«وي ويرك» الافتراضية تقلب واقع سوق العقارات العالمية

«وي ويرك» الافتراضية تقلب واقع سوق العقارات العالمية
«وي ويرك» الافتراضية تقلب واقع سوق العقارات العالمية

ماسايوشي صون، الملياردير الياباني، ترك بصمة لا تمحى في سوق العقارات في كاليفورنيا، عندما أنفق مبلغ 117 مليون دولار على عقار تبلغ مساحته تسعة فدادين في تلال بالو ألتو.
كان واحدا من أكبر المبالغ التي دفعت على الإطلاق مقابل منزل في الولايات المتحدة في ذلك الوقت.
على أن ذلك لا يبدو ضئيلا مقارنة بالتأثير الذي تركه رئيس شركة سوفت بنك في عالم العقارات التجارية، استثماره الذي يزيد على عشرة مليارات دولار في شركة وي ويرك WeWork.
خلال أقل من عقد من الزمن، شركة توفير المساحات المكتبية الخاسرة نمت من استئجار مبنى واحد في حي سوهو في نيويورك، لتصبح واحدة من أكبر المستأجرين في المدن في جميع أنحاء العالم.
نموها السريع يرجع إلى التفاؤل الجامح لرجلين: آدم نويمان، صاحب المشاريع البالغ من العمر 40 عاما ومؤسس شركة وي ويرك، وصون، الذي شجع رؤى تلميذه العالية.
كما ضخ أيضا الأموال في شركة هذا الشاب أكثر من أي مستثمر آخر، ما حدد قيمتها من الناحية العملية بقيمة 47 مليار دولار الآن، تتفوق على مجموعات العقارات المتداولة في البورصة كافة باستثناء مجموعة صغيرة منها.
قال نويمان لصحيفة "فاينانشيال تايمز" في مقابلة في أيار (مايو) الماضي: "ما جلبه إلى الطاولة كان مفكرا أكبر، الأمر الذي كنا نظن أنه من الصعب العثور عليه لأننا ظننا أننا مفكرون كبار جدا. دخل وقال: "واو، واو، واو، انتظروا. لماذا تستهدفون مليون عضو فقط في حين تستطيعون الحصول على خمسة ملايين؟".
مثل هذه المحادثات بين الرجلين تجسد إمكانات ومخاطر "وي ويرك" WeWork في الوقت الذي تستعد فيه الشركة لعملية اكتتاب عام أولي، من شأنها اختبار ما إذا كان المستثمرون الآخرون يشاركون وجهة نظرهما المتفائلة حول إمكانات الشركة.
مثل رئيس "سوفت بنك"، يعتبر المؤيدون نويمان صاحب رؤية تطبيق غرائز وديناميكية قطاع التكنولوجيا المعطلة على صناعة أكثر ثباتا.
بالنسبة إلى النقاد، كلاهما بائعان تمكنا من تضخيم نشاطهما التجاري في عصر من الأموال الرخيصة بلا نهاية، لكن سيتم اكتشاف أمرهما عندما تكون الظروف أقل ملاءمة. صياغة نويمان لرؤية الشركة هي أن: "ترفع وعي العالم". بالنسبة إلى منتقديه، هي شركة عقارية مبالغ في تقييمها.
مسألة من هو على صواب هي مسألة ذات أهمية لكل من قطاع العقارات العالمي وسوق الأسهم الأمريكية، بعد أن قدمت الشركة سرا الأوراق لهيئات تنظيم الأوراق المالية في الولايات المتحدة لتصبح شركة عامة في أواخر العام الماضي.
شركة وي ويرك هي الآن أكبر مستأجر في نيويورك وواحدة من أكبر المستأجرين في لندن. إذا تمكنت الشركة من مواصلة التوسع، وتقليل خسائرها وإقناع المستثمرين أن لديها أعمالا قوية طويلة الأجل مبنية حول التكنولوجيا، فإن الشركة ستساعد في دعم سوق المساحات المكتبية، في العديد من المدن الرئيسية في العالم.
إذا كان المستثمرون يشككون في نموذج الشركة – الذي يجمع بين عقود التأجير طويلة الأجل في مباني المكاتب والعقود قصيرة الأجل مع العملاء – سيتم الشعور بالتأثير في جميع أنحاء أسواق العقارات.
بعد كل شيء، العمل المشترك نما إلى ما هو أبعد من مكاتب الشركة البالغ عددها 485.
هناك ما لا يقل عن 350 شركة أخرى مدعومة من رأس المال المغامر أجرّت آلاف المباني لنفس الغرض، وذلك وفقا لأندريا تشيجوت، عالِمة الأبحاث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
وتقول: "آدم نويمان يدخل غرفة ويخبر المستثمرين قصة إلى جانب بياناته المالية. تلك القصة التي يخبرها لافتة للنظر. دائما ما كانت العقارات نموذج اشتراك، كانت عقد إيجار. الشركة غيرت تماما الفترة الزمنية للاشتراك، ومنحت طريقة سهلة فعلا للوصول إلى هذا. لقد سمحوا بالنقر لأجل الشراء".
السؤال الذي يحوم حول عملية الاكتتاب العام الأولي، بحسب تعبير المحللين في وكالة "سي بي إنسايت" CB Insights قبل شهرين: "هل نموذج عمل الشركة هو مجرد بيت من ورق يغذيه غبار سيليكون فالي السحري، كما يدعي النقاد؟ أم أن ملايين الأقدام المربعة من المساحات المكتبية، ومئات الآلاف من الأعضاء، ومستودع دائم التوسع من البيانات تشكل أكثر من مجرد مجموع أجزائه؟".
كانت النتيجة التي توصلوا إليها أن الشركة ربما تتمكن من الارتقاء إلى مستوى تقييمها، لكنها بحاجة إلى وقت قد لا يكون لديها ليكسب نموذجها قوة دفع، فضلا عن مزيد من ضخ النقود. كتب المحللون، "أمور كثيرة عن الشركة لا تزال افتراضات".
نويمان، الذي يتجول في المقر الرئيس لشركة وي ويرك في تشيلسي في أحذية رياضية من ماركة نايكي وقمصان منقوشة بالشعار، لم يكن أول من حاول الاستفادة من مساحات العمل المشترك.
حجم رؤيته ورغبته الجامحة للنجاح جذبت الموظفين في البداية، ومن ثم المستثمرين مثل شركة فيديليتي وتي روي برايس، التي سرعان ما حذت حذوهم.
في حين أن مشاريعه السابقة فشلت، بما في ذلك شركة كانت تبيع أحذية نسائية بكعب قابل للطي، وأخرى تصنع ملابس الأطفال مع حافظة واقية على الركبة، إلا أن الشركة حولت رئيسها إلى ملياردير على الورق.
من المعروف أنه لا يمكن التنبؤ به، حيث كان يثني الشركة لمصالحه الشخصية كما حدث عندما حظر على الموظفين صرف وجبات تحتوي على لحوم، أو اشترى شركة تصنيع آلات صنع الأمواج. إنها سمة تثير التوترات لدى بعض المستثمرين الذين يرجون بيع حيازاتهم قريبا.
من المحتمل أن يكون أسلوبه في الإدارة محط اهتمام المساهمين الآخرين الذين يدرسون ما إذا كان عليهم الاشتراك في عملية الاكتتاب العام الأولي للشركة، وذلك وفقا لديفيد إريكسون، الزميل في جامعة بنسلفانيا والمصرفي السابق في كل من مصرفي ليمان براذرز وباركليز.
يقول: "عندما يشتري المستثمرون في عمليات الاكتتاب العام الأولي، فإنهم يستثمرون في شركات لديها استراتيجيات يمكن تنفيذها من قبل إدارة قوية. كلما أسمع أكثر وأكثر عن الفريق هنا أكون غير مرتاح أكثر كمستثمر عام محتمل".
أشار مؤيدو نويمان إلى أنه أضاف تنفيذيين أكثر خبرة. على المستوى الداخلي، يشير بعض الموظفين إلى جين بارينتو آرتيمينسون، الرئيسة المشاركة وكبير الإداريين الماليين في الشركة على أنهما الأم والأب، وذلك وفقا لعدة أشخاص تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم.
وأضاف أحدهم أنه ينظر إليهما بأنهما مسؤولان عن إبقاء نويمان مركزا على الأعمال الأساسية واعتراض المشاريع الشاذة التي تهمه، على الرغم من أن الشركة تعترض على هذا الوصف.
يبدو أن مستثمري وول ستريت التقليديين غير مقتنعين بالحديث عن رفع الوعي، لكن عندما سئل عما إذا كان سيغير رسالته لإقناع جمهوره الجديد، أجاب نويمان مع ابتسامة: "هل تسأل ما إذا كنت سأستسلم؟ لا، نحن لن نستسلم".
وقال، "الشيء الوحيد الذي سأفعله بشكل مختلف هو أنني سأتوقف قليلا قبل التواصل. سأكون عميق التفكير أكثر حول كيف ستكون الأمور، سأتأكد أنني سأدخل الاجتماع مع بيانات".
كان المصرفيون لأسابيع يقدمون خدماتهم من أجل عملية الاكتتاب العام الأولي القادمة. السؤال الحاسم الذي سيواجهونه هو ما إذا كان المستثمرون المؤسسيون الذين بإمكانهم تقديم أو رفض عرض جديد، يتفقون مع وصف الشركة لنفسها بأنها شركة تكنولوجيا أو قياسها مقابل قطاع عقارات ذي تصنيف أدنى بكثير.
حتى محلل الأبحاث الذي يغطي الشركة لصالح بنك جيه بي مورجان تشيس، أحد المصارف الكبرى التي تتطلع إلى نيل التفويض، يضعها ضمن نطاق العقارات، وليس التكنولوجيا.
هذا التمييز أثبت في الأصل أنه شوكة في حلق بعض المستثمرين الأوائل الذين يحاولون بيع حصصهم بأسعار منخفضة. آخر استثمار لصون رفع التقييم الرئيس إلى 47 مليار دولار في كانون الثاني (يناير) الماضي، تضمن مليار دولار لجذب مستثمرين حاليين بسعر 20 مليار دولار.
أظهرت مستندات شركة الوساطة المالية التي اطلعت عليها الصحيفة أن المستثمرين المؤسسين كانوا على استعداد لمقايضة أسهم الشركة بخصم كبير إلى أعلى تلك التقييمات، حيث كان مبلغ 23 مليار دولار يمثل نقطة منتصف النطاق بالنسبة لبعض المستثمرين.
إذا تمكنت الشركة من الحصول على تقييم يبلغ نحو 47 مليار دولار، ستكون في المجموعة نفسها مثل شركتي فيديكس وجنرال موتورز.
حتى في نصف تقييمها الحالي، ستكون الشركة في مجموعة أمثال بوسطن للعقارات وفورنادو، وهما شركتان من الشركات العملاقة في مجال العقارات.
على عكس تلك الشركات ذات رأس المال الكبير، فإن شركة وي ويرك تستنزف النقود. في الربع الأول، خسرت نحو 700 مليون دولار.
الفرق في التقييم يعود إلى النمو: مبيعات الشركة تستمر في التضاعف، حيث وصلت العام الماضي إلى 1.9 مليار دولار وفي آذار (مارس) الماضي، قالت الشركة إنها في سبيلها إلى تحقيق إيرادات تزيد على ثلاثة مليارات دولار خلال العام التالي. إنه النمو الذي ستحسدها عليه حتى شركتي فيسبوك وجوجل.
يقول رون فيشر، نائب رئيس مجلس الإدارة في "سوفت بنك" وعضو في مجلس إدارة شركة وي ويرك: "لأنها مادية على الأرض، يفترض الناس على الفور أنه لا توجد تكنولوجيا. انظروا إلى ما يحدث وراء الكواليس، من عندما يبدأون في تصميم مبنى إلى كيفية تواصلهم مع بعضهم البعض. لديهم كثير من الخدمات التي يمكنها تحسين حياة الأعضاء وتكون مربحة جدا".

الأكثر قراءة