جدل حول ماهية البلاستيك الجيد من البلاستيك السيئ

جدل حول ماهية البلاستيك الجيد من البلاستيك السيئ
جدل حول ماهية البلاستيك الجيد من البلاستيك السيئ

تقول فيرونيك كريماديس، رئيسة قسم التغليف المستدام في شركة نستله: "في الماضي كنا نصمم تغليف المنتجات مع مراعاة عديد من العوامل، وتأثيرها البيئي كان أحدها. الأمر المختلف الآن هو أننا نضطر إلى إعادة تصميم مجموعة منتجاتنا بالكامل، مع مراعاة هذه المبادئ. كلنا نتعلم هنا. عموما، نعتقد أن هناك بلاستيكا جيدا وبلاستيكا سيئا".
هناك مبادرات مماثلة تجري في أماكن أخرى. هناك نحو 400 شركة من شركات صناعة السلع الاستهلاكية وإنتاج التغليف ومتاجر التجزئة وشركات في صناعة إعادة التدوير، تشارك في مشروع طموح بقيادة مؤسسة إلين ماكارثر، يهدف إلى إيجاد "اقتصاد تدويري"، حيث لا يصبح فيه البلاستيك نفايات أبدا.
يقول المشاركون الذين يدفعون مقابل الانضمام: إن ورش العمل العادية تحولت إلى مختبر، يجمع معا الأشخاص الذين نادرا ما كانوا يتحدثون إلى بعضهم بعضا.
التزمت الشركات المشاركة في المشروع باستخدام مزيد من المحتوى الذي تمت إعادة تدويره في عبواتها، وهي خطوة أساسية في منح شركات إعادة التدوير، وشركات النفايات سببا لمعالجة الأشياء، لكن أمامها طريق طويل للغاية.
يقول ساندر ديفرويت الذي يرأس المشروع: "لا يكفي مجرد التفكير في إعادة التدوير، عليها التفكير بشكل أساس أكثر بشأن سلاسل توريدها، وتصميم المنتجات لتحتاج إلى تغليف أقل في المقام الأول".

ضعف نسب إعادة التدوير
لنأخذ شركة كوكاكولا، على الرغم من توحيد عبواتها لتكون أكثر قابلية لإعادة التدوير، إلا أن 9 في المائة فقط من العبوات البلاستيكية التي تستخدمها سنويا مصنوعة من المواد التي تمت إعادة تدويرها.
وأخرى تعمل أسوأ بكثير: تقول شركة يونيلفر إن أقل من 1 في المائة من البلاستيك الذي استخدمته للتغليف العام الماضي، كان قد تمت إعادة تدويره، بينما استخدمت شركة نستله 2 في المائة.
إحدى المشكلات هي أن المصممين والمسوقين غالبا ما يشعرون بالنفور من نوعية ومظهر البلاستيك الذي تمت إعادة تدويره.
يقول أحد المصممين، "غالبا ما يأتي بدرجات اللون الرمادي، والمستهلكون غير معتادين على رؤية ذلك. الأمر متروك لنا لنوضح لهم السبب في أن العبوات تبدو مختلفة".
في سلسلة متاجر ويتروز، اتفق الجميع على التخلص من صواني الوجبات الجاهزة البلاستيكية السوداء، حيث لا تستطيع الآلاف في مرافق فرز النفايات رؤيتها، ما يجعل إعادة التدوير أمرا مستحيلا.
مع ذلك، المسوقون لا يحبون مظهر الصواني البلاستيكية التي تمت إعادة تدويرها ذات الألوان الوردي والأخضر الفاتح والبيج التي تم تصميمها بدائل.
في النهاية فاز جانب الاستدامة بعد أن أثبتت التجارب أن المستهلكين لا اعتراض لهم على ذلك.
يتم الآن طرح الصواني متعددة الألوان الجديدة على المستوى الوطني ترافقها لافتات صغيرة على الرفوف لشرح السبب في أنها تبدو مختلفة في خطوة ستمنع 500 طن من البلاستيك الأسود أن ينتهي في مدافن النفايات أو محطات الحرق كل عام.
هناك مشكلات أخرى من الأصعب حلها. لا أحد حتى الآن لديه حل لكيس الرقائق، طبقاته الرقيقة من البلاستيك والمعادن المرنة مثالية لإبقاء رقائق دوريتوس أو ووكرز طازجة ومقرمشة، لكنها تجعل إعادة تدويرها غير عملية.

فتش عن غياب التقنيات
يقول مارك ميودونيك، أستاذ علوم المواد في كلية لندن الجامعية، "المشكلة الحقيقية هي أن التكنولوجيا لإعادة تدوير شريط التغليف البلاستيكي الرقيق غير موجودة"، مشيرا إلى البلاستيك في أكياس التغليف والأكياس البلاستيكية والأكياس المعاد تدويرها والأكياس متعددة المواد.
ثم هناك أنبوب معجون الأسنان. أمضت شركة كولجيت-بالموليف، أكبر شركة لإنتاج معاجين الأسنان في العالم، خمسة أعوام في العمل على أنبوب قابل لإعادة التدوير.
نستخدم حاليا نحو 20 مليون أنبوب سنويا، وكلها تنتهي في مدافن النفايات أو يتم حرقها.
لجعل الأنبوب قابلا لإعادة التدوير بسهولة، اضطرت شركة كولجيت إلى التخلص من الطبقة الرقيقة من الألمنيوم الموجودة في الداخل، واختيار نوع من البلاستيك معروف باسم HDPE الذي تمت إعادة معالجته في الأصل، من قبل شركات إدارة النفايات.
اختبر علماء البوليمرات عشرات الوصفات قبل العثور على واحدة تسمح للناس بالضغط على معجون الأسنان بشكل مريح، وحماية المنتج وتعمل على تلبية متطلبات الإنتاج عالي السرعة.
ستكون هناك حاجة إلى إعادة تجهيز أكثر من 100 خط إنتاج في 21 مصنعا حول العالم.
ستبدأ شركة كولجيت ببيع الأنبوب الجديد في علامتها التجارية تومز أو ماين Tom’s of Maine أوائل العام المقبل، كما يقول توم هيسليب، رئيس قسم التغليف العالمي في الشركة، لكن سيستغرق الأمر حتى عام 2025 لطرحها إلى علامات تجارية أخرى: "التحولات تستغرق وقتا". لسوء الحظ، لن تؤتي جهود شركة كولجيت-بالموليف ثمارها إلا إذا تمكنت من إقناع شركات إدارة النفايات، برؤية قيمة العبوات بما فيه الكفاية لجمعها وإعادة تدويرها.
يقول هيسليب: "التعامل مع نظام إعادة التدوير تحد أكبر من فهم الجانب العلمي للأنبوب بشكل صحيح". على الرغم من أن قلة في الصناعة يعترفون بذلك، إلا أن الحقيقة هي أن معدلات إعادة تدوير البلاستيك على مستوى العالم منخفضة بشكل مخيف. تم إنتاج نحو 8.3 مليار طن من البلاستيك منذ الخمسينيات وتظهر الأبحاث أن 9 في المائة فقط تمت إعادة تدويرها. الباقي انتهى في مكب النفايات أو المحيط أو طليقا في البيئة.

جريرة البلدان المتقدمة
البلدان ذات الدخل المرتفع غالبا ما تشحن نفاياتها حول العالم لإعادة تدويرها، لكن يتم التخلص من بعضها بدلا من ذلك، وهي مشكلة تفاقمت العام الماضي، عندما أغلقت الصين أبوابها أمام واردات النفايات.
على عكس الزجاج أو المعادن، لا يمكن إعادة تدوير العبوات البلاستيكية بشكل نهائي لانخفاض جودتها. في حين أن العلماء يعملون على ما يسمى تقنيات إعادة التدوير المتقدمة للتغلب على هذه المشكلة، إلا أنها ليست قابلة للتطبيق من الناحية التجارية.
في الوقت نفسه، هناك 14 في المائة فقط من العبوات البلاستيكية يتم حتى الآن جمعها لإعادة التدوير.
هذه الحقيقة دفعت نشطاء البيئة إلى الجدال بأن تعهدات الشركات لجعل عبواتها قابلة لإعادة التدوير، هي مثال على تجنب تحمل المسؤولية.
وهم يفضلون أن تقلل الصناعة من حجم البلاستيك المستخدم بدلا من ذلك. حتى الآن، التزمت شركة واحدة فقط من شركات السلع الاستهلاكية الكبيرة بالقيام بذلك: حيث تهدف شركة يونيلفر إلى تقليل الاستخدام السنوي من العبوات البلاستيكية بنحو 14 في المائة بحلول 2025.
يقول سيان ساذرلاند، الذي شارك في تأسيس مجموعة الدعم بلاستيك بلانيت: "هذا حري أن يجعل صناعة البلاستيك تربك الناس. إعادة التدوير كلام فارغ. إنها مجرد غطاء للنزعة الاستهلاكية ووسيلة لتهدئة شعورنا بالذنب".
"نحن بحاجة إلى إيجاد طريقة لاستخدام عبوات بلاستيكية أقل. إنه استخدام مؤقت لمواد دائمة، وهذا لن يكون أبدا أمرا حسنا".
ساذرلاند ليس وحده في دعوة الصناعة إلى التكثيف. نحو نصف الأشخاص البالغ عددهم 65 ألفا في 24 بلدا، الذين شملهم استطلاع شركة كانتار في أيلول (سبتمبر) من عام 2019، عدوا شركات السلع الأساسية مسؤولة أكثر من غيرها عن اتخاذ القرار بشأن البلاستيك قبل الحكومات ومتاجر التجزئة.

نقل القضية إلى المؤتمرات
نقل ساذرلاند هذه الرسالة إلى منطقة معادية في أيلول (سبتمبر) الماضي: مؤتمر صناعة التغليف في لندن. في قاعة على شكل كهف شغلت معروضات شركات تصنيع زجاجات العطور وصناديق الكرتون السميكة الملونة والشرائط اللامعة، وزجاجات الضخ البلاستيكية في كل حجم مئات المنصات.
أثناء ترويج بضاعتها كان هناك كثير من البلاستيك في كل مكان ما كان مدسوسا في الخلف منصة شركة ساذرلاند "أرض خالية من البلاستيك"، حيث كان الناشط قد جمع ستة عارضين.
إنهم جزء من حركة أوسع للشركات الناشئة واللاعبين الراسخين، الذين يحاولون تقليد أفضل صفات البلاستيك أثناء استخدام منتجات الورق المطلي، الخشب، الورق المقوى أو الألياف القائمة على السليلوز.
من بينها كانت شركة سيران، وهي شركة قائمة في شروبشاير ابتكرت مجموعة من أكياس ومغلفات بالورق المطلي.
يقول المؤسس سايمون بالدرسون، وهو فيزيائي يرتدي نظارة توظف شركته 400 شخص ولديها خمسة معامل، إنهم حققوا نجاحا أكبر بالعمل مع العلامات التجارية الناشئة من الشركات العملاقة.
أشار إلى حقيبة وردية لامعة لحبوب الجوز من شركة ترو الناشئة لصحة الأمعاء، ولوح كعكة الليمون من شركة فلاور آند هوايت.
ويقول: "العلامات التجارية الناشئة مستعدة لاتخاذ مزيد من المخاطر في عبواتها، وجعل خلوها من البلاستيك ميزة للعلامة التجارية".
في الجوار، أوضح الأخوان سام وويل بويكس كيف أن شغفهما لركوب الأمواج وتجربة نقل الألواح في جميع أنحاء العالم (دائما مغلفة بالبلاستيك)، دفعهما إلى ابتكار تغليف من الورق المقوى المشبك القابل للتوسع.
يباع تغليفهما المعروف باسم فلكسي هكس Flexi-Hex الآن لمختلف الصناعات التي تحتاج إلى حماية أغراض كبيرة للشحن.

تعدد المقاربات والأساليب
آخرون يسلكون طريقا مختلفا: صناعة البلاستيك من المواد المشتقة بيولوجيا مثل الذرة، قصب السكر، نشا البطاطا أو السليلوز من الأعشاب البحرية أو الأشجار.
بفضل تمويل استثماري بقيمة 46 مليون دولار، طورت شركة ناشئة شريط تغليف بلاستيكيا رقيقا مرنا قابلا للتصنيع مصنوعا من مواد بيولوجية يمكن استخدامه لتغليف كل شيء من حبوب القهوة إلى الجزر الطازج.
شركة نوتبلا الناشئة القائمة في لندن، هي رائدة في صناعة شريط التغليف الرقيق الصالح للأكل القابل للتصنيع منزليا مصنوع من الأعشاب البحرية، الذي يمكن استخدامه لتغليف المشروبات أو الصلصات. تشمل التجارب المبكرة على تسليم العبوات المائية في ماراثون لندن، واستبدال أكياس الكاتشاب البلاستيكية في الطلبات، من "جست إيت" هي أكبر منصة لتسليم الوجبات الجاهزة في بريطانيا.
ولأنها غير مصنوعة من الوقود الأحفوري، فإن هذه المواد البلاستيكية الحيوية تؤدي إلى انبعاثات كربون أقل لكن هذا لا يعني أن كل هذه العناصر ستتحلل ببساطة إذا انتهى بها المطاف في المحيط.
يحتاج معظمها إلى التحلل مدة 12 أسبوعا في المنشآت الصناعية، باستخدام درجة حرارة تبلغ 55 - 60 درجة مئوية ورطوبة عالية وأكسجين.
في حين أن لدى بريطانيا بعض البنية التحتية للتصنيع الصناعي، إلا أن كثيرا من المنشآت لا يزال لا يقبل بانتظام الأغراض الصلبة، مثل الأكواب البلاستيكية ذات الأساس البيولوجي. في بلدان أخرى قد تكون البنية التحتية غير موجودة أصلا.
دراسة أجراها البرلمان البريطاني نشرت في أيلول (سبتمبر) الماضي، أظهرت بعض المخاوف: "في رد الفعل العنيف ضد البلاستيك يتم استخدام مواد أخرى بشكل متزايد بدائل في تغليف الطعام والشراب. نشعر بالقلق من أنه يتم اتخاذ مثل هذه الإجراءات دون مراعاة مناسبة للعواقب البيئية الأوسع، مثل زيادة انبعاثات الكربون".
ميودونيك، الأستاذ في كلية لندن الجامعية، يجادل بأن البلاستيك الحيوي ليس الحل: "أنا أؤيد تماما أن نبتعد عن الوقود الأحفوري، لكن ليس من المنطقي صناعة بوليمر جديد لا يوجد له نظام إعادة تدوير"، مشيرا إلى بي إل أيه PLA وهو نوع شائع من البلاستيك الحيوي. "من الجنون طرحه في السوق".
كلما بحثت أكثر في مشكلة العبوات البلاستيكية، فإنك تبدأ بإدراك أكثر أن هناك إجماعا ضئيلا بشأن الحلول. كل حل يواجه دحضا.
إعادة التدوير جيدة! بل إنها محطمة. الورق هو الحل! إلا أنه لا ينجح أبدا بقدر البلاستيك. التكنولوجيا ستنقذنا! سيستغرق الأمر أعواما لتكون قابلة للتطبيق تجاريا. هناك حاجة إلى فرض الضرائب والتنظيمات! تدخل الحكومة غير فعال.
مع ذلك، هناك بعض الأشياء التي يتفق عليها الناس.

مشاركة المستهلك خطوة حاسمة
يجب أن يشارك المستهلكون وإلا فستفشل حتى أفضل الجهود المبذولة. الإقناع باتباع السلوك الجديد يتطلب التعلم من خلال التجربة والخطأ، وهو شيء لا يأتي بشكل طبيعي إلى شركات السلع الأساسية الضخمة.
يقول مسؤول تنفيذي في شركة يونيلفر إن أبحاث الشركة تظهر أن نحو 15 في المائة فقط من الزبائن يهتمون بشأن القضايا البيئية، بما يكفي لتغيير عاداتهم الشرائية، بينما نسبة الـ 50 في المائة الأخرى؛ حال عدم وجود تكلفة إضافية أو غير مربك بالنسبة إليهم. “وظيفتنا هي إيجاد الحلول التي ستنجح لتلك الأغلبية من الزبائن، الجماهير الكبيرة وليس العكس. بهذه الطريقة يمكننا الحصول على تأثير حقيقي”.
النقطة الأخرى في الإجماع هي أن هناك حاجة إلى مزيد من التجارب، مع نماذج جديدة تشجع إعادة استخدام العبوات.
درست مؤسسة إلين مكارثر أكثر من 100 مبادرة من هذا النوع في بحث صدر أخيرا، من مخططات فناجين القهوة القابلة لإعادة الاستخدام إلى شراء البقالة الضخم، وتوصلت إلى أنها وفرت مزايا مثل الولاء للعلامة التجارية، وتوفير التكاليف على الزبائن والشركات. أكثر من 40 شركة كبيرة، بما في ذلك شركات مارس وبيبسيكو ويونيلفر، تجرب الآن العبوات القابلة لإعادة الاستخدام، وذلك وفقا للمؤسسة.
يأمل مؤسس شركة لوب، توم سزاكي، أن خدمة التسوق عبر الإنترنت الخاصة به يمكن أن تظهر مدى قابلية مثل هذه النماذج للتطبيق، من خلال تحويل العبوات من كونها منتج نفايات يملكه المستهلك إلى أصول تخص الشركات المصنعة.
تتوقع شركة تيسكو إطلاق خدمة شركة لوب في شباط (فبراير) المقبل، تتبعها متاجر التجزئة في الولايات المتحدة وكندا وألمانيا واليابان.
ويقول: “حلمي هو أن تكون خدمة لوب بمنزلة منصة عالمية لإعادة الاستخدام. حيث يمكن أن تكون المحرك لمساعدة العلامات التجارية ومتاجر التجزئة، في تمكين هذا التغيير العميق في الانتقال إلى عالم لا توجد فيه نفايات”.
سيتوقف كثير على ما إذا كان يمكن لهذا النوع الجديد من إعادة التعبئة والاستخدام، أن يكون جذابا في أعين المتسوقين الذين يفضلون التكلفة الرخيصة وسهولة الاستخدام فوق أي شيء آخر.
في جميع الحملات المناهضة للبلاستيك، يبدو أن الناس ينسون درسا رئيسا، كما يقول ميودونيك، وهو أن يفكروا في كامل حياة المنتج من التصنيع إلى الاستهلاك إلى التخلص منه على شكل نفايات: “لا يوجد شيء اسمه مادة مستدامة. هناك فقط أنظمة مستدامة. الناس لا يفكرون في دلالة الأنظمة، لكن هذه هي الطريقة الوحيدة”.
///////////////////////////////

الأكثر قراءة