الذكاء الاصطناعي وتعريف آلة التعلم "2 من 2"

يطرح سؤال أولي: ما العلاقة بين الذكاء الاصطناعي وربطه بالخيال الاصطناعي؟ للوهلة الأولى يبدو أن الباحثين في شركة سامسونج قد أنجزوا المستحيل. من الناحية الفنية قد تعتقد أن هناك حاجة إلى صورتين على الأقل من أجل إنجاز العمل وعمل كيان بأبعاد ثلاثية – ففي نهاية الأمر نحتاج إلى عينين اثنتين. بالعودة إلى تسعينيات القرن الماضي، حاولنا جعل صورة مثل الموناليزا شخصية متحدثة، لكن مع عدم وجود صورة ثانية لم نكن قادرين على القيام بذلك. إذا ما كانت الآلة تستطيع اليوم إيجاد عالم ثلاثي الأبعاد فقط من صورة واحدة لطائرة، فهل نستطيع إثبات أن الذكاء الاصطناعي يمتلك شيئا أقرب إلى الإبداع البشري والخيال؟
لحظة، ألا تعتقد أننا قمنا بتفسير طريقة عمل آلة التعلم في صنع الأخبار الزائفة؟ النموذج الجديد للموناليزا لم يكن عبارة عن مخيلة لفنان. ببساطة تعلم الكمبيوتر آلية حركة الوجه، ونقل تلك المعرفة إلى تحفة دافنشي وتلاعب بالصورة بناء عليه. فما الاختلاف الكبير الواضح بين مهارة فنان كبير ومهارة استثنائية لروبوت مع الصور؟
ماذا يكون الخيال، في حال لم يكن توليد بيانات جديدة؟ لذا من أجل حسم الجدل، لنفترض أن الكمبيوترات ذاتية التعلم تمتلك القدرة على التخيل، بحسب التعريف أعلاه. فمن المنطقي أنه في ظل منح الوقت الكافي والتطورات التكنولوجية، تستطيع التفكير في ابتكارات ومنتجات جديدة، حتى دون أي تدخل بشري. وتستطيع التعلم من مجال وتطبقه على مجالات أخرى جديدة لتموين ابتكارات، ويكون ذلك بمنزلة نقلة نوعية لقطاع الأعمال والاقتصاد والمجتمع. بإمكاني القول إن ذلك بدأ فعلا يحصل. بيعت العام المنصرم لوحة مرسومة بواسطة الذكاء الاصطناعي في مزاد ومعرض كريستي بما يقارب نصف المليون دولار. هناك عدد لا يحصى من الأمثلة الأخرى، ولكن من الضروري أن ندرك أنه لا يوجد سؤال أبيض أو أسود. على سبيل المثال، عندما يقوم الهاتف الذكي بشكل تلقائي بتحسين الصور، أو إعطاء مقترحات أثناء الكتابة، ألا يعد ذلك نوعا من التعاون الإبداعي بينك وبين الجهاز؟ أو لنعتبر أن الخوارزميات التي تعطي مقترحات في "يوتيوب" و"نيتفليكس" أكثر تأثيرا من أي ناقد صحافي. من الجنون التفكير في أن أولئك القيمين الافتراضيين، الذين يتمتعون بمعرفة غير محدودة بتفضيلات الجمهور وعديد من المنتجات، قد يقومون في أحد الأيام بتطوير منتجاتهم الخاصة وكتابة السيناريوهات وليس فقط تقديم اقتراحات.
عند شرح العمل في الطليعة يطرح سؤال: هل من المخيف أن تمتلك الآلة مخيلة وأن تكون مبتكرة؟ بالطبع، ولكن ينطبق ذلك على أي تقنية. لا يوجد شر جوهري حيال التطورات التكنولوجية، بل يتعلق الأمر بطريقة استخدامها. فطالما حافظنا على إطار آمن ومرن للابتكار، بإمكاننا الاستفادة من الفرص الهائلة خاصة في مجال الأعمال. فعلى سبيل المثال، بإمكان مراكز البحوث والتطوير والتصنيع، تحقيق استفادة قصوى من قدرة الذكاء الاصطناعي على التصور بأبعاد ثلاثية. يساعد الذكاء الاصطناعي أيضا الباحثين على حل المشكلات العلمية المهمة المتعلقة بفهمنا للبيولوجيا والبيئة وغيرهما.
تلتزم كلية إنسياد بجعل الذكاء الاصطناعي قوة للخير. يضم بحثي الأخير مجموعات متنوعة من الأشخاص، ليسوا فقط مهندسين وعلماء كمبيوتر وقادة ورجال أعمال، بل أيضا مشرعين وفلاسفة وعلماء اجتماع واقتصاديين وغيرهم. فنحن بحاجة إلى وجهات نظر واسعة، للنظر في الوعود والتهديدات التي تحملها التكنولوجيا الجديدة ولا سيما الذكاء الاصطناعي.
لحسن الحظ نصادف اليوم مزيدا من التنفيذيين الذين يستوعبون ذلك. فقد أدركوا أن تقدير الآثار الهائلة المترتبة على الثورة التكنولوجية المستمرة، يقع على عاتق جميع المستويات الوظيفية والاختصاصات داخل المؤسسة. وفي حال استمرار هذا النهج، ستصبح ميزات كما في "فيسبوك" "الواجهة الأخلاقية للذكاء الاصطناعي" وأصوات المساهمين حول التكنولوجيا المثيرة للجدل -كما حدث أخيرا مع "أمازون"- هي المعيار في كل القطاعات، وسيصبح العالم أفضل بالنسبة لها. هناك كثير على المحك وكثير من الأمور المهمة والمثيرة التي يتعين علينا القيام بها.

 

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي