FINANCIAL TIMES

للأسف .. أحفاد المهاجرين يفقدون اللغة الأم

للأسف .. أحفاد المهاجرين يفقدون اللغة الأم

في معرض أقيم في متحف "تيت بريطانيا" Tate Britain، ضم أعمال فنانات عشن خلال حقبة امتدت 60 عاما، يوجد عمل عبارة عن ثلاثة مقاطع فيديو بعنوان "اللغة الأم" للفنانة زينب سديرة المولودة في باريس، المقيمة في لندن. في مقطع الفيديو الأول تتحدث سديرة مع والدتها المولودة في الجزائر- والدتها تتحدث العربية وسديرة ترد بالفرنسية.
في الفيديو الثاني تتحدث سديرة الفرنسية مع ابنتها الصغيرة التي ترد بالإنجليزية التي تعلمتها في مدرستها في المملكة المتحدة. وفي الفيديو الأخير تتحدث الجدة والحفيدة مع بعضهما بعضا. أو على الأقل تحاولان ذلك. الصبية الصغيرة تبدو مشوشة، والجدة معجبة وحزينة. لا يمكنهما التحدث إلى بعضهما باللغات التي تشعران بالراحة أكثر تجاهها.
فكرت في هذا عندما قرأت، وفقا لاستطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث نشر الأسبوع الماضي، أن 29 في المائة من الأمريكيين قالوا إنهم يشعرون بالانزعاج إلى حد ما إذا سمعوا شخصا يتحدث لغة غير الإنجليزية في مكان عام. كان كبار السن أكثر استياء. قال أكثر من 40 في المائة ممن تزيد أعمارهم على 50 عاما إن سماعهم للغات أخرى أزعجهم.
التوجه السياسي يحدث فرقا. 18 في المائة فقط من الديمقراطيين، أو من يميلون إلى الديمقراطيين قالوا إنهم يستاؤون من سماع اللغات الأخرى. لكن 47 في المائة من الجمهوريين قالوا إنهم ينزعجون من اللغات الأجنبية في الأماكن العامة.
في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تعرض أناس للاعتداء بسبب التحدث باللغة الإسبانية في الأماكن العامة. هذه الاعتداءات وحشية، ولا معنى لها. إذا استقروا في الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة، فإن أطفال أولئك المتحدثين بلغات أخرى سيكونون أكثر راحة في التحدث باللغة الإنجليزية من أي لغة أخرى. وكما هو الحال في مقاطع فيديو سديرة سيكون من النادر تقريبا أن يتحدث الجيل التالي بلغة العائلة الأصلية.
يظهر عديد من الدراسات أن اللغات التراثية يتم فقدانها بالكامل تقريبا عند أحفاد المهاجرين. كان أجدادي متحدثين لليديشية من جانب، والألمانية من جانب آخر. يمكنني استرجاع بضع كلمات من اللغة الليديشية وكافحت، وفشلت، مع التعقيدات النحوية الألمانية.
تناولت دراسة نشرت في مجلة "ديموجرافي" في عام 2002، عمليات التعداد السكاني في الولايات المتحدة في الأعوام 1940 و1970 و1990 والإجابات التي قدمها الناس عن اللغات التي يتحدثون بها في المنزل. كشف تعدادا 1940 و1970 عن نمط المهاجرين الأوروبيين الذين أتوا إلى الولايات المتحدة من بلدان مثل ألمانيا وبولندا وإيطاليا واليونان.
تعلم بعض أجيال المهاجرين اللغة الإنجليزية، لكنهم فضلوا التحدث بلغاتهم الأم، خاصة في المنزل. غالبا ما نشأ أطفالهم بلغتين، لكن كثيرين اختاروا التحدث باللغة الإنجليزية، حتى لآبائهم المهاجرين. عندما أنشأ أبناء هذا الجيل ثنائي اللغة منازلهم الخاصة، كانوا يتحدثون الإنجليزية في المنزل. قالت الدراسة: "وبالتالي، من الجيل الثالث، النمط السائد هو اللغة الإنجليزية وحدها، ومعرفة اللغة الأم بالنسبة لمعظم الأعراق تكون بسيطة جدا في أحسن الأحوال".
ما أراد الباحثون التوصل إليه، باستخدام إحصاءات عام 1990، هو ما إذا كان الشيء نفسه ينطبق على المهاجرين الجدد من كوبا والمكسيك والصين ودول آسيوية أخرى. بالنسبة لأحفاد المهاجرين من آسيا، كان لديهم النمط نفسه: أكثر من 90 في المائة يتحدثون الإنجليزية فقط في المنزل.
كان هناك بعض الدلائل على أن فقدان اللغة عبر الأجيال أقل بالنسبة للناطقين بالإسبانية: ثلاثة أرباع الجيل الثالث من الكوبيين يعيشون في أسر لا تستخدم غير الإنجليزية. الأمر نفسه ينطبق على ثلثي المكسيكيين. لذا بقيت اللغة الإسبانية إلى الجيل الثالث في أقلية من الأسر. وكانت أكثر انتشارا في جيوب يغلب فيها التحدث بالإسبانية، خاصة بالقرب من الحدود الأمريكية المكسيكية.
هل زادت هذه النسبة من الجيل الثالث من الأمريكيين الناطقين بالإسبانية، بالنظر إلى زيادة انتشار وسائل الإعلام الإسبانية ومحتوى الإنترنت، ومكالمات "سكايبي" ومزيد من الرحلات المتكررة بين الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية؟
جزئيا، نعم. أظهرت دراسة أجراها مركز "بيو" عام 2015 أن 97 في المائة من المهاجرين الأمريكيين الناطقين بالإسبانية يتحدثون اللغة الأم مع أطفالهم، لكن النسبة تضاءلت إلى 71 في المائة في الجيل التالي و49 في المائة في الجيل الثالث.
أولئك الذين ينجحون في الاستمرار في التحدث بكلتا اللغتين، ويقاومون اتجاه المهاجرين السابقين، يسدون لأطفالهم معروفا. ثنائية اللغة نعمة. لها فوائد معرفية راسخة والتحدث بلغتين عالميتين مثل الإنجليزية والإسبانية ميزة إيجابية في سوق العمل وتعد أحد الأصول بالنسبة لأصحاب العمل.
نحن الذين فقدنا لغة أجدادنا ينبغي أن نشعر بالغيرة – مهما كان مدى انزعاج بعضهم من سماع لغات أخرى.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES