الحج في الديانات الأخرى
تظل علاقة الإنسان بربه وحاجته إلى غفرانه ورحمته مستمرة حتى المنكرون وأشد العصاة ومدعو الإلحاد، تجدهم في حالات ضيقهم أو مرضهم أو كبر سنهم أو دنو أجلهم لا يجدون ملجأ ولا منجى منه إلا إليه، تبارك الله في علاه.
لذا تجد البشر يتحينون مواسم العودة إلى الله والتطهر من الذنوب وطلب الرحمة فيحجون، كل حسب معتقده.
فاليهود على سبيل المثال يحجون ثلاث مرات في العام وكل حج مقترن بعيد. والحج في اليهودية فرض على الذكور فقط دون الإناث وتكون حجتهم في عيد الفصح لحائط المبكى أو البراق تخليدا لذكرى نجاتهم من فرعون، ويأكلون فيه النباتات المرة ويشربون كأسا من الماء المالح أو المخلوط بالخل كرمز للحياة القاسية التي عاناها أسلافهم. أما عيد المظلة فيتبع حجا يدوم سبعة أيام ويتميز بإنشاء المظلات أو العروش خارج البيوت تذكارا للعروش التي عاش فيها بنو إسرائيل في التيه. وأخيرا عيد الأسابيع وهو أحد أعياد الحج التي يحتفل بها اليهود بنزول التوراة، لذا يتلون سفر المزامير في اليوم الثاني من هذا الحج ويقدمون الهبات لهيكل سليمان ويبدأ الأولاد فيه تعلم العبرية.
ويتوق المسيحيون للحج إلى الأماكن التي مر بها المسيح استنادا لقول القديس جيروم: "إن من الدين التعبد فى الموضع الذى وطأته قدما المسيح"، على الرغم من أن الحج ليس من أركان ديانتهم الثلاثة "التجسد، الصلب، القيامة" ويكون حج مسيحيي الشرق لكنيسة القيامة ليشاهدوا معجزة قبر المسيح الذي يضيء في موعد قيامة المسيح نفسه حسب اعتقادهم ويبدأ حجهم بزفة الألم وزيارة الأماكن المقدسة، ومنها كنيسة يوحنا المعمدان وكنيسة المهد وصعود جبل التجربة وجبل صهيون وقبر الملك داود.
أما الروم الكاثوليك فيحجون إلى لورديس في فرنسا لظهور مريم العذراء للقديسة برناديت عام 1858 وبعضهم الآخر يحجون إلى الفاتيكان في روما.
ويحج الهندوس كل ثلاثة أعوام مرة إلى أربعة مواقع مختلفة على طول نهر الجانج الذي سقط فيه رحيق الخلود من القارورة التي تقاتلت من أجلها الآلهة والشياطين، حيث يحدث هناك أكبر تجمع بشري يضم من 60 - 70 مليون حاج من أجل طقوس الاستحمام أو الاغتسال في النهر للتطهر وتستمر شعائرهم 55 يوما من السابعة صباحا حتى السابعة مساء يتم خلالها تقديم البخور والتمسح بالرماد.
ويعد الحج من أعظم الطقوس الدينية لدى البوذيين طلبا للشفاء والمتعة الروحية وفيه يحجون إلى أربعة أماكن نيبال مسقط رأس بوذا وغابة بوذاكيا مكان استنارته وتعد المركز الرئيس لحجهم ومدينة بنارس، حيث كانت موعظته الأولى وقرية كوسى نارا حيث تمت له النيرفانا.