Author

المحافظة على التراث

|

يعيش في مناطق المملكة من الأهالي كثير ممن عاشوا التاريخ، وأسهموا في التغيير الكبير الذي تعيشه مدنهم. الانتماء لهذه المناطق جزء مهم من تكوين شخصياتهم وشخصيات أسرهم، وهذا أمر مهم عندما نتعرف على التنوع الثقافي والتاريخي المنتشر في طول البلاد وعرضها. كنت قد طالبت في سنين مضت أن يكون رؤساء البلديات مختارين من المنطقة ذاتها لما يمثله ذلك من ربط بين الجهاز المهم، وأهالي المنطقة أو المحافظة المستهدفة.

إن وجود من عاش في الأرض نفسها ويرتبط بها نفسيا واجتماعيا وعمليا، أمر مفيد، ذلك أنه سيؤدي بالضرورة إلى حماية كثير من مكتسباتها وتاريخها ودعم العلاقات بين أهلها.
لعل المجالس البلدية حققت بعضا من النجاح غير المتوازن في طبيعته بسبب الارتباط بين هذه المجالس والبلديات والقدرة القيادية التي تتمثل في هذه المجالس، التي أدت في بعض الحالات إلى خلافات صعبة العلاج بين القطاع الخدمي وبين من يمثلون الأهالي، وتلكم قصة أخرى.
لهذا، سعدت حين قرأت خبر الموافقة السامية على تعيين أربعة من أهالي مكة المكرمة في مجلس هيئة تطوير المنطقة، وهذه بداية أتمنى أن تنتشر على مستوى كل هيئات تطوير المناطق.
المهم أن يكون هؤلاء ممثلين لكل المحافظات ومهتمين بكل مكونات المنطقة التاريخية والتراثية والحضارية، وهي التي يمكن أن تعاني بسبب عمليات التطوير والإنشاء والأشغال التي تؤسس للتطور العمراني والانتشار السكاني الكبير الذي يستدعي مثل هذه العمليات.
إن وجود من يهتمون بتاريخ وثقافة وتراث المنطقة سيسهم دون شك في الإبقاء على الروح والشخصية العظيمة التي تملكها كل منطقة من مناطق البلاد التي استمرت في تكوينها على مدى آلاف السنين. وهذا مكمن الاهتمام بحماية هذه المكتسبات الحضارية في وجه التمدد العمراني الذي لا يضع كثيرا من الاهتمام للمكون التاريخي، إن لم يكن هناك من يدعمه ويوجه الجهود فيه.
جدة القديمة ووسط مدينة الطائف، مثالان مهمان على ضرورة الحفاظ على التاريخ وحماية كثير من مكوناته على الرغم من أن هناك كثيرا مما نحتاج إلى فعله لكشف مكونات مثل هذه المدن، وهو ما يجعل دور الجمعيات التاريخية في كل الجامعات أساسيا ومحوريا في إسناد مثل هذه الموافقة السامية التي أثلجت الصدور، أما مدينة مكة المكرمة فتلك رواية أخرى ومنجم لا تنتهي جواهره. أرجو لهذه المبادرة الانتشار والنفع العام وتحقيق رؤى خادم الحرمين الشريفين الذي يعد من أكبر الداعمين للحفاظ على تاريخ وثقافة وآثار هذه البلاد.

إنشرها