تداعيات الحرب التجارية .. أمريكا تقاوم وأوروبا تعاني واقتصاد الصين يتدهور بشكل كبير

تداعيات الحرب التجارية .. أمريكا تقاوم وأوروبا تعاني واقتصاد الصين يتدهور بشكل كبير

قال اقتصادي ومحلل مالي في مصرف لومبارد أودييه السويسري الخاص، إن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، أضرت أساسا بالاقتصاد الصيني، حتى الآن.
أما الولايات المتحدة، فقد قاومت جيدا، لكن من المتوقع أن تظهر الآثار ملموسة على الاقتصاد الأمريكي في المستقبل القريب، بحسب المحلل.
وكان الذهب حتى الآن الفائز الأكبر في الحرب التجارية، في حين تكبدت أسهم الأسواق الناشئة خسائر فادحة. لكنه يقول إن قادة الصين لديهم رؤية طويلة الأجل، على عكس الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب.
ومنذ قرار الرئيس ترمب في آذار (مارس) 2018 فرض تعريفة جمركية بنسبة 25 في المائة على واردات الصلب، زادت التوترات بين الولايات المتحدة والصين بمعدل التعريفات الجمركية نفسه، وأدى تصاعد انخفاض التجارة إلى تفاقم التباطؤ في النمو العالمي.
وقال، ستيفان مونييه، الخبير الاستراتيجي في مصرف لومبارد أودييه، إن الأسواق أظهرت قلقا بشكل متزايد منذ نهاية 2018.
وفي تغريدة على تويتر في الأول من آب (أغسطس) الجاري، أعلن الرئيس ترمب فرض تعريفات إضافية بقيمة 300 مليار دولار على الواردات الصينية التي لم تخضع بعد للضريبة، ما تسبب في هزات قوية في السوق. وردت الصين بالسماح لليوان أن يهبط إلى أسفل لتصل قيمته سبعة يوانات مقابل الدولار، وهو أمر يعزز الشعور بالذعر.
وأضاف، "في هذه المرحلة، نقدر خطر فشل المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين بنسبة 40 في المائة، بعد أن كان 25 في المائة في السابق".
وعن الفائزين والخاسرين من وجهة نظر الاقتصاد الكلي، يقول مونييه في مقال، إن "مقياس المصرف - لومبارد أودييه - يظهر أن مؤشرات النمو الرئيسة انخفضت منذ 2018. الاقتصاد الأمريكي قاوم بشكل جيد نسبيا، في حين عانت أوروبا، وتدهور الاقتصاد الصيني بشكل كبير. انخفضت أسواق العمل في الولايات المتحدة وأوروبا. ولا يزال التضخم ضعيفا بوجه عام، لكن المصارف المركزية اتخذت خطوات للتخفيف من آثار تباطؤ التجارة".
ويضيف "تباطأ النمو في الصين من 6.8 في المائة في الربع الأول من 2018 إلى 6.2 في المائة في الربع الثاني 2019، حيث خففت الحوافز المالية والنقدية والحصول على الائتمان من تأثير الصدمة. علاوة على ذلك، يتزايد عدد شركات التصنيع وبعض قطاعات التقنية والسلع الاستهلاكية التي تنتقل إلى البلدان المجاورة، بما فيها تايلاند وماليزيا".
وتوقع أن يتباطأ النمو الصيني إلى 6.0 في المائة في 2020، موضحا أنه يمكن لسلطات البلد أن تتخذ مزيدا من الخطوات لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد، ومن شأن أسعار فائدة في الولايات المتحدة أكثر انخفاضا أن تساعد الصينيين على هذا الصدد.
وأكد أن قادة الصين لديهم رؤية طويلة الأجل، على عكس الرئيس ترمب، الذي سيتعين عليه المثول أمام الناخبين مرة أخرى في 2020.
ويقول: إذا كان التأثير في النشاط أكثر اعتدالا في الولايات المتحدة، فإن تباطؤ الاقتصاد الصيني سيؤدي إلى ارتفاع التضخم، ما يؤدي إلى انخفاض الأرباح وانخفاض نمو الأعمال التجارية.
وتستهدف التعريفات الأمريكية الجديدة التي تم إعلانها، السلع الاستهلاكية التي يقل عدد المنافسين فيها في الصين، ما يجعل هذا الأمر أكثر صعوبة بالنسبة إلى المشترين الأمريكيين.
وتضر تعريفات الاستيراد بشكل متزايد بقطاعات الصناعة والزراعة والطاقة والنقل في الولايات المتحدة. ويضيف مونييه: الذي يدعو إلى القلق أن المزارعين الأمريكيين يريدون اتفاقا، في حين سجلت شركات الشحن البري وشركات الطاقة انخفاضا برقم من مرتبتين في آب (آغسطس) وحده، نتوقع أن يتباطأ النمو في الولايات المتحدة من 2.3 في المائة هذا العام إلى 1.8 في المائة في 2020.
وفي أوروبا، تضررت الاقتصادات المصدرة "إيطاليا وألمانيا" بشدة من ضعف الطلب. وفي آسيا، قاومت الهند وإندونيسيا والفلبين مقاومة جيدة نسبيا.
واستفادت فيتنام وكوريا وتايوان من استبدال الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة، وفي بعض الحالات، من إعادة توجيه الإستثمار تدريجيا. بيد أن الزيادة في صادراتها إلى الولايات المتحدة قابلها أكثر من انخفاض في صادراتها من المواد الخام إلى الصين. ومع تحقيق مكاسب صافية صغيرة جدا، تباطأت جميع الاقتصادات الثلاثة في 2019.
أما عن الفائزين والخاسرين من جانب فئات الأصول، يقول مونييه: الفائز الكبير في الحرب التجارية حتى الآن هو الذهب، الذي ارتفع 14 في المائة منذ آذار (مارس) 2018. ما يتعلق بالأسهم، كانت الأسواق الناشئة الأكثر تضررا، حيث انخفض مؤشر الأسواق الناشئة MSCI EM بنسبة 16 في المائة منذ آذار (مارس) 2018، بسبب الصين وتضرر قطاعا الطاقة والمواد بشكل خاص. في المقابل، بلغت المؤشرات الرئيسة في الولايات المتحدة مستويات شبه قياسية. وقاومت أوروبا أيضا بشكل جيد إلى حد ما، وفي كلتا الحالتين، قدمت المصارف المركزية دعما كبيرا.
على صعيد السندات، أدى السعي وراء تحقيق الأمن إلى انخفاض حاد في عائدات السندات الحكومية في البلدان المتقدمة منذ 2018، وانخفضت منحنيات العائد.
وصل العائد على سندات الخزانة الأمريكية لمدة عشرة أعوام في الأول من آب (أغسطس) إلى أدنى مستوى له منذ عدة أعوام، أو منذ أول خفض للسعر من قبل "الاحتياطي الاتحادي" في 2008.
وانتقل منحنى العائد لـ"المركزي الألماني" "بوندس" بالكامل إلى المنطقة السلبية، ويبلغ حجم الدين العام العالمي ذي العائد السلبي الآن 15.6 تريليون دولار. وتسارعت هوامش الائتمان في الأسواق الناشئة في الشهر الماضي، لكن سندات الشركات في البلدان الناشئة ذات العملات القوية، قاومت بشكل جيد.
وفيما يتعلق بالعملات، ارتفعت قيمة "الملاذات الآمنة" التقليدية "الدولار الأمريكي والفرنك السويسري والين الياباني"، في حين عانت عملات أخرى.

الأكثر قراءة