصبع رجلك الصغير، ومن يدعي اكتشافا معينا أو ابتكارا طبيا غير مسبوق وفي الحقيقة هم يسوقون للوهم! كل هذا ينتشر عبر وسائل الإعلام بل ويتبنون بعضها ويستضيفون مروجيها ويتصدر الجهلة المشهد أو بعض أصحاب العلوم البعيدة عن الموضوع تجذبه الشهرة وحب الأضواء وتركيز عامة الناس عليه وتداول تغريداته أو سناباته بينهم ولو رجعوا إلى أهل الاختصاص لكان خيرا لهم ولنا وللبشرية. قال تعالى في قاعدة قرآنية عظيمة: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون".
هذا الجانب يجب أن يتولاه متخصصون في الإعلام العلمي الذي يلعب دورا مهما ومتميزا في نشر الثقافة العلمية وتبسيط العلوم والربط بينها وبين التكنولوجيا وجميع مجالات وقضايا الحياة الأخرى في المجتمع من اجتماعية وسياسية واقتصادية وأخلاقية، خاصة العلوم الحديثة، ومنها: النانوتكنولوجي، الروبوتات والذكاء الصناعي، الواقع الافتراضي، العلاج الجيني والخلايا الجذعية، هندسة الأنسجة وطب التجديد، الجينوم البشري، البيولوجيا الصناعية، التغيرات المناخية، الاحتباس الحراري، وغيرها. ولا يجب حصر الإعلام العلمي في إدهاش العامة بأخبار وفتوحات طبية مكذوبة، نظرا إلى أن من يتولى النشر إعلامي غير متخصص أو غير معد إعدادا صحيحا بالدورات وورش العمل. لا بد لنا من إدخال مفهوم العلم ثقافة عامة تنموية، من خلال إعلام علمي متميز يؤدي إلى التواصل المستمر بين الحركة العلمية والجمهور غير المتخصص، لزيادة وعي الجماهير وجعل العلم جزءا من مفرداتهم الحياتية، مثلما فعلت الدول المتقدمة ونالت من خلال ذلك نهضتها وتقدمها. أنت لا تبني نهضتك على أفراد ومجموعات ينادون في القرن الـ21 بعدم أخذ اللقاحات على سبيل المثال رغم أنها كانت سببا بعد الله في بقاء البشرية واستمرار الحياة!
هل رأيتم شخصا لا يشاهد المباريات الرياضية إلا نادرا ولا يعرف حتى أسماء اللاعبين يستضاف في البرامج الرياضية محللا، وهل تقبل منه أنت كمشجع أن يحلل مباراة لفريقك ويعطي آراء ويطالب بإقالة المدرب أو إنهاء عقد لاعب؟! من المؤكد أن تقول لا "بالفم المليان" إذا ما بال صحتنا وعقولنا ومظهرنا الخارجي أمام العالم، هل نسينا قضية الزئبق الأحمر قبل سنين وحلاوة الطحينية القاتلة والنعناع المسرطن!

إنشرها