Author

الصدمة الجميلة

|

من التجارب العملية التي لا يمكن أن أنساها هي تجربة عشتها في بداية حياتي الوظيفية. لقد اختلفت مع رئيس لي في العمل. وفوجئت بعد هذا الاختلاف بعدم إعطائي أي مهمة عمل. 
كان الوضع صعبا للغاية. كيف أداوم ولا أقوم بأي مهمة؟!
حاولت أن أطلب اجتماعا مع رئيسي، لكنه أوصد الأبواب في وجهي. بعثت له برسالة اعتذار دون أن يردني منه أي رد فعل. 
كنت أمام خيارين؛ إما أن أستقيل وأترك المكان، وإما أن أستمر في المحاولة. 
اخترت الخيار الثاني لأني مؤمن بالجهة التي كنت أعمل فيها، وقتئذ.
المشكلة كانت؛ كيف أقضي وقتي في المكتب. كيف أنفق ساعات الدوام الطويلة دون أن أؤدي أي مهام أو مسؤوليات. 
توصلت إلى حل جديد، وهو ابتدار مشاريع تخدم منظومة العمل. 
في السابق، كنت لا أملك الوقت الكافي للتفكير، بسبب الانهماك في الأعمال اليومية. اليوم لدي وقت دون مسؤوليات. إذا هي الفرصة المناسبة.
انطلقت في وضع الأفكار. قرأت دراسات سابقة لمشاريع مشابهة. وبحثت عن أفضل الممارسات في تلك الموضوعات. ثم وضعت خطة تنفيذية وأخرى زمنية قصيرة لكل مشروع. 
بعد أن أنهيت ثلاثة مشاريع، أرسلت العروض الخاصة بها إلى رئيسي. 
لم يجب على رسالتي، لكن قام بما هو أفضل. أرسلها إلى رئيسه مع الإشارة إلى مجهودي في العمل عليها. طلبني رئيس رئيسي إلى اجتماع بحضور رئيسي، وأشاد بأحد المشاريع تحديدا، وطلب أن نباشر تنفيذه. 
منحني رئيسي الصلاحيات الكاملة، وبدأت مع زملائي في تنفيذ المشروع، حتى تجسد بفضل الله بنجاح على أرض الواقع.
كان هذا الحدث مفيدا جدا لي في حياتي العملية المقبلة. وقد حمل في طياته دروسا عدة من أبرزها:
1 - رب ضارة نافعة، عدم تكليفي بمهام، الذي كنت مستاء منه، منحني فرصة كبيرة للمبادرة، فأصبحت أبادر ولا أعتمد على تلقي المهام أو رد الفعل. أنفذ وأطفئ حرائق فقط. أصبحت منذ ذلك الحين أعد المبادرة أولوية فهي التي تميزني.
2 - الصدام ليس حلا: التصادم ليس هو الوسيلة المناسبة لمواجهة التحديات مع زملائك. جرب طريقة جديدة دائما للحصول على ما تستحق. وتذكر أن هناك جانبا مشرقا في كل شخص.
3 - الاستسلام المرفوض: لا تنحز إلى الاستسلام مبكرا. بعض المعارك حتى تكتسبها تحتاج إلى أن تقاتل وقتا أطول.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها