لعنة الواردات دون منافسة محلية «1 من 2»

أكد راؤول بريبيش ضرورة أن تستبدل البلدان النامية الواردات بالإنتاج المحلي لما يمكن أن يحققه من مكاسب محتملة في عمليات التصنيع التي قد تنشأ عن استبدالها تلك الواردات. في الاستراتيجية، التي كان الاقتصادي الأرجنتيني الراحل يؤيدها، تلعب الدولة دورا رئيسا من خلال تأميم الشركات ودعم المنتجين المحليين وتحديد الرسوم الجمركية.
وتراجعت استراتيجيات التنمية التي تشبه استراتيجيات بريبيش تدريجيا خلال أزمات الديون قرب نهاية القرن الماضي، إلى حد كبير، لأن منظمات الإنقاذ المتعددة الأطراف كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي دعت إلى التحرير الاقتصادي.
بدلا من ذلك، فإن نجاح الاقتصادات الآسيوية القائم على التصدير، مثل كوريا، حول تركيز نموذج التنمية الاقتصادية من تثبيط الواردات إلى تنشيط الصادرات. واستند هذا التغيير من التركيز في الواردات إلى الصادرات وإلى التأثير المحفز الناشئ من التعرض للمنافسة العالمية إلى الإنتاج المحلي، وإلى نقل التكنولوجيا نتيجة للاستثمار الأجنبي المباشر. تدريجيا، ومع تغير نموذج التنمية، كذلك تغيرت السياسات -من سياسات تشجع التجارة لمساندة الصناعات المحلية إلى سياسات تهدف إلى تحويل البلدان النامية إلى منصات للشركات متعددة الجنسيات من أجل الاندماج في الأسواق العالمية. لكن بالنسبة لبلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لم تحقق استراتيجيات التنمية التي تقودها الصادرات نجاحا يذكر، واستمرت أدوات الاستراتيجية السابقة الخاصة باستبدال الواردات مثل الشركات المملوكة للدولة والتعريفات الجمركية العالية وإعانات الدعم. وبدلا من تعزيز الإنتاج المحلي كما تصور بريبيش أسست هذه الموروثات صناعات رأسمالية تقوم على المحاباة فقيدت من مستوى المنافسة في عديد من القطاعات الاقتصادية وعززت من الاعتماد على الواردات. وانتهت حلقات التحرر الاقتصادي بنقل الملكية من الدولة إلى الاحتكارات الخاصة. والأكثر من ذلك، أن السلطات المعنية بدعم المنافسة، التي لا تزال في بداية نشأتها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لم تكن لديها مساحة تذكر لتحقيق تكافؤ الفرص بين الأطراف الفاعلة في القطاع الخاص ومنع ممارسات التواطؤ بين الشركات بما في ذلك الشركات الأجنبية والشركات المملوكة للدولة.
إلى جانب الرسوم الجمركية التي هي ضرائب على الواردات، يمكن أن تشمل القيود تعيين حصص "قيود على كميات الواردات" والقيود المفروضة على شراء العملات الأجنبية وبيعها. في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كان لهذه الحواجز تأثيرات ضارة بتشجيع لوبي الاستيراد الذي يشوه حوافز السوق؛ وتعزيز قطاع خاص غير فعال يعتمد على الدعم؛ والتسبب في ارتفاع أسعار السلع القابلة للتداول... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي