FINANCIAL TIMES

العقود الحكومية.. السوق الجديدة لـ«أمازون»

العقود الحكومية.. السوق الجديدة لـ«أمازون»

هل ينبغي أن تكون "أمازون" هي المتجر الجامع للحكومة الأمريكية؟ إنه سؤال تم طرحه بعد إجراء تعديل صغير، لكنه زلزالي في التشريع الذي يحكم الطريقة التي تشتري بها الحكومة الفيدرالية سلعها التجارية البالغة قيمتها 50 مليار دولار سنويا – من الآلات، إلى رقائق البطاطا، إلى ورق التواليت.
بفضل ما أصبح يعرف بشكل غير رسمي بـ"تعديل أمازون" لقانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2018، يجب أن يتوصل المسؤولون الحكوميون إلى حل لكل المشتريات من خلال التجارة الإلكترونية – وتجار الجملة يشتكون أن هذا سيسمح لأمازون بالقضاء على حصتهم السوقية، تماما كما فعلت في تجارة التجزئة.
بدأت أمازون بالتودد للأعمال الحكومية قبل بضعة أعوام، وفي عام 2017 وقعت صفقة مربحة مع 1500 وكالة عامة محلية، التي تم انتقادها من قبل مجموعات الدعم العام غير الربحية ـ مثل معهد الاعتماد على الذات المحلي ـ مدعية أن الصفقة ستؤدي إلى جعل القطاع العام يدفع أكثر، وليس أقل، مقابل البضائع. في العام الماضي، كادت أمازون أن تقتنص عقد حوسبة سحابية للبنتاجون بقيمةعشرة مليارات دولار قبل أن يتم إيقاف الصفقة، جزئيا بسبب شكاوى من المنافسين قالوا فيها إن أمازون اختطفت عملية العطاءات. وهي الآن محل منافسة بين مايكروسوف وأمازون.
الرابطة الوطنية لموزعي الجملة، وهي مجموعة تمثل أكبر الشركات في قطاع حجمه 5.6 تريليون دولار من المبيعات سنويا، تشن حرب علاقات عامة لمحاولة ضمان أن أعضاءها لن يخسروا العقود الحكومية لصالح أمازون. على وجه الخصوص، تشعر المجموعة التجارية بالاستياء من أن إدارة الخدمات العامة، وهي جزء من الحكومة مكلف بمعرفة أنموذج التجارة الإلكترونية الذي يجب استخدامه، تختبر نسخة "سوق إلكترونية" تعتقد المجموعة التجارية، وآخرين، بما في ذلك معهد الاعتماد على الذات المحلي، أنها ستفضل لاعبا واحدا ـ تم تجاهل خيارات أخرى للتجارة الإلكترونية، مثل بوابة تديرها الحكومة لعدة موردين.
كتب ديريك فان دونجين رئيس الرابطة الوطنية لموزعي الجملة، في رسالة في شباط (فبراير) إلى المشرعين: "من خلال تخصيص قناة واحدة، وواحدة فقط، للوصول إلى الزبون الحكومي، يتم الاعتداء على مبادئ مكافحة الاحتكار الأساسية والمبادئ التنافسية الواسعة". وقد تكون أعمال أعضائه من الشركات في خطر أيضا. لم تقل إدارة الخدمات العامة أي شيء عن تحديد الرسوم التي يمكن أن تفرضها أمازون على البائعين. بائعو الجملة ومعهد الاعتماد على الذات المحلي يشعرون بالقلق من أن البائعين قد يتضررون من رسوم بنسبة تصل إلى 15 في المائة على قيمة البضائع المُباعة. رفضت أمازون تأكيد أو نفي ذلك الرقم، ولم تقل ســـوى إن "الرسوم تختلف".
بالقدر نفسه من الأهمية، قد تكون هذه الشركات عرضة لخطر أن يتم التنقيب في بياناتها. وهذا من شأنه أن يجعلها عرضة لخطر تخفيض أسعار منتجاتها. تم اتهام مجموعة التجارة الإلكترونية في الماضي من قبل بعض متاجر التجزئة بمراقبة مبيعات الطرف الثالث على منصتها، ومن ثم استخدام تلك المعلومات للسيطرة على المنافسين. من جانبها، قالت أمازون إنها تستثمر بشدة لمساعدة الطرف الثالث من البائعين وإنهم، ككل، يتفوقون على قسم تجارة التجزئة الخاص بالشركة.
لذلك إذا كان تجار الجملة لا يحبون أنموذج أمازون، فلماذا لا يجتمعون معا ببساطة وينشئون منصة خاصة بهم؟ ففي النهاية، لا يوجد في التشريع ما يمنع سوقا إلكترونية أخرى من الحصول على الأعمال الحكومية. لكن هذا لم يحدث، كما تقول ستيسي ميتشيل، المديرة المُشاركة لمعهد الاعتماد على الذات المحلي، لأن "كثيرا من المتطلبات المعينة التي تُحددها إدارة الخدمات العامة تفضل أمازون بقوة وتجعل من غير المحتمل للغاية أن يتمكن مزود منصة آخر من المنافسة".
حتى إذا تمكنوا من ذلك، فقد يكون الأوان قد فات. يعترف فان دونجين قائلاً: "أمازون جيدة بشكل لا يصدق فيما تفعله". علاوة على ذلك، يتعين على الشركات التقليدية تبني مزيج المنافسة والتعاون المتأصل في السوق الإلكترونية كما تمارسه أمازون. التعاون من أجل مشاركة التكنولوجيا والبيانات قد يكون بمثابة تحوّل ثقافي كبير كما هو الحال في الصناعات الأخرى.
يقول فان دونجين إن أعضاء رابطته لا يعترضون على المنافسة، وجميعهم يؤيدون مزيدا من الكفاءة الحكومية من خلال التجارة الإلكترونية. لكنهم يعتقدون أن هذه معركة، بحسب تعبيره، حول "كيفية ممارسة اللعبة". يقول منافسون إن أمازون استخدمت نفوذها الكبير في واشنطن – فهي تمارس الضغط أكثر من أي شركة أخرى – للحصول على ميزة غير عادلة على الآخرين. ولهذا الغرض عينت آن رونج كبيرة الإداريين للمشتريات في إدارة باراك أوباما، التي كانت منذ ذلك الحين تتبادل رسائل بريد إلكتروني مع مسؤول في إدارة ترمب حول كيف ينبغي نشر عملية إدارة الخدمات العامة. تقول أمازون إن رونج كانت تمتثل لقواعد أخلاقيات البيت الأبيض.
زاك فريد، الباحث في معهد الاعتماد على الذات المحلي، يرى أن "أمازون تحاول إجراء تغييرات جوهرية في معايير المشتريات الفيدرالية. في الوقت الحالي، هناك معايير حول الشفافية وتسعير المشتريات الحكومية". ويعتقد أن أنموذج أمازون "سيحول دون ذلك".
لكن هل سيعمل هذا على توفير أموال دافعي الضرائب؟ ربما لا. هناك دراسة أجرتها كلية الدراسات العليا البحرية في عام 2017، قارنت أنظمة المشتريات في إدارة الخدمات العامة بأنظمة أمازون، ووجدت أن برنامج إدارة الخدمات يعرض أدنى الأسعار في 80 في المائة من الحالات. مع ذلك، لا يزال المشترون يفضلون سهولة استخدام أمازون.
لكن لعل هذا جزء من المشكلة. فكرة أن شراء المواد للحكومة ينبغي أن تكون بسهولة شراء المواد لنفسك – بصرف النظر عن التكاليف من حيث الشفافية – هي مشكلة من صنع أمازون. لكن القطاع العام ليس أسرة. إذا شعرت الشركات والمواطنون بأن عملية الشراء أصبحت أسيرة، فسيكون ذلك خسارة صافية للحكومة – وللمجتمع ككل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES