طي ورقة يشغل صاروخا

عندما يتحول الفن من مجرد هواية وإمتاع للعين والنفس إلى اختراعات تفيد البشرية وتنقذ المرضى، ثنيات بسيطة في ورقة صغيرة فتحت آفاقا علمية جديدة وابتكارات لا يمكن أن تتخيل أن منبعها فن "طي الورق" أو "الأوريجامي".
وهو فن ياباني يتم فيه تحويل الورق المسطح المربع الشكل في الأغلب من خلال تقنيات الطي إلى جسم ثلاثي ما يثير الدهشة والاستغراب، فكيف لطيات بسيطة أن تحول ورقة إلى مجسم غاية في الدقة والروعة؟!
وهذا الفن لا يقوم على الموهبة فقط بل علم له قواعد وأسس وخوارزميات رياضية ومدارس مختلفة. أول من استحدث هذا الفن اليابانيون في القرن الـ17 الميلادي، ليتوسع وينتشر في بقية أنحاء العالم!
أسهم روبرت جيه لانج "أسطورة من أساطير الأوريجامي" في ابتكار وتطبيق مبادئ جديدة لفن الأوريجامي وألهم بعض العلماء الآخرين بحلول لمشكلات هندسية معقدة، بعد أن تخلى عن حياته المهنية كفيزيائي وعالم رياضيات مع "ناسا" ليكرس نفسه لحبه الأول "فن الأوريجامي" قام لانج بمساعدة شركة الهندسة الألمانية في تصميم وسادة هوائية باستخدام تقنيات الأوريجامي لتقليل سرعة الركاب حتى الصفر في جزء من الثانية حتى لا يرتطموا بأجزاء السيارة الداخلية عند اصطدامها بجسم آخر أو توقفها المفاجئ.
واستفاد العلماء في شتى المجالات خصوصا المهندسين من جمال ودقة تقنيات الأوريجامي في تقديم تصميمات رائعة وابتكارات علمية فعالة لحل عديد من المشكلات التقنية والطبية، وأشهر من استغل هذه التقنية باحثو معهد ماساتشوستس للتقنية، فقد قاموا بالتعاون مع جامعة شيفيلد في إنجلترا ومعهد طوكيو للتقنية بابتكار كبسولة يتم التحكم في حركتها عن طريق مغناطيس خارجي لتنتقل إلى مواقع محددة داخل الجسم، تحتوي الكبسولة على روبوت أوريجامي صغير في داخلها، يخرج حال فتح الكبسولة لإزالة الأجسام الداخلية الصغيرة أو لإيصال الدواء وتضميد الجراح! كما صمموا بالتعاون مع باحثين في جامعة هارفارد عضلات اصطناعية اعتمادا على تقنية الأوريجامي يمكنها رفع الأجسام حتى ألف ضعف وزنها.
كما ستساعد هذه التقنية في المعارك وحرب الشوارع والمداهمات، فقد اخترع أستاذ الهندسة الميكانيكية لاري هويل من جامعة بريجهام يونج درعا مقاومة للرصاص تستند إلى نمط قابل للطي يرجع تاريخه إلى ما يقرب من 100 عام، يمكن طيه وحمله بسهولة في سيارات الشرطة.
ومن ذلك الفن استوحت شانون زيبرل من جامعة بريجهام يونج فكرة للتقليل من تكلفة الوقود النووي المستخدم لإطلاق المركبات الفضائية وتشغيل المعدات التكنولوجية لاستكشاف المجرات بالجمع بين الطاقة النووية والشمسية بتصنيع ألواح للطاقة الشمسية يمكن طيها وحملها في المكوك الفضائي ثم فردها بحجمها الحقيقي في الفضاء الخارجي!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي