أخبار اقتصادية- عالمية

«منظمة التجارة»: أوقات عصيبة تواجه الاقتصاد العالمي .. وخسارة مرتقبة لنظام تسوية المنازعات

 «منظمة التجارة»: أوقات عصيبة تواجه الاقتصاد العالمي .. وخسارة مرتقبة لنظام تسوية المنازعات

قال نائب المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، ألان وولف، إنه في الوقت الذي يتباطأ فيه النمو الاقتصادي ويتزايد عدم اليقين السياسي، فإن المنظمة أصبحت الآن أكثر أهمية، حيث توفر قواعدها الإنصاف وتمنع التمييز.
وأكد أهمية المناقشات التي تهدف إلى تعزيز المنظمة، وقال، "الدفاع عن النظام التجاري الدولي وتحسينه مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضي".
وفي حديثه خلال مؤتمر حول التجارة العالمية أثيرت أسئلة كبيرة، ما المخاطر الهيكلية الرئيسة التي تواجه النظام التجاري الدولي؟ وهل يمكن للهياكل الحالية أن تصمد أمام هذه الفترة التي تتزايد فيها النزعة الحمائية وعدم اليقين السياسي؟
وهل يمكن إقناع الولايات المتحدة بإنهاء حق النقض الذي لحق بأعضاء هيئة الاستئناف الجدد في منظمة التجارة -أي سحب الحق الممنوح للدول بممارسة النقض ضد تعيين القضاة-. وهل من حل للمأزق الحالي؟ وما الآثار المترتبة على التجارة العالمية إذا لم تتمكن هيئة الاستئناف من العمل بعد 10 كانون الأول (ديسمبر)؟
هل هناك جدول أعمال بناء لإصلاح منظمة التجارة العالمية والنظام التجاري المتعدد الأطراف؟ وفي غياب التوافق في الآراء في منظمة التجارة، هل تمثل الاتفاقات المتعددة المجالات سبيلا للمضي قدما في التجارة الدولية؟
أجاب نائب المدير العام، "هذه أوقات عصيبة"، وهناك زيادات في الحماية وصلت إلى نقطة الحرب الاقتصادية، ودرجة من عدم التيقن تتعلق بالتقيد بالقواعد الحالية، وهناك بلد رئيس يتساءل عن استمرار عضويته في منظمة التجارة، وهناك خسارة محتملة مرتقبة لنظام تسوية المنازعات في نظامها وشكلها الحالي، وهناك نقاشات حول أي من الدول الأعضاء في المنظمة يستحق معاملة خاصة عندما تطالب هذه الدولة -في إشارة واضحة للصين- بمنحها وضع بلد نامٍ، وهناك سلوك من جانب عدد قليل من الحكومات يشير إلى تفضيل واضح لصفقات تجارية ثنائية تفضيلية، وعدم وجود وثيقة واحدة تحدد جدول أعمال الإصلاح على الرغم من دعوات مجموعة السبع ومجموعة العشرين إلى إصلاح المنظمة.
سأل نائب المدير العام، هل الهيكل المتعدد الأطراف الحالي يصل إلى مستوى التحديات المطروحة؟ رد على سؤاله، الجواب لي واضح، سيتحمل النظام التجاري المتعدد الأطراف المصاعب، وسيتكيف، وسيستمر. لكنه قال: هذا لا يعني أن كل شيء على ما يرام. إنه ليس كذلك. النظام هو في شكل أفضل بكثير مما يعتقد معظم المراقبين.
وأضاف، إلى أن بدأت الصدمات في الماضي القريب، كان القليلون، خارج الاختصاصيين القلائل في الحكومة أو الأوساط الأكاديمية، يتحدثون عما إذا كانت منظمة التجارة موجودة أم لا. كانت المنظمة غير مرئية إلى حد كبير حتى بدأ اختبارها، ومن ثم هيمن الحديث عنها بالانتقاد والفشل. وهذا أبعد ما يكون عن الصورة الدقيقة. ما الأدلة؟ قدم نائب المدير العام الأدلة التالية:
لا تزال معظم التجارة العالمية تخضع لقواعد منظمة التجارة، وأن ازدهار العالم يعتمد عليها.
حقيقة أن هناك حربا تجارية كبيرة واحدة، وبعض الحروب الناشئة في أطوارها الأولى، تشير إلى ما ينبغي أن نعرفه جميعا من التاريخ. ولا يوجد اتفاق دولي يمنع الحرب. لكن لا توجد حرب تستمر إلى الأبد، هناك أمثلة جيدة جدا على السلام الذي أعقب ذلك الذي أسهم في تعزيز النظام التجاري الدولي. ولا ينبغي أن نبخس من قيمة هذا الاحتمال في الوقت الحاضر.
في وقت يزداد فيه الشعور الشعبي وبطء النمو الاقتصادي العالمي، تزداد أهمية منظمة التجارة. وتعريف الشعبية هو الاعتقاد بأنه أيا كانت النظم الموجودة فإنها لا تفي بوعدها. لكن منظمة التجارة تفي بالفعل، وقواعدها توفر الإنصاف. حتى على مستوى الفرد.
وفي تعريفه للإنصاف، قال، وولف: يعني أن منتجات عامل المصنع سيكون لها إمكانية الوصول إلى الأسواق العالمية ولن يتم حظرها بمعايير المنتجات الحمائية.
ويعني الإنصاف أن المزارعين يستطيعون البيع في أي مكان وعدم مواجهة المتطلبات الحمائية التي تحد من واردات الأغذية أو الأعلاف. والإنصاف يعني أن الأجيال المقبلة ستوجد المنتجات والخدمات والأفكار من أجهزة الحاسوب المحمول الخاصة بهم، ومن خلال شبكة الإنترنت سيكون العالم كسوق واحدة، ومن الوصول الرقمي السلس، يمكن للفرد أن يكسب لقمة العيش في أي مكان توجد إمكانية للوصول إلى الإنترنت حيث التدفق الحر للبيانات.
وأضاف، يعني الإنصاف أن الإمدادات اللازمة للأنشطة الإنتاجية يمكن أن تستمد من أي مكان. والإنصاف لا يعني فقط منع التمييز -ضد السلع وضد الخدمات، بل يعني توافر المعلومات لتحديد مصادر الإمدادات وإيجاد الأسواق. والإنصاف يعني المرونة لتمكين الجميع من المشاركة في التجارة الدولية، وتوفير الفوائد التي لا توجد اليوم بما فيه الكفاية للنساء والمشاريع الصغرى والمتوسطة والصغيرة.
وقال نائب المدير العام في دفاعه عن منظمة التجارة إن الاتفاقات الثنائية والإقليمية ليست بديلا للنظام التجاري المتعدد الأطراف، بل إنها تبني نفسها عليه، إنها تحتاج النظام المتعدد الأطراف كأساس ضروري.
وفي إطار النظام التجاري المتعدد الأطراف، لا توجد تحديات هيكلية مستعصية على الحل. الأهم من ذلك، أن الأعضاء منخرطون بعمق في البحث عن حلول للقضايا القديمة والناشئة على حد سواء.
وأثيرت خلال الندوة مسألة محددة بشأن ما إذا كان تجميد التعيينات في هيئة الاستئناف التابعة للجهاز القضائي في منظمة التجارة العالمية سينتهي قريبا، بمعنى آخر ما إذا كانت الولايات المتحدة سترفع اعتراضها على تعيين قضاة جدد في هيئة الاستئناف.
وقال نائب المدير العام للمنظمة، ليست هناك دلائل على أن ذلك سيقع، على الرغم من إحراز تقدم نحو التوصل إلى توافق في الآراء لمعالجة عدد من المسائل المثارة.
وأضاف، الفرق الأساسي بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يذهب إلى طبيعة تسوية النزاعات في منظمة التجارة. وهل فرق التحكيم ودعاوى الاستئناف هي في طبيعتها مثل المحكمة، حيث لا يكون للأعضاء أي تأثير في تطور القانون، الذي تحدده عملية قضائية مستقلة، أو هل أن فريق التحكيم ونظام الاستئناف مصممون لتعزيز تسوية المنازعات دون أن يكون بديلا للتفاوض على قواعد جديدة؟ هذه هي الاختلافات القوية التي تتجاوز الفلسفة. وأوجز نائب الأمين العام بالقول، حل مسألة تعيين قضاة جدد في هيئة الاستئناف كبدلاء عن القضاة التي انتهت أو ستنتهي فترتهم يتطلب قرارا سياسيا.
هنا ظهر سؤال جديد، ماذا سيحدث في الفترة الانتقالية التي ستعقب 10 كانون الأول (ديسمبر)؟ أجاب، وولف: ستستمر السمة المميزة لمنظمة التجارة، وهي أن القواعد التجارية قابلة للإنفاذ. وسيستمر رفع الشكاوى، وسيستمر النظر في الشكاوى والبت في المنازعات، سواء كانت هيئة الاستئناف لا تزال تعمل أو لا تعمل.
وقال نائب المدير العام، إيجاد الحلول العملية للفوضى والنزعة الفردية، سيكون مفضلا.
أما بالنسبة لإصلاح منظمة التجارة، فلا يوجد جدول أعمال وحيد للإصلاح، محدد في مكان واحد، ولا توجد قائمة رسميه. ولا توجد وثيقة معنونة "بناء منظمة التجارة العالمية".
وإذا كانت هناك وثيقة، فإنه من غير المرجح أن تكون كاملة. وقال، لكن لا بد من التوضيح، هناك نشاط مكثف من جانب الأعضاء الذين يمثلون معظم التجارة العالمية والنشاط الاقتصادي لإصلاح المنظمة.
أما عن طبيعة هذا الإصلاح، فقد حددها نائب المدير العام بـ: توسيع نطاق القواعد والأحكام لتشمل التجارة الإلكترونية، السماح بتوفير الخدمات عبر الحدود بحرية أكبر، تسهيل الاستثمار عبر الحدود، حل الخلافات بشأن نظام تسوية المنازعات، تحسين المعايير، وتقديم المساعدة الإنمائية لشعوب أفقر البلدان.
وقال، ألان وولف، نحتاج أن نترك التوقعات القاتمة الحالية حول مستقبل منظمة التجارة العالمية ما يتم القيام به حاليا الحفاظ على النظام وتحسينه. إن الحديث عن قرب هلاك النظام التجاري المتعدد الأطراف لا يقوم على أسس سليمة. مع ذلك، هناك أخطار كبيرة، ولذلك يجب إيلاء الاهتمام.
وقال، لم أقصد الحديث عن الرضا عن النفس. إنها دعوة للعمل. وينبغي أن تكون هناك منظمة فعالة للتجارة العالمية. وينبغي رفع مستوى الطموح. الأزمات توجد فرصا. العبث لن يأخذ المنظمة إلى مكان أفضل. هناك حاجة الآن أكثر من أي وقت مضى للدفاع عن النظام التجاري العالمي وتحسينه. المستقبل لم يكتب بعد. هذا ما نصنعه.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية