تقارير و تحليلات

مكاسب جديدة لأدوات الدين الدولارية .. وسندات «أرامكو» تتداول فوق قيمتها الاسمية

 مكاسب جديدة لأدوات الدين الدولارية .. وسندات «أرامكو» تتداول فوق قيمتها الاسمية

سجلت أدوات الدين "الدولارية" للحكومة السعودية مكاسب جديدة، بعد قرار البنك المركزي الأمريكي تخفيض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس.
وتفاعلت أدوات الدين السعودية، المدرجة ضمن "مؤشر بلومبيرج باركليز المجمع لسندات الأسواق الناشئة المقومة بالدولار"، بشكل إيجابي مع قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خفض الفائدة للمرة الثانية في هذا العام.
وبلغ إجمالي العائد 0.22 في المائة، وذلك بنهاية اجتماع "الفيدرالي الأمريكي" الأربعاء الماضي.
وجاء الرصد للفترة بين 16 و18 أيلول (سبتمبر) الجاري، الأمر الذي يعني أن أدوات الدين الحكومية لم تعوض ما فقدته من تراجعات طفيفة (خلال التداولات الثانوية بعد الاعتداء التخريبي على معملي "أرامكو" في بقيق وخريص) أوائل الأسبوع الماضي، بل تمكنت من تسجيل مكاسب بنهاية تداولات الأربعاء، وذلك بعد المؤتمر الصحافي (الذي تم عقده الثلاثاء والتأكيد من خلاله على عودة الإمدادات النفطية السعودية إلى ما كانت عليه قبل الاعتداء التخريبي).
وتعكس تلك المعطيات ثقة المستثمرين بالجدارة الائتمانية للمملكة والتي تجلت بمكافأة مستثمري الدخل الثابت للسعودية لقاء طريقة تعاملها مع تلك الأحداث وكونها استطاعت إرجاع الإمدادات إلى طبيعتها في فترة زمنية قصيرة للغاية.
وأظهر رصد لـ"الاقتصادية" على أدوات الدين الدولارية للسعودية و"أرامكو" (المدرجة ببورصتي لندن وإيرلندا) عن تسجيل بعض تلك الأوراق المالية ارتفاعات لافته في قيمتها مع تراجع إيجابي للعائد.
أي أن البيئة التسعيرية لتلك الأدوات مشجعة للسعودية من أجل طرح أي إصدار دولي هذا العام لو أرادت ذلك. وسجلت السندات السيادية للمملكة، التي يحين أجلها في 2049 أرباحا بـ1.13 في المائة خلال الفترة بين 16 و19 أيلول (سبتمبر) الجاري، وهي الآن تتداول عند مستويات 119.7 سنت للدولار.
في حين حققت سندات "أرامكو" أرباحا، وصلت إلى 1.60 في المائة خلال الفترة نفسها، وتلك السندات تتداول فوق قيمتها الاسمية عند 108.7 سنت للدولار.
وتعني تلك المكاسب أن "السيولة الذكية" للمستثمرين المؤسسيين لم تفوت الفرصة الاستثمارية، التي توفرت لهم خلال تذبذبات تلك الأوراق المالية أثناء التداولات الثانوية، ما يثبت أن السعودية لديها قاعدة ضخمة وعميقة من المستثمرين في أدوات الدخل الثابت.
على الجانب الآخر أظهرت الأحداث الجيوسياسية الأخيرة مدى مرونة أسواق الدين الخليجية، وكيف أن بعض المستثمرين المؤسسيين رأوا بأن ما حدث كان عبارة عن فرصة لزيادة انكشافهم على تلك الأوراق المالية بدل من تقليص حجم الانكشاف.

قرار الفيدرالي الأمريكي

كان مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي قد قام الأربعاء الماضي بخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية للمرة الثانية هذا العام وينتظر لقرار الفيدرالي أن يكون عاملا داعما لأداء أدوات الدين السعودية المقومة بالدولار خلال الفترة المقبلة.
ويعد مؤشر "بلومبيرج باركليز" أحد المزودين الثلاثة الرئيسين لمؤشرات السندات في العالم، وتتبع أداءه صناديق السندات العالمية. وكان مؤشر "بلومبيرج باركليز" من أوائل المؤشرات العالمية، التي أدرجت سندات وصكوك الحكومة السعودية ضمن مؤشراته.
وخفضت مؤسسة النقد العربي السعودي معدل اتفاقيات إعادة الشراء (الريبو)، المستخدم في إقراض أموال للبنوك، إلى 250 نقطة أساس من 275 نقطة أساس. وخفضت أيضا معدل اتفاقيات الشراء العكسي (الريبو العكسي)، الذي تودع به البنوك التجارية الأموال لدى البنك المركزي، بالقدر نفسه إلى 200 نقطة أساس.
والريال السعودي مربوط بالدولار، ويتبع المركزي السعودي مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي في تحركاته المتعلقة بأسعار الفائدة.

البحث عن العائد

في خضم بحثهم عن العائد، دفع لجوء مستثمري الأسواق الناشئة للسندات الثلاثينية السعودية بأن حلقوا بها لمستويات قياسية.
وجاءت تلك المستويات التاريخية كردة فعل طبيعية بعد أن لاحظ مستثمرو "سندات الأسواق الناشئة" كيف هوت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 30 عاما عند مستويات قياسية منخفضة مع تنامي المخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي ومراهنات على أن مجلس الاحتياطي الاتحادي سيتعين عليه أن يسرع وتيرة تخفيضات أسعار الفائدة للتصدي لمخاطر الركود.
ويتم تسعير أدوات الدين السيادية للسعودية عبر الاستعانة بمؤشر قياس وهو عوائد سندات الخزانة الأمريكية، حيث تدخل عوائد تلك السندات مع المنظومة التسعيرية لأدوات الدين السيادية.
ولكن مع انعكاس مستويات عوائد سندات الخزانة الأمريكية نحو الهبوط، أصبح امتلاك الإصدارات السابقة لسندات المنطقة الخليجية أمرا جاذبا لمحافظ المستثمرين بسبب ارتفاع عائدها وفقا لأوضاع السوق الحالية.
وكانت "الاقتصادية"، قد أشارت في تحليل لها نشر في السابع من آب (أغسطس) الماضي إلى ازدياد الطلب في الأسواق الثانوية على الإصدارات الخليجية "القديمة" التي أصدرتها الحكومات في العام الماضي (إبان ارتفاع أسعار الفائدة خلال وقت الإصدار) وذلك بعدما أصبحت عوائد تلك السندات جذابة (في الوقت الحالي) بعدما دخلت "أدوات الدخل الثابت" في الأسواق الناشئة لمرحلة الفائدة المتدنية.
وذكرت الصحيفة أن هناك "علاقة عكسية" بين ارتفاع أسعار تلك الأوراق المالية وانخفاض العائد.
وأظهر الرصد في حينه أن بعض المستثمرين القدماء لا يزالون يتمسكون بأدوات الدين السعودية، وذلك بسبب العائد السخي (في ظل الظروف الحالية لأسعار الفائدة).

العائد الجاذب

كانت السعودية قد أصدرت في العام الماضي سندات ثلاثينية بعائد 5 في المائة (وبقيمة 3.5 مليار دولار) ويحين أجلها في 2049.
أما آخر إصداراتها من السندات الثلاثينة فكان في كانون الثاني (يناير) من العام الجاري، وذلك بقيمة 3.5 مليار دولار وعائد 5.25 في المائة ويحين أجلها في 2050. في حين أغلقت السندات الثلاثينية للخزانة الأمريكية الخميس الماضي عند 2.22 في المائة (مع العلم أن السعودية عندما أصدرت الورقة المالية لأجل 30 سنة كانت نظيرتها الأمريكية تتداول عند 3.03 في المائة، هذا يعني أن عوائد الخزانة الأمريكية قد انهارت بمقدار 81 نقطة أساس خلال تسعة أشهر.
وجاء الهبوط القياسي لعوائد الخزانة الأمريكية بسبب الخلاف التجاري القائم بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي انعكس بشكل إيجابي على عوائد السندات السيادية لمنطقة الخليج.
وتنقسم نوعية المستثمرين، الذين ينكشفون على الديون السعودية إلى نوعين، الأول: مستثمرو الأجل الطويل، وأخيرا الذين يرغبون في مجرد الشراء والبيع لتحقيق مكاسب سريعة.

الأساسيات الاقتصادية المتينة

ما يميز الإصدارات القديمة للحكومة السعودية، التي جاءت في أوائل العام الجاري والعام الماضي، أنه قد تم إغلاقها بالفائدة "الثابتة" (التي لن تنخفض مدفوعاتها الدورية للمستثمرين حتى لو دخل حاملو تلك الأوراق المالية لفترة الفائدة المتدنية).
وتأتي تلك المستويات، التي تسجلها أدوات الدين الثلاثينية بالسوق الثانوية في الوقت، الذي تمر فيه المنطقة بأحداث جيوسياسية لم تمنع مستثمري السندات من دفع علاوة سعرية (أقرب ما توصف بالباهظة) لكي يمتلكوا حصة يسيرة من الديون السيادية لأضخم اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط، التي تجمع بين التصنيف الائتماني الرفيع والأسس الاقتصادية المتينة.
ومن الطبيعي أن يصوت المستثمر الدولي، الذي يكون مستعدا لدفع علاوة سعرية على أدوات الدين الثلاثينية، على متانة اقتصاد السعودية، وكذلك إصلاحاتها، وذلك نظرا لأن المحافظ التي تشتري تلك الأوراق المالية لن تسترد "رأس المال المستثمر"، إلا بعد 2046 فما فوق، وذلك في حال الاحتفاظ بها إلى أن يحين أجل إطفائها.

* وحدة التقارير الاقتصادية

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات