رحيل «الفتى مفتاح» .. الذي لا يخاصم ولا يداهن

رحيل «الفتى مفتاح» ..
 الذي لا يخاصم ولا يداهن

ورحل الفتى مفتاح، الذي لا يخاصم ولا يداهن، عصامي شق طريقه نحو الأدب من باب الصحافة الواسع، فكان من أوائل المؤسسين لما يعرف بصحافة الأفراد، التي مهدت بدورها لصحافة المؤسسات فيما بعد. "الأضواء" و"الرائد" على التوالي صحيفتان لفتتا إلى وجود حس صحافي مؤطر بأدب رفيع تحتضنه الدولة الناشئة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز. عمل الراحل الأديب عبدالفتاح أبو مدين بجد وإمكانات محدودة على إصدارهما، ليقطف ثمرة السبق في هذا المجال.
الأديب أبو مدين أو "الفتى مفتاح" كما مازحه في اتصال هاتفي خادم الحرمين الشريفين، ليخبره أنه للتو فرغ من قراءة سيرته الذاتية "حكاية الفتى مفتاح" رجل ثقافة وأدب من طراز وطني ودود، يتجنب الخصومات رغم حداثة أفكاره ونزوعها إلى التغيير والتجديد، دون أن يداهن أو يتملق أحدا.
رجل اجتمع على حبه وتقديره نخب المجتمع وبسطاؤهم. رأس تحرير صحيفة "البلاد" (صوت الحجاز) لمدة سبعة أعوام، وأسهمت سياساته في الخروج بالمؤسسة الصحافية العريقة من المديونية إلى الربحية بفائض ضخم، كما رأس تحرير الملحق الأسبوعي لصحيفة "عكاظ"، وجعله ينافس العدد اليومي المدعوم ماليا.
محطاته الصحافية في "البلاد" و"عكاظ" وصولا إلى مجلات النادي الأدبي في جدة الذي رأسه لفترة حرجة وطويلة، أثرت المشهدين الصحافي والأدبي بكثير من الأسماء والإصدارات الوطنية.
إذ شهد النادي في عهده "1980 - 2006" نشاطات وإسهامات ثقافية متنوعة، وإليه ينسب الفضل -بحسب المهتمين- في صياغة سياسات النادي المرتبطة بالمجتمع وتنويع منتجاته وأدواره، من إقامة محاضرات وندوات ومؤتمرات، وأعمال مطبوعة ودوريات متخصصة وترجمة.
كما أنه أسهم في إصدار عدد من الدوريات الشهيرة على مستوى العالم العربي، كـ"جذور" الخاصة بنقد التراث العربي، و"نوافذ" الخاصة بالترجمة للأعمال الأدبية العالمية، و"علامات" للنقد الثقافي والأدبي، و"الراوي"، و"عبقر". كما أسس مجلة "الرائد" الثقافية، وفي عهده تم تأسيس كيان "ملتقى النص" التابع للنادي الأدبي والثقافي في جدة، وجماعة "حوار".
ويبقى الإخلاص في العمل ومعرفة الأخيار من الناس هو ما كان يصفه الراحل بالمكسب الأغلى، فلا المال ولا الجاه كانا -رغم المغريات في طريقه الشاق- هما غايته.

الأكثر قراءة