FINANCIAL TIMES

أمريكا .. بشائر أول بطاقة انتخابية لـ «النساء فقط»

أمريكا .. بشائر أول بطاقة انتخابية لـ «النساء فقط»

دعونا نتخيل أن الديمقراطيين لن يختاروا رجلا في السبعينيات من العمر، لخوض الانتخابات ضد الرئيس دونالد ترمب، في الانتخابات الرئاسية العام المقبل، قد يعتقد البعض أن هذا بعيد الاحتمال.
في النتيجة، يتصدر جو بايدن "76 عاما"، عمليات الاقتراع للترشح باسم الديمقراطيين حتى الآن، بينما يحتل بيرني ساندرز "77 عاما"، المركز الثاني.
بيد أن نفوذهما يقل أمام امرأتين هما إليزابيث وارن وكامالا هاريس.
الزخم مهم في الانتخابات الأولية ضمن الحزب المعارض.
ربما تكون هيلاري كلينتون قد أفسدت فرصها لشغل منصب الرئاسة في عام 2016، إلا أن ذلك لا ينفي أنها كانت فريدة من نوعها.
من الممكن تماما أن تكون هناك امرأتان في البطاقة الديمقراطية العام المقبل.
لنكن دقيقين أكثر، لربما كان ذلك هو الأمر المرغوب فيه.
هذا ليس ببساطة لأن هؤلاء المرشحات من النساء، لا غير، بل لأنه على العكس من كلينتون، لا تترشح وارن ولا هاريس لكسر الحواجز غير المرئية.
تريد وارن إلغاء الرأسمالية الأمريكية لمصلحة الطبقات الوسطى.
تريد هاريس جعل أمريكا مجتمعا أكثر عدالة، هما تتشاركان نقاطا إيجابية وسلبية.
كلتاهما شخصية قوية تولد الحماس داخل - وتجمع كثيرا من الأموال من - قاعدة الحزب.
كما جعلت كل منهما من نفسها رهينة للثروة من خلال تعهدها بإلغاء التأمين الصحي الخاص "على الرغم من أن هاريس غيرت فيما يبدو ذلك التعهد، بعد أن اتخذته خلال مناظرة تلفزيونية في حزيران (يونيو) الماضي".
كما أن هناك اختلافات كبيرة تفصلهما أيضا، يمكن لوارن أن تتغلب على معظم الاقتصاديين.
لم تطرح هاريس بعد نظرية اقتصادية بارزة، على أن لهاريس كاريزما لا تخطئها العين.
في المقابل، فإن لوران مخلصة وجادة وكأنها بروفيسورة، وهلمّ جرّا.
النقطة المهمة هي أن جنسهما بالكاد يظهر في هذه المقارنات.
ستكون هناك أربع نساء أخريات في مرحلة النقاش الأسبوع المقبل: إيمي كلوبشار، وكيرستن جيليبيراند، وتولسي جابارد، وماريان ويليامسون، ولم تحصل أي منهن على 1 في المائة، في عمليات الاقتراع.
علاقة فشلهن بكونهن نساء قليلة جدا مثل علاقة الثروات الصاعدة بأي من وارن وهاريس.
هذا هو الحزب الديمقراطي. السؤال المتكرر هو إذا ما كانت أمريكا ككل مستعدة لرئاسة امرأة؟ ناهيك عن بطاقة جميع أفرادها نساء.
جزء من الجواب هو أن الأمر يعتمد على أي امرأة هي تلك التي تتطلع إلى الرئاسة.
من الصعب مثلا، تخيل انتخاب إيفانكا ترمب، التي تحتفظ بطموحات الأسرة الحاكمة، رئيسة للدولة في الأجل القريب.
من الممكن رؤية نيكي هالي، مندوبة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة، تنجح في الأمر.
هناك مزحة قديمة عن رجل سئل عما إذا كان يؤمن بالزواج فرد قائلا، "يعتمد الأمر على من سأتزوج". هناك من يتصور إمكانية أن تفوز أي أو كل من وارن وهاريس على ترمب في التصويت الشعبي، وفقا للاقتراعات، وإن كان ذلك بفارق أقل من بايدن.
لم يصل أي استطلاع عن اثنتين في مواجهة ترمب ومايك بنس، نائب الرئيس.
أظن أن تحفظ مايك بنس سيجعله عرضة للخطر على المسرح.
قال بنس ذات مرة "إن الأنثى الوحيدة التي يمكنه تناول العشاء معها بمفرده هي زوجته".
ما زال القلق قائما فيما إذا كان يمكن انتخاب أي امرأة على الإطلاق، لدخول البيت الأبيض والجلوس في المكتب البيضاوي، حتى لو كانت نسخة أمريكية من مارجريت تاتشر.
إنها ستشغل منصب القائد الأعلى للولايات المتحدة. يركز المستشارون السياسيون بشكل كبير على "الإعجاب".
النساء عادة أقل "حظا" من الرجال، إذا أظهرن الجرأة، فسيعتبرن مندفعات، إما إذا ما أظهرن اللباقة، كالعادة، فهن ضعيفات.
إن نقل القوة دون إقصاء الناخب المتأرجح هو تحد يجب على بعض المرشحين الذكور مواجهته.
هذا هو المكان الذي تعد فيه تصنيفات ترمب ميزة لأي منافسة.
لقد سجل درجات من ناحية الإعجاب، ضمن فئات الناخبات الإناث، ينبغي أن يكون ممكنا لوارن، أو هاريس، استغلال ذلك.
إن رد الفعل ضد كره النساء قد يكسبهن أصواتا أكثر مما سيفوز به مرشح ذكر.
يفترض غالبا أن كلينتون خسرت في عام 2016 لأنها امرأة،
على أن الانطباع هو أنها اعتقدت أن دورها أدى أيضا إلى إبعاد الناخبين.
أحد الثوابت في تاريخ الرئاسة الأمريكية هو أن الناخبين يختارون شخصيات معاكسة لما هو لازم؛ قدم الأصل العرقي لباراك أوباما وميله الفكري، صورة مطابقة للإنجيلي معقود اللسان جورج دبليو بوش، وبدوره قدم بوش معارضة لبيل كلينتون الذكوري.
أي من سمات ترمب سيرغب الناخبون في دفنها؟ هناك قائمة من الخيارات، يكره البعض الجهل، إنهم يريدون رئيسا يمكنه تحديد مكان إفريقيا على الخريطة.
يكره آخرون عدم الوضوح: هناك 11 ألف رواية مرصودة في هذا الخصوص، وما زال العد مستمرا، كثير من الناس يشعرون بالقلق إزاء تضارب مصالحه التجارية.
ثم هناك الغرور الرئاسي الأولمبي، على شاكلة الوجود في كل مكان في جميع الأوقات، إذا قست الرئاسة بالتشبع الإعلامي، فإن الرئيس قد وصل بالفعل إلى ولايته الرابعة.
كل من وارن وهاريس نقيض له على جميع الأصعدة، على عكس بايدن وساندرز، من الممكن تخيل أي منهما أو كليهما يخدم فترتين كاملتين.
من المعقول تماما أن يتوق معظم الأمريكيين إلى استراحة من غرور أكثر ذكورية في الذاكرة، هاربين إلى واحة من التجريب الأنثوي.
سيكونون بلا شك قادرين على العثور على رجل آخر معجب بنفسه إذا شعروا بندم مثل ندم المشتري "عندما يندم الشخص على شراء سلعة معينة، ولا سيما إذا كانت باهظة الثمن".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES