Author

تحديات تحويل الثانويات إلى أكاديميات

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية


لعل أحد أهم الأخبار التي تم تداولها في الإعلام فيما يتعلق بالتعليم ما تحدث عنه وزير التعليم بخصوص مشروع ضخم يهدف إلى تطوير شامل للتعليم، وقد حظي موضوع تحويل الثانويات إلى أكاديميات ومسارات متعددة بأهمية في وسائل الإعلام خصوصا المقروءة، لاهتمام الجميع بموضوع التعليم وقلق المجتمع تجاه المتغيرات في التعليم إذ إن التعليم العام يؤثر في كل فرد في المجتمع، حيث إن الجميع له علاقة مباشرة بالتعليم فلو حدث تغيير في أي قطاع أو مؤسسة أو نظام لن يكون بالحجم نفسه الذي يحصل في التعليم، لذلك نجد أن المتغيرات فيه تخضع إلى فترة من الدراسة ومن ثم التجربة حتى يتم التحقق من نجاح التجربة لتعميمها ولا شك أن مسألة خطورة وحساسية التعليم يجب ألا تمنع من اتخاذ قرارات جريئة في سبيل تطوير التعليم والارتقاء بالمستويين التعليمي والمعرفي للطالب.
تحويل الثانويات إلى أكاديميات ومسارات متعددة يمكن أن يمثل تحديا كبيرا للتعليم وقد سبقت لنا تجربة في إضافة مسار أو مسارين في التعليم إضافة إلى القسمين الأدبي والعلمي ولم يحقق ذلك نجاحا بل أدى إلى تشتيت الطلاب بصورة أكبر، والمرحلة الثانوية بالذات توجد فيها صعوبات تتعلق بتعدد المسارات، والقلق هنا ليس من فكرة أو مبدأ تعدد المسارات والتخصصات الذي يمكن أن يثري هذه المرحلة لكن الإشكال يأتي من قدرة الطالب على تحديد اختياراته مبكرا وعلاقة المرحلة الثانوية بالمرحلة الجامعية أو بصورة أعم مرحلة ما بعد التعليم العام سواء الجامعات أو القطاعات العسكرية أو التعليم المهني أو غيرها من مراحل التعليم فما زالت المرونة أقل مما ينبغي حيث إن هذه المؤسسات لديها ضوابط ومعايير غير مرنة تتعلق بالقبول فأي تغيير يطرأ على التعليم سيؤثر في هذه القطاعات بصورة كبيرة، فلو نظرنا اليوم إلى من يتخرج من الثانوية بتخصص أدبي لا يمكن أن يمنح فرصة لدراسة تخصص علمي أيا كان ذلك التخصص حتى لو أثبت بالأدلة والبراهين والاختبارات أيا كان نوعها أنه مؤهل لدراسة هذا التخصص، وفي هذه الحالة كأننا نطلب منه إعادة دراسة الثانوية لنتأكد من قدرته على دراسة تخصص علمي، ولذلك فإن تقليص التخصصات في المرحلة الثانوية خصوصا مع جمود أدوات المراحل لما بعد الثانوية في تقييم المتقدمين لها من الطلاب، والذي ينبغي إعادة النظر فيه بشكل واضح لما لهذا الجمود من آثار سلبية تنعكس على الطالب.
الأمر الآخر هو قدرة الطالب على اختيار مساره في المستقبل في مرحلة مبكرة، إذ إن هذا من أعقد الأمور التي يمكن أن يواجهها الطالب، حيث من الملاحظ اليوم أن كثيرا من الطلاب بعد المرحلة الثانوية والسنة الأولى التحضيرية أو المشتركة لا يستقر على تخصص، ويلجأ إلى التحويل إلى تخصصات أخرى أكثر من مرة حتى يستقر، بل الأمر الأكثر غرابة أن بعض خريجي الجامعة يبحث عن فرص عمل مختلفة عن التخصص الذي تخرج منه ونظرا للمرونة في القطاع الخاص فإنه يجد الفرصة سانحة لذلك، وهذا يدل على وجود إشكالية في المستوى المعرفي للطالب عن التخصصات لمرحلة ما بعد الثانوية ولذلك فإن التركيز على تخصص واحد في المرحلة الثانوية والمواد الأهم للطالب في هذه المرحلة واستبدال المواد الأقل أهمية جزئيا أو كليا ببرامج لتنمية مهارات الطالب أولى، فالتركيز على المهارات والشغف بالمعرفة والبحث مهم في المرحلة الثانوية بل من الممكن أن يكون هناك عمل لتأهيل الطالب للعمل بعد الثانوية فيما لو رغب في ذلك، إذ إن المهارات التي يحصل عليها الطالب ويمكن أن تؤهله إلى سوق العمل ضعيفة جدا، خصوصا أن هناك حاجة إلى حد أدنى من المهارات في هذه المرحلة ليتمكن الطالب من الحصول على أدنى فرصة للعمل فيما لو رغب في العمل والدراسة في الوقت نفسه.
الخلاصة: تطوير التعليم تحد كبير واتخاذ القرارات فيه يلمس أثره جميع أفراد المجتمع لذلك من المهم أن تكون هذه القرارات جريئة وجذرية وتأخذ حظا من الدراسة والتجربة، والمرحلة الثانوية تعد مرحلة مبكرة لاختيار الطالب مساره المهني، لكن هذه المرحلة من الأهمية بمكان لتطوير الجانب المهاري للطالب والحصول على الحد الأدنى من المهارات التي تؤهل الطالب لسوق العمل.

إنشرها