Author

ما الذي سيوجه أسواق النفط في عام 2020؟

|

تتوقع المنظمات الرئيسة، مثل "أوبك"، وكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة، حصول فائض في الإمدادات في العام المقبل، لكن تأثير تلك التوقعات في هبوط الأسعار يعتمد إلى حد كبير على تعافي نمو إنتاج النفط الصخري عام 2020، وهو افتراض يبدو بعيدا عن الواقع بشكل متزايد.
التحديات المالية التي تواجه صناعة النفط الصخري ليست بالجديدة لكنها مستمرة في التفاقم. حيث شهد أخيرا بعض شركات النفط الصخري انخفاضا في خطوط الائتمان الخاصة بهم، ما يحد من إمكانية حصولهم على قروض جديدة. عادة تقوم المصارف بإعادة تقييم خطوط الائتمان الخاصة بها لشركات النفط الصخري مرتين في السنة في الربيع والصيف، وتقرر مقدار ما ستسمح به للشركات بالاقتراض. من المتوقع أن تكون هذه المرة هي الأولى منذ ثلاثة أعوام تقريبا التي تخفض فيها المصارف قدرات الإقراض.
ويأتي تقليص الإقراض في وقت يتزايد فيه التدقيق في موارد النفط الصخري. لقد انخفضت أسعار أسهم الشركات بحدة هذا العام حيث فقد المستثمرون اهتمامهم. تستمر الصناعة في ضخ الأموال لتمويل عملياتها، والمقرضون والمستثمرون يتجاهلون هذه الصناعة.
بالطبع، إذا لم تتمكن الشركات من الاقتراض لتغطية نفقاتها وسد فجوة التمويل الخاصة بها، فقد تضطر إلى إعلان إفلاسها. في هذا الجانب، يقول عدد من المحللين إن ضعف القابلية للاقتراض يمكن أن تكون مقدمة لإفلاس محتمل لأنه مع بقاء أسواق رأس المال مغلقة أمام هذه الشركات فإن الاقتراض يعد المصدر الوحيد للسيولة. مع ذلك ليس جميع الشركات معزولا تماما عن أسواق رأس المال. على سبيل المثال تمكنت شركة Diamondback Energy من إصدار سندات جديدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار بأسعار فائدة منخفضة، الأمر الذي يشير إلى أن هناك شركات ضمن قطاع النفط الصخري ما زالت قادرة على الحصول على التمويل المطلوب لعملياتها.
هذا الضغط المالي يساعد على تفسير التباطؤ في إنتاج النفط الأمريكي هذا العام. لقد أضافت الولايات المتحدة نحو مليوني برميل يوميا بين يناير 2018 ونهاية العام الماضي؛ لكن الإنتاج ارتفع فقط بضع مئات من آلاف البراميل يوميا عام 2019 من يناير إلى أغسطس.
ما يثير الاستغراب هو أن وكالة الطاقة الدولية لا تزال تتوقع زيادة كبيرة في إنتاج النفط الأمريكي عام 2020 عند 1.2 مليون برميل في اليوم، لكن لا يتفق الجميع مع هذه النظرة المتفائلة. فقد تؤدي أزمة الائتمان والضغوط المالية في قطاع النفط الصخري إلى خيبة أمل في عام 2020.
في ظل عدم اليقين هذا، يجب أن تقرر "أوبك" وحلفاؤها أو ما يعرف بـ OPEC+ خطوتها التالية. في هذا الصدد، تقول وكالة الطاقة الدولية إن المجموعة تعاني بعض المشكلات لأن وفرة الإمدادات تلوح في الأفق، ويعزى ذلك إلى حد كبير إلى نمو النفط الصخري. بالتأكيد يتفق آخرون مع هذا الرأي. حيث قال كومرتس بنك Commerzbank إن جهود "أوبك" للتركيز على الدول للالتزام بالاتفاق مثل العراق ونيجيريا لن تكون كافية. وقال البنك الاستثماري: "ليس مفهوما لماذا تعتقد "أوبك" أنها تستطيع تجنب هذا العرض الزائد عن طريق إجراء بعض التعديلات الشكلية فقط".
ومع ذلك، في الوقت نفسه، تظهر الأسواق الفعلية قليلا physical market بعض العلامات الصعودية. ففي سوق العقود الآجلة للنفط، يتم تداول عقود الأشهر الأولى لخام برنت بسعر أعلى من العقود طويلة الأجل. حيث ارتفعت العلاوة premium للستة أشهر أخيرا إلى 3.50 دولار للبرميل، مرتفعة من 1.90 دولار للبرميل في فبراير، وفقا لتقارير "رويترز". عادة ما ترتبط العلاوة الكبيرة لعقود الأشهر الأولى مع تشدد الأسواق.
علاوة على ذلك، هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ويمكن أن يوفر بعض الدعم للاقتصاد العالمي. لقد أصبح من المستحيل الوثوق بالشائعات اليومية المقبلة من واشنطن وبكين، لكن أظهر الجانبان بعض الرغبة في الدعوة على الأقل إلى هدنة وليس زيادة الرسوم الجمركية.
لا يزال، الاقتصاد يتباطأ. حيث حذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من أن الناتج المحلي الإجمالي العالمي سيتباطأ إلى 2.9 في المائة فقط هذا العام، وسيظل يراوح ضمن نطاق بين 2.9 و3.0 في المائة حتى عام 2021. وهذا هو أضعف معدل نمو منذ عقد من الزمن، وهو منخفض بشكل حاد عن 3.8 في المائة الذي شهده العام الماضي. وقالت المنظمة: إن عامين من الصراع المتصاعد بشأن التعريفات الجمركية، خاصة بين الولايات المتحدة والصين، قد أضرت التجارة العالمية، وقوضت الاستثمار في الأعمال وعرضت الوظائف للخطر.
للولايات المتحدة والصين، إذن، تأثير كبير في آفاق النفط على المدى القريب. كما ذكرنا آنفا، لا تزال هناك مجموعة واسعة من الآراء حول حجم فائض المعروض من النفط عام 2020، لكن حدوث طفرة في الحرب التجارية سيغير على الفور توقعات النمو، ومسارات الطلب على النفط، والأهم من ذلك الشعور في الأسواق. حتى مجرد توقع حدوث انتعاش اقتصادي قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، على الأقل لفترة قصيرة.
من ناحية أخرى، فإن فرصة التوصل إلى اتفاق شامل ينهي الحرب التجارية بعيدا عن الحتمية. حيث أظهر الجانبان قليلا من الأدلة، إن وجدت، على أنهما في الواقع يحققان تقدما في بعض القضايا الهيكلية المطروحة. لا تزال هناك احتمالية أن تنهار المحادثات في أي وقت وتستمر الحرب التجارية، أو حتى تزداد سوءا.
ولأنه من المفترض عموما أن تكون سوق النفط قد أخذت في الحسبان إلى حد ما درجة من التفاؤل بشأن تخفيض التعريفة، ومن المحتمل أن يضيف بضعة دولارات إلى برميل النفط، فإن إعادة الأمور إلى الجانب السلبي ستؤدي بالتأكيد إلى انخفاض أسعار النفط.

إنشرها