Author

هواة القدح

|


عندما تعيّن أحدهم في منصب كبير، صرخ أحد الزملاء الذي يعرفه قائلا: "لا يستحق". وأردف قائلا: "أعرفه جيدا، لا يملك أي موهبة وقدرة، فاشل بدرجة امتياز".
ولم يكتف بما سبق. استمر في هجائه بتطرف. انتقد حديثه وأسلوب عمله وذائقته الشخصية وملابسه، أتذكر أنه استرجع اجتماعا معه في الخارج، وكيف كان يرتدي الملابس ببشاعة. يقول عنه: "لا يجيد اختيار ‏الملابس والألوان المناسبة، خجلت عندما شاهدته وأنا ليس لي علاقة".
بعد كلام هذا الزميل بشهرين التقيت هذا المسؤول الجديد في رحلة عمل. ووجدته شخصا أنيقا في حديثه وعمله، حتى ملابسه خلاف ما قيل عنه.
كان مميزا جدا خلال المنتدى الذي جمعنا. ألقى كلمة أثارت إعجاب الحضور.
وفضلا عن براعته في الإلقاء والتعبير، كان لافتا في نقاشه وثراء تجربته. تحاورنا لعدة ساعات وأظهر خلالها فهما كبيرا ورؤية تستحق التقدير.
أكدت لي هذه الرحلة الحقيقة التي تغيب عنا أحيانا، وتكمن في أن ليس كل ما يقال عن الآخرين صحيحا. فهناك كثير من المبالغات والمغالطات والمعلومات غير الدقيقة، التي نتناقلها ونروج لها.
لا شيء يعادل يا أصدقائي، إخضاعنا لكل الآراء للاختبار والتأكد بأنفسكم منها قبل الإيمان بها.
هنالك كثير من الأشخاص الذين بنينا عنهم صورة مشوشة ضبابية، وقد تكون خاطئة بسبب حسد أحدهم أو إهمال آخر. صديقي، عندما تصلك معلومة عن أحد. تحقق منها، إذا لم تستطع فلا تكن أداة لنقلها وتسويقها وتوزيعها، فربما تسهم في تكوين صورة غير حقيقية وخادعة. لا تكن ذخيرة لنشر الشائعات والإساءات. كن مصدرا للمعلومة الصائبة المبنية على دلائل وحقائق.
احذر من الأشخاص الذين يذمون الآخرين. فهم هواة القدح. لا يستطيعون الإشادة بأي كائن. يجدون صعوبة في مدح غيرهم، لأنهم لا يملكون الثقة والفروسية والإرث. فأقصى ما يستطيعون فعله إقصاء الآخرين وهجاؤهم.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها