FINANCIAL TIMES

مذكرات مهنية تتسم بالشجاعة تهيمن على صناعة النشر

مذكرات مهنية تتسم بالشجاعة تهيمن على صناعة النشر

مذكرات مهنية تتسم بالشجاعة تهيمن على صناعة النشر

في كتاب آدم كاي الأول، This is Going to Hurt (هذا سيكون مؤلما)، وصف وظيفته السابقة كطبيب مبتدئ بصدق رائع: "ساعات العمل رهيبة، الأجر رهيب، الظروف رهيبة؛ وأنت لا تحظى بالتقدير المناسب والدعم والاحترام، فتكون مهددا جسديا بشكل متكرر، إلا أنه لا توجد وظيفة أفضل في العالم".
لقد تلقى رسائل بريد إلكتروني من آباء غاضبين يشكون من أنه قد أوقف أطفالهم عن دراسة الطب، ولهذا يقول: "جيد! إنها وظيفة عليك القيام بها وعيونك مفتوحة. كليات الطب ليست صادقة بشأن الأيام السيئة. من المهم للغاية معرفة ماهية الوظيفة. أنا لم أكن أعلم".
كتابه الأخير IT was The Nightshift Before Christmas (في النوبة الليلية قبل عيد الميلاد)، يركز أيضا على الأوقات الجيدة -ولادة أطفال أصحاء- والأوقات السيئة -التعامل مع مضاعفات الولادة أو أزواج الزوجات اللواتي في المخاض- لكونك طبيبا مبتدئا.
يقول إنه كتب الكتاب لإظهار "تأثير الوظيفة في الشخص، أعياد الميلاد والاحتفال بها لأفراد العائلة التي يتم تفويتها. إنه صادق في تصويره دائرة الصحة الوطنية".
الصدق القاسي والكوميدي تبين أنه ناجح تجاريا. وفقا لشركة بوك سكان BookScan، بيع أكثر من مليون نسخة من كتاب This is Going to Hurt. أما كتاب Twas the Night shift Before Christmas فهو حاليا أفضل الكتب مبيعا على شركة أمازون في بريطانيا، وسينشر الشهر المقبل في الولايات المتحدة.
كيرا أوبريان، محررة الرسوم البيانية والبيانات في "بوكسلر" Bookseller وهي مجلة للصناعة، تقول إن مذكرات الوظائف "اتجاه هائل".
الذين يكشفون المشكلات في القطاع العام، كما فعل الدكتور كاي مع خدمة الصحة الوطنية، وكتاب المحامي السري مع النظام القانوني، يحظون بشعبية خاصة. فقد بيع نحو 61 ألف نسخة من كتاب The Prison Doctor "طبيب السجن" للدكتورة أماندا براون بغلاف ورقي، و108 آلاف نسخة من كتاب Unnatural Causes (أسباب غير طبيعية) لإخصائي الطب الشرعي الدكتور ريتشارد شيبارد، بينما بيع 158 ألف نسخة من كتاب الممرضة كريستي واتسون.
تقول أوبريان بالنسبة "للسرد غير الروائي في الوقت الحالي، كان هناك تحرك كبير نحو الكتب التي تساعد القراء على فهم العالم سريع التغير الذي نعيش فيه".
جزئيا، كما تقول، هو "رد فعل عنيف ضد مذكرات المشاهير، خاصة في عصر وسائل التواصل الاجتماعي عندما تعرض حياة المشاهير باستمرار على الإنترنت في جميع الحالات".
يعتقد الدكتور كاي أن "القراء مهتمون جدا بالحياة الحقيقية ورجال الإطفاء والشرطة الاستثنائيين. الأشخاص أقل اهتماما بنجم بوب يتعاطى الكوكايين. هذه أكثر ارتباطا لكنها ليست أقل استثنائية".
جزء من جاذبية هذه الاعترافات المهنية أنها تمنح القراء نظرة ثاقبة على مهن مختلفة.
ألكساندرا بودجانوف كانين، المحاضرة في كلية كينجز لإدارة الأعمال في لندن، التي أجرت أبحاثا عن الندم المهني، تقول إن مثل هذه الكتب تمنح الذين يفكرون في مهنة ما رؤية واضحة لما تنطوي عليه.
"تسمح لنا باختبار الافتراضات التي لدينا بشأن المسارات الوظيفية".
عادة ما يخطط الناس لوظائف مستقبلية، دون وجود معلومات تذكر عن التجربة اليومية للوظيفة. هذه المذكرات توفر فكرة مفيدة عن المصاعب والواقع اليومي الذي يكمن وراء المسميات الوظيفية.
تقول كريستي واتسون إنها أرادت كتابة مذكراتها لتبين أن التمريض أكثر من "لطف ورعاية وعطف.
عملية الإمساك بيد شخص ما هي أكثر تعقيدا مما تبدو سيجرون تقييمات معقدة للمخاطر". اختارت الكتابة بعد أن تركت التمريض، لتجنب وساطة موظفي الصحافة الذين يحاولون التحكم بالرسالة.
يقول الدكتور كاي إن الفهم الأفضل لما ينتظرنا مهم بشكل خاص للشباب.
ويضيف أن نظام التعليم البريطاني يجعل الشباب يتخصصون في وقت مبكر جدا.
"عمر الـ16 عمر سيئ جدا لاختيار مستقبل حياتك. الأمر الوحيد الصحيح في الولايات المتحدة هو تقديم الطب كدرجة دراسات عليا.
بعمر 21 عاما، من الواضح أنك لا تزال غبيا، لكن ستكون لديك موافقة مستنيرة في ذلك العمر ولديك فرصة أفضل لاستطلاع المشهد".
في حالته، اختار الوظيفة كمسار "المقاومة الأقل". عائلته كانوا أطباء، مدرسته كانت "مصنعا مألوفا للأطباء والمحامين.
إنها الوظيفة المجزية الأروع، لكننا بحاجة إلى أن نتروى قليلا. لا أعتقد أن الجميع قادر بشكل طبيعي على ممارسة هذه المهنة".
حتى مع وجود الأطباء في العائلة، لم يكن مستعدا لواقع الوظيفة. يقول إن الأطباء "ليسوا صادقين جدا بشأن الوظيفة. يتم تدريبك لتكون متشددا جدا. الأمر متأصل إلى حد كبير، مع الوجه الجامد الخالي من التعبير".
عندما يسأل أحدهم كيف كان يومه، دائما ما سيكون الجواب "جيد". المذكرات الصادقة يمكن أن تجعل الأشخاص في المهن يشعرون بوحدة أقل.
تلقى الدكتور كاي رسائل من أطباء يقولون إنهم كانوا يظنون أنهم الوحيدون الذين يعانون. "كلنا نتظاهر أننا بخير، هذا أمر غير صحي".
وصف نيل سامويرث ضغوط كونه ضابطا في السجن، بما في ذلك الاعتداءات والعثور على السجناء الذين ماتوا انتحارا، وفي نهاية المطاف المعاناة من اضطراب ما بعد الصدمة في كتابه Strangeways: My Life As a Prison Officer (طرق غريبة .. حياتي كضابط في السجن).
"كثير من الناس من رجال الشرطة وضباط السجون يكافحون" على حد قوله.
ويقول إنه يعرف ما لا يقل عن "أكثر من 20" شخصا كانوا سيدخلون مجال خدمة السجون، لكنهم غيروا رأيهم بعد قراءة الكتاب. "الأشخاص الذين يعتقدون في الواقع أنهم سيغيرون حياة الناس. هذا الشعور يخرج منك بسرعة. السجن لا يعيد تأهيل أي شخص".
تم بيع 290 ألف نسخة مطبوعة من The Secret Barrister (المحامي السري)، الكتاب لمؤلف مجهول الهوية عن أعمال النظام القانوني الإنجليزي. مؤلفه محام لديه 269 ألف متابع على موقع تويتر، يقول عبر رسالة بريد إلكتروني إن كثيرا من التعليقات كانت من أشخاص يفكرون في دراسة القانون الجنائي، ومن ثم اختاروا مسارا مختلفا، حيث كتبوا: "تكون التعبيرات بشكل عام مريحة، أحيانا يشوبها الندم من تفويت الأجزاء الجيدة، لكن عادة ما كانوا ممتنين للغاية لأنه لم ينته بهم المطاف، وهم يجهدون أنفسهم في نظام يسوده الاختلال".
من ناحية أخرى، يبدو أن طلاب القانون "منجذبون بشكل لا يمكن منعه إلى الوجود الذي أصفه؛ عدد قليل منهم قالوا إنهم غيروا رأيهم، وكثير منهم تواصلوا ليقولوا إنهم اقتنعوا أن القانون الجنائي هو الوجهة المقدرة لهم".
سارة لانجفورد، التي كتبت عن تجربتها كمحامية جنائية وعائلية، تجد أن مصطلح "مذكرات" مبالغ فيه. حيث أرادت التعامل مع الجانب العاطفي من "رؤية وسماع أسوأ ما في الإنسانية، وفي الوقت نفسه محاولة التمسك بكل من صحتي العقلية وتعاطفي".
تقول إن ما يميز هذا النوع من الكتابة عن، مثلا السيرة الذاتية أو المذكرات التقليدية، "هو استعداد المؤلفين للتخلي عن إنسانيتهم، مخاوفهم، ضعفهم، نقاط ضعفهم ليصبحوا على اتصال مع تطرف الحياة.
إنها أكثر من مجرد نظرة ثاقبة على وظيفة ما حيث تستكشف شعور أداء الوظيفة". تعتقد أن المهنيين، قبل جيل، لم يكنوا مرتاحين لإظهار نقاط ضعفهم.
في حين أن واتسون أحالت بعض الممرضات اللاتي كن على اتصال معها إلى مساعدات مفيدات، إلا أنها شعرت بالامتنان أن الكتاب كان حافزا لأخريات تم تشجيعهن على الاستمرار. وتقول: "كان تأكيدا إيجابيا للوظيفة".
ليا هازارد، مؤلفة كتاب "ادفعي قليلا"، وهي مذكرات قابلة، تقول إن كونها مؤلفة مثل هذا الكتاب يأتي مع "مسؤولية غريبة"، لأن كثيرا من النساء اتصلن بها ليقلن إنهن يرغبن في الانتقال إلى مهنة القابلة.
"إنها مجرد قصة قابلة واحدة قصتي وأشرح بوضوح تام في الكتاب أنني لا أدعي أو أتمنى أن أكون ممثلة لكل القابلات في كل مكان. أتساءل أحيانا ما إذا كان القراء قد تجاهلوا بعض الجوانب السلبية التي تحدثت عنها في الكتاب".
تعتقد لانجفورد أن الطبيعة المهنية لمؤلفي المذكرات من القطاع العام هي مفتاح شعبيتهم. "أردت أن أوضح للذين يدفعون مقابله دافعي الضرائب السبب في أن النظام القضائي يستحق الدفاع، وعواقب عدم القيام بذلك".
كثير من هذه المذكرات التي تتحدث عن العمل تستفيد من رغبة الناس في الهروب من حياة العمل المرتبطة بالمكتب لمعظم القراء.
تقول واتسون: "لا أعتقد أن مذكرات أحد المحاسبين ستظهر في وقت قريب. ربما هناك دور له عامل المكتب الساخر المضحك؟"
آدم كاي هو الآن كاتب متفرغ وكوميدي على المسرح.
ويقول إنه يحن إلى الطب، لكنه يندم على اختياره العمل في مجال الأمراض النسائية والولادة.
ويردف قائلا: "الجوانب الإيجابية اجتذبتني، والجوانب السلبية كانت فوق طاقتي".
ربما كان سيظل طبيبا لو أنه "اختار تخصصا يسمح له بشرب فنجان من القهوة أحيانا. أي وظيفة لا تكون فيها مسألة حياة أو موت، في كل دقيقة" حسبما ختم القول.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES