خطر التستر

تعطي "رؤية 2030" كثيرا من العناية لتمكين المواطن من ممارسة العمل التجاري والصناعي والفكري في كل مجالات ومواقع العمل في البلاد. بالرغم من وجود الأمثلة الناجحة التي يمكن أن يحتذيها المواطن، تبقى حالات مستفزة من التستر التجاري تحيط بنا من كل جهة. التستر التجاري الذي يؤدي إلى فقدان الوظائف وتسرب الأموال من الاقتصاد هو الخطر الأهم الذي يجب أن نحاربه.
خطورة التستر تأتي من عدة جوانب، فالبلاد يعيش فيها ما يزيد على ١١ مليون مقيم بطريقة نظامية، هذا عدا الإشكالية الأخرى التي يمثلها مجهولو الهوية الذين يعبرون الحدود بطريقة غير نظامية ويسببون مصائب أكبر.
هذا العدد الهائل من المنافسين الذين يستهدفون الربح المادي الأكبر خلال وجودهم في المملكة، يجعل الفرص الوظيفية تخرج من أيدي أبناء الوطن لأسباب عديدة.
السبب الأهم في هذه الإشكالية هو الرضا بالقليل من قبل الأجنبي لكونه غير مسؤول عن أسرة وتعليم ومنزل وغيرها من الالتزامات المباشرة وغير المباشرة. وهذا يعني أن أغلب الفقد ينتج عن وظائف جهدية غير إبداعية ونشاهد ذلك في كل ما حولنا من النشاطات الاقتصادية من البقالات وحتى المغاسل وغيرها من الأعمال.
يأتي في السياق الاستعداد الوظيفي لممارسة العمل لساعات أطول بكثير من السعودي وهذا يعيدنا إلى الحالة السابقة وهي انخفاض التزامات المقيم الذي لا عائلة لديه هنا، ويمارس العمل لأعوام محدودة ومن ثم يغادر، بينما ابن الوطن يعيش هنا ويموت هنا وهذه حياته ولا بد أن يربطها بالتزامات واضحة وتوقيتات محددة.
ومن العناصر المتعبة في عملية التستر هي الخبرة التي يمتلكها كثير من الأجانب في مجالات يعد المنافس لهم عليها غير قادر على تحقيق المواصفات نفسها، فعندما تبحث عن سعودي لديه خبرة عشرة أعوام في مجال معين فلن يوافق على راتب يعادل أو حتى ضعف ما يقبل به الأجنبي. هذا بالتالي يؤثر في دخول الشباب سوق العمل، وهذا يعني أن تربط عملية السعودة - في الأساس - بمزيد من الأموال المقدمة من الصناديق المختلفة لضمان توازن الرواتب، وتحقيق الخبرة التي يبحث عنها صاحب العمل.
يبقى العنصر الأكثر إزعاجا هو الكسل الذي يمارس من خلاله المتستر الحصول على الأموال بأقل مجهود، وهذا ما يحتاج إلى علاج واضح وفي وظائف محددة يلزم فيها صاحب المصلحة بالوجود المستمر وليس مرة كل شهر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي