Author

الإبداع والابتكار مفاتيح سحرية في التعليم والاقتصاد

|

الإبداع Creativity هو إيجاد أفكار جديدة ومبتكرة، من خلال التفكير خارج الصندوق، والخروج عن المألوف، وكما يقال فإن "الخيال هو بداية الإبداع، فأنت تتخيل ما تريد، ثم تتمنى أو ترغب ما تتخيل، وفي النهاية تصنع ما ترغب فيه". ويشمل الإبداع إيجاد شيء جديد غير مسبوق، أو ربط أفكار متباعدة بطريقة جديدة وغير مألوفة، أو التوصل إلى استخدامات جديدة غير معروفة سابقا لمنتج معين. والابتكار Innovation - من جهة أخرى - هو مقدرة الإنسان على إيجاد أفكار أو أساليب أو مفاهيم جيدة، ثم تنفيذها بأسلوب جديد أفضل مما هو مألوف من قبل. وفي الأغلب يقوم الابتكار على البحث العلمي Research، والتطوير Development، ثم "التتجير" Commercialization. ولا شك أن الأفكار المبتكرة هي التي تصنع الفرق بين المجتمعات وتضع البصمة المميزة في التعليم والاقتصاد والصناعة. فلا يمكن لأي اقتصاد على وجه الأرض النهوض والتقدم في مؤشرات التنافسية الدولية ما لم يول الإبداع والابتكار عناية خاصة، وينفق في سبيله الدعمان المادي والمعنوي، ويعمل على إيجاد بيئة محفزة للإبداع والابتكار من خلال دعم البحث العلمي من جهة، وإيجاد بنية تحتية مناسبة، وتبني تشريعات وأنظمة تحفظ الملكية الفكرية من جهة أخرى.
ومن هذا المنطلق، فإن الحاجة ملحة إلى تعزيز ثقافة الإبداع والابتكار في مجتمعنا، ونشرها متطلبا أساسيا للنهضة العلمية، وتنمية المجتمع، ورفع مستوى المعيشة. وفي هذا السياق، تهدف رؤية المملكة 2030 إلى رفع مستوى تنافسية الاقتصاد السعودي، وتبذل المملكة بمؤسساتها المختلفة جهودا كبيرة لرعاية الابتكار، وتسعى إلى تحويل المجتمع السعودي إلى مجتمع معرفة وتقنية. كما تعمل دول عربية أخرى في مقدمتها الإمارات إلى إيجاد بيئة محفزة للابتكار، في ظل منظومة عمل وطني يشترك فيها القطاعان الحكومي والخاص، وفق خطة طموحة لتعزيز مكانتها ضمن أفضل الدول ابتكارا، ومن ثم رفع تصنيفها على مؤشر الابتكار العالمي. ونجحت الإمارات – بالفعل - في التربع على مركز الصدارة عربيا في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2019 لتكون في المرتبة الـ36 عالميا.
من المؤكد أن تعزيز ثقافة الابتكار في المجتمع يتطلب توفير بيئة ابتكارية خصبة ومحفزة في جميع المؤسسات ذات الصلة بحياة الإنسان وتنمية المجتمع مثل الأسرة والمؤسسات التعليمية والاقتصادية، مع ضرورة الاهتمام بثقافة التفكير العلمي، فالمجتمعات التي تشجع التفكير العلمي، تستطيع تنمية ثقافة الإبداع والابتكار، ومن ثم تتمكن من المنافسة دوليا وضمان الاستمرار والاستدامة في عصر التقدم العلمي والتقني، لأنها تعتمد على مصادر متجددة للفكر والإبداع والابتكار، وليس على مصادر ناضبة من المواد الخام. إن توفير الظروف والبيئات المناسبة للإبداع والابتكار أصبح ضرورة وليس رفاهية، وهو العامل الأساس في النهوض بالدول ورفعتها، ما يتطلب وضع التشريعات والأنظمة التي ترعى الإبداع والابتكار. وما يؤكد الاهتمام بالابتكار إنشاء وكالة لوزارة التعليم تحمل اسم "وكالة البحث والابتكار". ومن المبادرات الرائعة التي تستحق الذكر – كذلك - مسابقة "مبتكرو الرياض" التي أعلنتها الإدارة العامة للتعليم في منطقة الرياض، تحت شعار "معا لنشر ثقافة الإبداع والابتكار".
وأخيرا، فإن نشر ثقافة الإبداع والابتكار وغرسها في نفوس الأفراد يتطلبان التوعية المجتمعية بأهمية الابتكار وتكريم المبتكرين من خلال الجوائز والمسابقات، وإبراز مهن المستقبل للمبدعين والمبتكرين. كما يتطلب الأمر إيجاد مراكز وهيئات في المؤسسات البحثية والتعليمية تتبنى المبدعين والمبتكرين وتشجع مبادراتهم الابتكارية. ولا يقل عن ذلك أهمية غرس قيم الابتكار في نفوس التلاميذ والطلاب في مراحل التعليم المختلفة من خلال تطوير المناهج والمقررات الدراسية والأنشطة الصفية وغير الصفية، وكذلك الممارسات التعليمية وفق معايير تهدف إلى الوصول إلى منهج تعليمي متكامل يحفز الإبداع والابتكار في المدارس ويشجع التفكير النقدي لدى الطلبة. ومن الأهمية بمكان تأكيد مسؤولية الشركات المجتمعية نحو دعم الابتكار وتشجيعه من خلال الحوافز المناسبة.

إنشرها